احذر أسهم شركات التكنولوجيا الجيدة .. قد تصبح فاشلة

احذر أسهم شركات التكنولوجيا الجيدة .. قد تصبح فاشلة

تعد الأسواق كالمراهقين - مزاجية وتشعر بالملل سريعا. فهي تحب "الشيء الجديد".
شهدت أسواق الأسهم هذا العام انخفاض معظم أسعار الأسهم، لكن عددا ضئيلا منها ارتفع بشكل مثير للإعجاب - خاصة شركات التكنولوجيا التي تهيمن على المؤشر العالمي. إن تقييم بعض هذه الشركات الآن بعيد كل البعد عن تقييم الأسهم الأخرى.
لنأخذ على سبيل المثال شركة أبل، التي تمثل وحدها 5.2 في المائة من المؤشر العالمي "وقد ارتفعت أسهمها 43 في المائة حتى الآن هذا العام". يعد المقياس الشائع لتقييم الشركة هو نسبة سعر سهمها إلى الأرباح - "نسبة بي إي- PE". وتبلغ نسبة سعر السهم إلى الأرباح لشركة أبل 29 ضعفا. وتقدم عائد توزيعات أرباح بنسبة 0.6 في المائة، ومن المتوقع أن تنمو أرباحها 8.8 في المائة العام المقبل.
وبالمقارنة، تمثل سوق الأسهم في المملكة المتحدة بأكملها 3.9 في المائة فقط من المؤشر العالمي. ونسبة السعر إلى الأرباح هي عشرة أضعاف. وتقدم عائد توزيعات أرباح بنسبة 4 في المائة، ومن المتوقع أن تزيد الأرباح 7 في المائة العام المقبل.
تأتي إثارة شركات التكنولوجيا من "الأشياء الجديدة" التي تحقق نموا أعلى في المبيعات. وربما يكون لدى شركة أبل هاتف آيفون 15 وساعة جديدة وسماعات آيربودز، لكن المحللين يتوقعون نمو المبيعات 6 في المائة فقط في العام المقبل. وفي مقابل ذلك، هناك خطر من أن توسع بكين حملتها لدفع المستهلكين الصينيين إلى شراء الهواتف الذكية المحلية بدلا من الآيفون.
وماذا عن أسهم التكنولوجيا الأخرى؟ من المتوقع أن تنمو مبيعات مايكروسوفت بمعدل ضعف مبيعات أبل وأن تنمو أرباحها 12 في المائة العام المقبل. واستنادا إلى هذه الأرباح الآجلة، فإن الشركة لديها نسبة سعر إلى الأرباح تبلغ 28 ضعفا، وهو ما يبدو حسنا، حتى لو ارتفع سعر السهم 40 في المائة تقريبا هذا العام. تبدو شركة مايكروسوفت في وضع جيد للنمو في الذكاء الاصطناعي، سواء في تطبيقاتها البرمجية أو أعمال استضافة مواقع الإنترنت. لكنها في صراع مع سلطات الضرائب الأمريكية، التي تطالبها بدفع مبلغ 28.9 مليار دولار من الضرائب المتأخرة. من المحتمل أن يلقي ذلك بظلاله على الأسهم.
ومن غير المتوقع أن تنمو مبيعات شركة ألفابيت "جوجل" هذا العام، ويرجع ذلك جزئيا إلى الدولار القوي، ما يجعل قيمة إيراداتها الخارجية أقل، ويخفض إيرادات الإعلانات الأمريكية. ومع ذلك، تستمر الأرباح في النمو مع خفض التكاليف، بما في ذلك إلغاء 12 ألف وظيفة هذا العام. ونسبة السعر إلى الأرباح متواضعة عند 24 ضعفا فقط أعلى من متوسط مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأمريكي الذي يبلغ 17 ضعفا.
والآن نأتي إلى الأسهم الأكثر إثارة! تعد إنفيديا الآن خامس أكبر شركة في العالم، حيث تبلغ قيمتها 1.2 تريليون دولار بعد أن ارتفع سعر سهمها بأكثر من 300 في المائة خلال عام واحد. ومن المتوقع أن تتضاعف مبيعاتها في العام المقبل وأن ترتفع أرباحها بمقدار ثلاثة أضعاف ونصف، ما يتركها عند نسبة سعر إلى الأرباح تبلغ 40. وهي بذلك باهظة الثمن، لكنها تتمتع بقصة نمو ساحرة بفضل معالجاتها القوية ونمو الذكاء الاصطناعي.
شركة أمازون - التي ارتفعت قيمة أسهمها 53 في المائة هذا العام - تستفيد أيضا من قصة الذكاء الاصطناعي في أعمالها للحوسبة السحابية أيه دبليو إس "نحو ثلث الشركة" ولكنها تدافع عن أعمالها الأساسية للتسوق عبر الإنترنت من تحقيق يتعلق بمكافحة الاحتكار. ومن المتوقع أن تنمو مبيعات الشركة 11 في المائة هذا العام، وهي نسبة متقدمة بشكل متواضع فقط على معدل التضخم، لكن ينبغي أن ترتفع الأرباح بأكثر من ثلاثة أضعاف لأن الشركة تتحكم بالتكاليف. وقد سرحت تسعة آلاف موظف. لكن حتى هذه القفزة في الأرباح ستؤدي فقط إلى انخفاض نسبة السعر إلى الأرباح إلى 57 ضعفا العام المقبل.
شركة تسلا "التي ارتفعت أسهمها 143 في المائة هذا العام" هي شركة أخرى مع نادي معجبين يبدو غير مهتم بتقييمها. ينبغي أن ترتفع المبيعات هذا العام بأكثر من 20 في المائة. لكن المنافسة السعرية المتنامية من شركات صناعة السيارات الصينية، وبشكل متزايد من اللاعبين الرئيسين في اليابان وألمانيا، تعني أنه من المتوقع أن تنخفض أرباحها، ما يتركها بنسبة سعر إلى الأرباح تزيد على 70 ضعفا، وهو ما يبدو متقلبا.
وأخيرا، ميتا - الشركة المعروفة سابقا باسم فيسبوك. فقد ارتفع سعر سهمها 162 في المائة هذا العام. ربما بالتراجع قليلا عن حماستها للميتافيرس، من المفترض أن تنمو مبيعاتها بأكثر من 14 في المائة والأرباح بأكثر من 30 في المائة، ما يتركها عند 22 ضعفا فقط من حيث نسبة السعر إلى الأرباح. ولدى الشركة ادعاء جيد بأن تكون في وضع جيد في مجال الذكاء الاصطناعي نظرا إلى نموذجها اللغوي الكبير، إل إل أيه إم أيه. أما المقترحات بأنها قد تقدم مواضع للإعلان على تطبيق واتساب فقد تؤدي إلى زيادة الإيرادات لأن هذه الخدمة الرائجة لا تسهم حاليا إلا قليلا في قيمة المساهمين.

منتجات التكنولوجيا الفاشلة والضجيج

يعد الميتافيرس مثالا جيدا على التكنولوجيا التي تشبه المنتج الفاشل - على الأقل في المدى القصير والمتوسط. لقد شهد العقدان الماضيان كثيرا من هذه الأشياء. هل تذكرون التلفزيون ثلاثي الأبعاد وجهاز بالم بايلوت ومنصة ماي سبايس ونظارات جوجل؟
ما مقدار الأموال التي كسبها أي شخص من إنترنت الأشياء IOT؟ كم عدد الأشخاص الذين قاموا بتوصيل ثلاجتهم الجديدة بشبكة الإنترنت اللاسلكي الخاصة بهم للمسح الضوئي للطعام الداخل والخارج منها وإعادة الطلب تبعا لذلك؟ لقد تم إنشاء صناديق الاستثمار على خلفية هذا الأمر الذي اختفى بهدوء. تقدم إنترنت الأشياء مقارنة جيدة للحماس الحالي بشأن الذكاء الاصطناعي.
لا يعني ذلك أن الأمر لم يحدث، فقط ليس إلى الحد الذي تمت المبالغة فيه. لم يجد الناس الوظائف الجديدة مفيدة لهذا الحد، وبالتالي، بعد فترة من قيام الشركات بوضع مزيد من الرقائق في الأشياء، لا يمكن تبرير أي أسعار إضافية من خلال عملية التحسين.
أظن أنني لست وحدي في البحث عن منتجات استهلاكية فيها عدد أقل من الأدوات. وهذا ليس فقط لأنني أتقدم في السن وألتزم بما اعتدت عليه، أو لأنني أتكاسل كثيرا عن قراءة جميع التعليمات "على الرغم من أنني أعترف أن السبب قد يكون ذلك جزئيا". لكن السبب يرجع إلى حد كبير إلى أن الأداة غير الضرورية هي الجزء الذي يتعطل في أغلب الأحيان، ما يؤدي إلى تعطل الجهاز بكامله.

انفجار الفقاعات

في بعض الأحيان تنجح التكنولوجيا، فكر في الكاميرات الرقمية. ولكن هناك كثيرا من اللاعبين في هذا المجال ما يجعل الأرباح ضئيلة.
وفي بعض الأحيان يكون من السابق لأوانه معرفة من سيفوز ومن سيخسر. لا يمكن لأحد أن يشك بشكل جدي بأن الإنترنت قد غيرت حياتنا، لكن فقاعة الدوت كوم وانهيارها في أواخر التسعينيات يذكرنا بأن الحماس يمكن أن يفوق المكافأة.
إذن، كيف ينبغي للمستثمرين أن ينظروا إلى "الشيء الجديد" من الذكاء الاصطناعي؟ يبدو من الواضح أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي ستكون واسعة الانتشار وتعزز الإنتاجية. ستؤثر بشكل كبير في القطاعات التي تعتمد على معالجة كميات كبيرة من البيانات، من أتمتة المصانع إلى الصحافة. ومما لا شك فيه أن معظم الشركات ستبحث عن طرق لتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي في أعمالها. وكما هي الحالة دائما، سيؤدي اكتشاف الذهب إلى تسريع مبيعات المجارف - صانع المجارف بالنسبة إلى الذكاء الاصطناعي هو رقائق إنفيديا وأسهم الحوسبة السحابية المرتبطة بها.
ومع ذلك، فإن القيمة السوقية للذكاء الاصطناعي على المدى الطويل ستكون مرتبطة باستفادة المستهلك الفعلية من التطبيقات وتحسينات الإنتاجية التي تتحقق.
يعلمنا التاريخ أن الأمر لا يستحق المجازفة مع الأسهم المرتفعة بتقييمات مرتفعة. ولا سيما في البيئة الحالية، حيث يعني التضخم وارتفاع أسعار الفائدة أنه قد تم رفع العائق بشأن مقدار ما يجب أن تقدمه الأسهم لتبرير الاستثمار.
إذا كنت ستشتري أسهم التكنولوجيا اليوم، فاحذر من دفع أسعار جنونية. فحتى الشركات الجيدة يمكن أن تصبح فاشلة في محفظتك الاستثمارية إذا دفعت كثيرا لقاءها.

الأكثر قراءة