مجافاة البضائع الفاخرة .. ضغط اقتصادي كلي

مجافاة البضائع الفاخرة .. ضغط اقتصادي كلي

غادر تود فوجت خالي الوفاض بعد زيارته متاجر لويس فويتون ورولكس في منطقة التسوق الراقية في ويست إند في لندن هذا الأسبوع.
كان مدير شركة التعدين الكندي وزوجته قد قام بعمليات شراء من قبل، لكنه قال إن إنفاقهما على البضائع الفاخرة تلقى ضربة "بالتأكيد" حيث لا يزال اقتصاد ما بعد الجائحة بطيئا.
وقال: "زوجتي تحب الحقائب من محال مثل لويس فويتون وأنا أحب الساعات"، لكنه أضاف قائلا: "لقد ارتفعت الأسعار.. الظروف الاقتصادية والتوقعات الاقتصادية على المدى الطويل تعني أن النفقات على الرفاهية أقل بالنسبة إلى أسرتنا".
هذان الزوجان ليسا الوحيدين في ذلك، حيث تردد على لسان موظفي المبيعات الشعور بأن المتسوقين أصبحوا أكثر حذرا بعد ثلاثة أعوام من الازدهار في الإنفاق العالمي على البضائع الفاخرة.
وقال أحد المساعدين في متجر لويس فويتون: "لقد كانت بداية العام جيدة جدا لنا، لكن الأمور تباطأت بالتأكيد. هناك عدد أقل من العملاء في المتجر".
وعلى مدار فترة الجائحة، نمت صناعة الضائع الفاخرة بوتيرة قياسية بعد أن أشبع المتسوقون الذين علقوا في منازلهم أثناء عمليات الإغلاق رغباتهم، ما عزز اتجاها طويل المدى للطبقة الثرية المتنامية في الصين التي تقبل على حقائب اليد المكتوبة بالحروف الأولى لاسم الشخص.
هناك مؤشرات واضحة الآن على أن العودة المتوقعة منذ فترة طويلة إلى نمو أكثر اعتدالا بدأت تتبلور مع قيام المتسوقين في مختلف أنحاء العالم بكبح إنفاقهم على البضائع الفاخرة.
وقد ظهر التأثير هذا الأسبوع عندما أعلنت شركة إل في إم إتش الرائدة في الصناعة، التي يسيطر عليها الملياردير الفرنسي برنارد أرنو، عن نمو المبيعات 9 في المائة في الربع الأخير، أي أقل من التوقعات المجمع عليها وتباطؤ حاد عن الزيادة التي بلغت 17 في المائة التي سجلتها في الربع السابق.
وقال جان جاك جويوني، المدير المالي لشركة إل في إم إتش: "بعد ثلاثة أعوام صاخبة ومتميزة، بدأنا نقترب من أرقام تتماشى أكثر مع المتوسط التاريخي".
"هل سنبقى عندها؟ أنا حقا لا أعرف. لا يوجد سبب للاعتقاد بأننا سننهار أو أننا سنعود إلى نوع من النمو بنسبة 20 في المائة الذي تمتعنا به لفترة معينة من الزمن".
كانت الدلائل واضحة على أن الولايات المتحدة تتباطأ منذ بداية العام، لكن الأسواق الأوروبية معتدلة الآن أيضا، كما هي الحالة مع النمو في آسيا - باستثناء اليابان، حيث ارتفعت المبيعات الناتجة عن عملياتها الأساسية 30 في المائة، ويرجع ذلك جزئيا إلى تدفق السياح الصينيين.
وقد ارتفع نمو المبيعات في الولايات المتحدة، أكبر سوق لصناعة البضائع الفاخرة، بنسبة 2 في المائة في الربع الثالث بعد أن استقر في الربع الثاني، حيث قام ما يسمى بالعملاء التطلعيين بتخفيض استهلاكهم للرفاهيات. وتحذو أوروبا حذوها، حيث تباطأ نمو الإيرادات إلى 7 في المائة مقارنة بـ19 في المائة مع شد المشترين أحزمتهم.
مثل تغيير الوتيرة في الشركة الفرنسية الرائدة في البضائع الفاخرة "نهاية لأعوام العشرينيات الصاخبة"، كما كتب المحللون في بيرينبيرج مخفضين توقعاتهم لهذا العام. "هذا الزخم الاستثنائي لم يكن ليستمر إلى الأبد والنقاش الرئيس الآن يدور حول الشكل الذي سيبدو عليه "الوضع الطبيعي الجديد" لـ2024 وما بعده".
بقيادة المجموعات الكبيرة المدرجة في البورصة مثل إل إم في إتش وهيرميس، نمت شركات البضائع الفاخرة بمتوسط يزيد على 20 في المائة سنويا منذ 2020، وفقا لشركة باين الاستشارية، في حين أن المتوسط التاريخي للصناعة كان أقرب إلى 6 في المائة.
السيناريو المتفائل هذا العام سيكون نموا بين 8 إلى 10 في المائة، أو 5 في المائة في الحالة الأكثر تشاؤما، وفقا لجويل دي مونتغولفييه، نائبة الرئيس التنفيذي للبيع بالتجزئة والبضائع الفاخرة في شركة باين.
وقالت: "في الأساس، مقارنة بالعام الماضي، قمنا بخفض توقعاتنا لمعدل النمو إلى النصف في هذه السيناريوهات. لقد كان الأمر استثنائيا، لكنه غير مستدام على الإطلاق على المدى الطويل".
إل في إم إتش، التي تمتلك نحو 75 علامة تجارية من بينها ديور وتيفاني، هي الأولى من بين مجموعات البضائع الفاخرة الكبرى التي تعلن عن مبيعات الربع الثالث، وستبيعها أقرانها ريتشمونت، وكيرينغ وهيرميس في ذلك خلال الأسابيع المقبلة. لكن حجم المجموعة الفرنسية ونفوذها يعني أنها تحدد المعايير للصناعة.
وقد بيعت أسهم شركات البضائع الفاخرة بمستويات قياسية في الأشهر الأخيرة مع قلق المستثمرين بشأن مستقبل القطاع، حيث خسر مؤشر ستوكس يوروب لشركات البضائع الفاخرة العشر ما يقرب من خمس قيمته منذ ذروته في أبريل. وانخفض سهم إل في إم إتش بنسبة تصل إلى 7 في المائة الأربعاء، وهو ما أدى إلى انخفاض نظرائه.
ومن المتوقع أن يتراجع العملاء في جميع الفئات مع تباطؤ نمو الصناعة، وفقا لجين دانجو، محلل الرفاهية في شركة أودو.
لكنه أضاف أن "البضائع الفاخرة - وهي المجوهرات والساعات - لا تنمو بسرعة مثل فئات الرفاهية الناعمة"، التي تشمل الملابس ومستحضرات التجميل وحقائب اليد، مشيرا إلى أن مبيعات المجوهرات تميل إلى الانكشاف بشكل خاص على الصين حيث كان هناك عدم يقين متزايد بشأن اتجاه الاقتصاد.
ويشهد المشترون في المتاجر الكبرى أيضا تغيرا في أنماط التسوق كما يقومون بمواءمة مخزوناتهم من أجل تلبية الحالة المزاجية الأكثر تقييدا.
وقال مشتر في أحد المتاجر الفاخرة الكبرى في أمريكا الشمالية: "شركات التصميم في الحضيض. أي شيء يعتمد على الشعار لا يتم بيعه. لدي بعض العلامات التجارية التي يتم تداولها بنسبة أقل تصل بين 50 إلى 60 في المائة مقارنة بالعام الماضي. لقد بعت كل شيء لدي من العلامات التجارية لشركات التصميم. وأضاف المشتري أنه أعاد تخصيص ميزانيته للعلامات التجارية ذات الأسعار غير المغالى فيها مثل ثيوري وفيرونيكا بيرد وأولا جونسون.
وقال المشتري إن بيع حقائب اليد كان مستمرا، لكن العملاء كانوا يركزون على العلامات التجارية التي يسهل الحصول عليها والحقائب المعروفة من شركة لو التابعة لشركة إل إم في إتش. وكان المصممون الكلاسيكيون، بمن فيهم أوسكار دي لارنتا والعلامات التجارية "الفاخرة الهادئة" مثل ذا رو، ما زالوا في حالة جيدة. ولكن "بعض من تلك العلامات التجارية الكبيرة التابعة لشركة إل في إم إتش، في حالة صعبة. وأضافوا أن الشيء الوحيد الذي نجح فعلا بالصمود في وجه العاصفة في هذا المجال من العلامات التجارية المشهورة للغاية هما شانيل وهيرميس.
يعكس المزاج الأكثر هدوءا التوقعات الاقتصادية العالمية الأكثر صعوبة. ففي حين أن كبار عملاء البضائع الفاخرة أكثر عزلة عن الضغوط الاقتصادية مثل التضخم، فإن المشترين التطلعيين - وكثيرا منهم من الشباب - الذين توافدوا على العلامات التجارية الفاخرة في الأعوام الأخيرة يشعرون بها أكثر.
وفي أوروبا والولايات المتحدة، تضررت القوة الشرائية للمستهلكين بفعل ارتفاع التضخم بوتيرة أسرع من الأجور. ووجد الباحثون في بنك يوني كريديت الإيطالي أخيرا أن ارتفاع الأسعار "أدى إلى تآكل كامل" لاحتياطي المدخرات الإضافي الذي جمعته الأسر الأوروبية خلال عمليات الإغلاق في الجائحة.
وانخفض الإنفاق على التجزئة في الاتحاد الأوروبي 2 في المائة في الربع الثاني مقارنة بالعام السابق، بعد تعديله وفقا للتضخم، والتوقعات قاتمة لبقية العام الجاري.
وقال روري فينيسي، الخبير الاقتصادي في شركة أكسفورد إيكونوميكس الاستشارية: "سيظل الإنفاق الاستهلاكي في منطقة اليورو يعاني وطأة الصدمة التضخمية للعام الماضي، حيث يراوح دخل الأسر الحقيقي عند أعلى بقليل من المستويات التي شوهدت في ذروة أزمة الديون السيادية للكتلة".
وفي النهاية، هناك مجموعة من العوامل تدفع صناعة المنتجات الفاخرة نحو الاعتدال.
وقال دانجو: "ربما بدأ الناس يشعرون بالملل من شراء كثير من البضائع الفاخرة. ثم هناك الضغط الاقتصادي الكلي. ومع الجمع بين الاثنين، تحصل على تباطؤ طبيعي. ولكن عندما يبدأ التباطؤ، فإنك لن تعرف أبدا أين سينتهي الأمر".

الأكثر قراءة