سيطرة الذكاء الاصطناعي على البشر .. أمر مناف للعقل

سيطرة الذكاء الاصطناعي على البشر .. أمر مناف للعقل

قال يان ليكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في ميتا، إن التنظيم المبكر لمجال الذكاء الاصطناعي لن يعمل إلا على تعزيز هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى ويقمع المنافسة.
"إن تنظيم البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي له نتائج عكسية تماما"، كما أخبر ليكون، وهو أحد الباحثين الرائدين في العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، "فاينانشيال تايمز" قبل مؤتمر السلامة في الذكاء الاصطناعي في بليتشلي بارك الذي تستضيفه الحكومة البريطانية. "يريدون السيطرة التنظيمية خلف ستار أمان الذكاء الاصطناعي".
نبعت مطالب تنظيم الذكاء الاصطناعي من "عقدة السيطرة" عند بعض شركات التكنولوجيا الرائدة التي جادلت بأنها الوحيدة التي يمكن الوثوق بها لتطوير الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة، كما قال ليكون. "أعتقد أن ذلك تعجرف لا يصدق. وأعتقد أن الأمر على العكس تماما"، كما قال في مقابلة لسلسلة البودكاست المقبلة "تيك تونيك" من "فاينانشيال تايمز".
قال، سيكون تنظيم نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة اليوم كتنظيم صناعة الخطوط الجوية للطائرات النفاثة في 1925 عندما لم تكن مثل هذه الطائرات قد اخترعت بعد. "إن الجدال حول الخطر الوجودي سابق لأوانه للغاية حتى يصبح لدينا تصميم لنظام يمكن أن ينافس القطة من ناحية قدرات التعلم، (حيث ذكر مسبقا أن الذكاء الاصطناعي لم يصل حتى لذكاء القطط)، وهو ما لا نملكه في الوقت الحالي".
انشقت ميتا، التي أطلقت نموذجها "لاما" للذكاء الاصطناعي التوليدي، عن شركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى، مثل جوجل وأوبن إيه أي المدعومة من مايكروسوفت في الدفاع عن أنظمة الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، والتي يمكن الوصول إليها بسهولة أكبر. يدعى آخر نماذج أوبن إيه أي "شات جي بي تي-4" بالصندوق الأسود، حيث إن البيانات والرموز المستخدمة لبناء النموذج غير متاحة للأطراف الثلاثة.
جادل ليكون بأن النماذج مفتوحة المصدر حفزت المنافسة وأتاحت مزيدا من التنوع للأشخاص لبناء أنظمة الذكاء الاصطناعي واستخدامه.
لكن يخشى النقاد من أن وضع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي القوية في أيدي الأطراف التي قد تكون سيئة يضخم مخاطر المعلومات المضللة والحرب الإلكترونية والإرهاب البيولوجي على النطاق الصناعي.
قال ليكون إن حججا مشابهة عن ضرورة التحكم بالتكنولوجيا سريعة التطور قد قدمت عند بداية الإنترنت لكن تلك التكنولوجيا لم تزدهر إلا لأنها ظلت منصة مفتوحة ولا مركزية.
"سيحدث الشيء نفسه مع الذكاء الاصطناعي"، كما قال.
أكد ليكون مشاركته في القمة التي ستبدأ في الأول من نوفمبر لمدة يومين في مركز مفككي الشفرات أثناء الحرب العالمية الثانية في الريف الإنجليزي في مكان ليس بعيدا عن لندن.
ليكون هو أحد الباحثين الرائدين في العالم في الشبكات العصبية العميقة، التي دعمت آخر التطورات في الذكاء الاصطناعي التوليدي. في 2018، فاز بجائزة تورنج لعلوم الكمبيوتر بالشراكة مع جيفري هينتون ويوشوا بنجيو.
لكن منذ ظهور نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي القوية، مثل شات جي بي تي، عبر هينتون وبنجيو عن قلقهما إزاء المخاطر التي يشكلها الجيل المقبل من نماذج الذكاء الاصطناعي. دعا كلاهما إلى التباطؤ في تطوير النماذج الرائدة، وحذرا من المخاطر الوجودية المحتملة للذكاء الاصطناعي.
لكن، رفض ليكون فكرة أن الذكاء الاصطناعي قد يقتل البشر، عمدا أو تلقائيا، ووصفها بأنها "منافية للعقل". قال إن الناس تعودوا على الخيال العلمي وسيناريو فيلم تيرمينيتور، لذا يصدقون أن آلات ذكية ستسيطر على العالم إذا أصبحت أذكى من البشر.
"ليس للذكاء علاقة بالرغبة في السيطرة. لا ينطبق ذلك حتى على البشر"، كما قال. "إذا كان صحيحا أن البشر الأذكى يريدون السيطرة على الآخرين، فإن ألبرت آينشتاين والعلماء الآخرون كانوا أثرياء وأصحاب نفوذ، لكنهم لم يكونوا أيا من ذلك".
قال ليكون إن الجيل الحالي من نماذج الذكاء الاصطناعي لا يكاد يكون على مستوى القدرة الذي ادعاه بعض الباحثين. "لا تفهم كيف يسير العالم. ليست قادرة على التخطيط. ليست قادرة على التفكير المنطقي الحقيقي"، كما قال. وأضاف، "لا توجد لدينا سيارات ذاتية القيادة مستقلة تماما تستطيع تدريب نفسها على القيادة خلال 20 ساعة من التدريب، وهو أمر يستطيع الأشخاص البالغة أعمارهم 17 عاما فعله".
قال باحث ميتا إن أوبن إيه أي وديب مايند التابعة لجوجل قد كانتا "مبالغتين في التفاؤل باستمرار" بشأن تعقيدات المشكلة وأنه لا تزال هناك حاجة إلى كثير من "الاكتشافات المفاهيمية" قبل أن تصل أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى مستوى الذكاء البشري. حتى عندما يحدث ذلك، يمكن التحكم بها عن طريق ترميز "طابع أخلاقي" في هذه الأنظمة بالطريقة نفسها التي يسن بها الناس القوانين للتحكم في سلوك البشر.
أقر ليكون أن الآلات ستصبح أذكى من البشر يوما ما في أغلب المجالات لكنها ستحفز نهضة ثانية في التعلم. وقال إن أنظمة الذكاء الاصطناعي القوية ستساعد البشرية على مواجهة التحديات الكبيرة، مثل مكافحة تغير المناخ وعلاج الأمراض.
"لا شك أنه سيكون هناك آلات أذكى منا تساعدنا. والسؤال هو: هل ذلك مخيف أم مشوق؟ أنا أعتقد أنه مشوق لأن تلك الآلات ستتبع أوامرنا. ستكون تحت سيطرتنا"، كما قال.
وقال ليكون إن ميتا قد أدرجت الذكاء الاصطناعي بالفعل في كثير من خدماتها، بما فيها السلامة والأمن ومراقبة المحتوى، وستكون جزءا لا يتجزأ من تطبيقات الشركة للواقع المعزز والافتراضي في المستقبل.
في نهاية الأمر، يستطيع الجميع الوصول إلى مساعدة الذكاء الاصطناعي التي ستساعدنا على إدارة حيواتنا اليومية. "أي تفاعل للناس مع العالم الرقمي سيكون عن طريق أنظمة الذكاء الاصطناعي. بعبارة أخرى، لن نستخدم محركات البحث بعد الآن"، كما قال.

الأكثر قراءة