إعادة ضبط نظام البنك الدولي وصندوق النقد تختبر نفوذ الولايات المتحدة

إعادة ضبط نظام البنك الدولي وصندوق النقد تختبر نفوذ الولايات المتحدة

في منتصف قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في نيودلهي الشهر الماضي، عقد جو بايدن الرئيس الأمريكي تجمعا صغيرا مع عدد قليل من قادة العالم الآخرين.
وكان من بين الحضور ناريندرا مودي، رئيس الوزراء الهندي والمضيف، ورئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوسا، ولويز إيناسيو لولا دا سيلفا، رئيس البرازيل – ثلاثة من البلدان الخمسة في مجموعة بريكس للبلدان النامية الكبيرة. لقد أمسكوا بأيادي بعضهم بعضا وابتسموا أمام الكاميرات، إلى جانب أجاي بانجا، الرئيس الجديد للبنك الدولي.
وقع هذا الحدث بعد فترة وجيزة من تقديم بايدن لما وصفه المسؤولون الأمريكيون بأنه دفعة جديدة كبيرة لتقديم مليارات الدولارات من التمويل الإضافي للاقتصادات الناشئة والنامية. وغاب عن جلسة مجموعة العشرين الرئيس الصيني شي جين بينج والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتتضمن الخطة تعزيز القوة المالية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، المؤسستين اللتين يقع مقرهما في واشنطن، وكانتا في قلب النظام الاقتصادي الذي قادته أمريكا وحلفاؤها بعد الحرب العالمية الثانية لتعزيز التعاون الدولي وزيادة نفوذهم العالمي.
ويراهن بايدن – وكبار مسؤوليه بما في ذلك جانيت يلين، وزيرة الخزانة – على أنه قادر على تنشيطهما بطريقة تعمل على توسيع العون الاقتصادي الأمريكي للبلدان النامية حول العالم، مع مواجهة النفوذ الدولي المتصاعد للصين.
وتمثل الخطة اختبارا لطبيعة مستقبل النظام الذي تقوده الولايات المتحدة – ما إذا كان من الممكن تجديد مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي حتى في الوقت الذي تلعب فيه الولايات المتحدة دورا أقل هيمنة في الاقتصاد العالمي، أو ما إذا كانا سيصبحان مهمشين أكثر وسط المنافسة الجيوسياسية المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين.
تقول كارين ماثياسن، التي شغلت سابقا منصب المدير التنفيذي بالإنابة للولايات المتحدة في البنك الدولي وفي قسم الشؤون الدولية في وزارة الخزانة: "لا يمكنني تذكر وقت ركزت فيه وزيرة الخزانة الأمريكية ورئيس الولايات المتحدة هذا النوع من الاهتمام المستمر على بنوك التنمية متعددة الأطراف وصندوق النقد الدولي".
وتقول إن هذه الجهود تبدو "أكثر حدة ووجودية، لأن هناك بيئة عالمية مستقطبة بشكل متزايد، ما يجعل أهمية تحقيق تعددية الأطراف فيما يتعلق بالبنوك أكثر أهمية حتى تتمكن من إثبات أنها ذات صلة".
لقد توصل بايدن بالفعل إلى اتفاق مع البلدان الأعضاء أو يتوقع اتفاقا بشأن إصلاحات البنك الدولي وغيره من بنوك التنمية متعددة الأطراف التي من شأنها توسيع ميزانيته العمومية بمقدار 200 مليار دولار وجعلها أكثر سرعة وجرأة في مساعدة البلدان المتعثرة. لكنه دعا الكونجرس أيضا إلى الموافقة على تخصيص أموال جديدة للبنك الدولي لتعزيز قوته المالية بمبلغ إضافي قدره 25 مليار دولار. وإذا انضمت بلدان أخرى إلى هذه الجهود، فقد ينمو إجمالي الأموال المخصصة للمساعدات بمقدار 100 مليار دولار أخرى.
وفيما يخص صندوق النقد الدولي، اقترح بايدن توجيه 21 مليار دولار من الأموال الأمريكية نحو تعزيز قدرة البنك المقرض على تقديم المساعدات المالية للبلدان منخفضة الدخل ودعم خطة لزيادة رأسماله على المدى الطويل. وستكون هذه الخطط في صلب المناقشات في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مراكش هذا الأسبوع.
يقول أحد كبار المسؤولين في وزارة الخزانة: "عندما ننظر إلى البلدان التي مرت بأوقات عصيبة للغاية ونفكر، ما الذي يمكننا القيام به في الولايات المتحدة لدفع النمو والاستقرار العالميين؟ فإن [صندوق النقد الدولي والبنك الدولي] أداتان في غاية الأهمية. نريد أن نتأكد من أنهما يعملان بأفضل شكل ممكن".
لكن تنفيذ الخطة لن يكون بالأمر السهل. حيث تحتاج الإدارة للحصول على موافقة الكونجرس في خضم مناخ سياسي أمريكي مستقطب ومشلول مع غرق الحزب الجمهوري في حالة من الفوضى بعد إقالة كيفن مكارثي من منصب رئيس مجلس النواب.
وسيتطلب الأمر دعما دوليا واسع النطاق، واختبار النفوذ الاقتصادي الدولي الذي تتمتع به أمريكا في وقت تشعر فيه الاقتصادات المتقدمة بضغوط الميزانية التي من شأنها أن تحد من مساهماتها المالية، وقد تقاوم البلدان النامية الخطط الرامية إلى منح المؤسستين اللتين يقودهما الغرب مزيدا من الموارد دون تعزيز تمثيلها فيهما.
لا تتضمن الجهود الأمريكية الجديدة لضخ أموال جديدة في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي دفعا لمعالجة نقص تمثيل الصين وغيرها من الاقتصادات الناشئة، وهو إغفال ملحوظ بالنظر إلى أن بكين لا تملك سوى ثالث أكبر حصة من قوة التصويت في كل من المؤسستين رغم كونها ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
كما يشكك المنتقدون في قدرة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على تقديم المساعدة للاقتصادات النامية على نطاق يضاهي مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهي خطة كبيرة لكسب النفوذ في "الجنوب العالمي" أطلقها شي جين بينج عام 2013.
لقد أقرضت الصين نحو تريليون دولار للبلدان النامية، وكان معظمها لبناء البنية التحتية في إطار مبادرة الحزام والطريق. ومع انزلاق كثير من هذه البلدان إلى ضائقة مالية، تدخلت المؤسسات المالية الصينية بحزم إنقاذ بلغ مجموعها 240 مليار دولار بين عام 2000 ونهاية عام 2021، حسبما وجدت دراسة حديثة. ويمثل هذا أكثر من 20 في المائة من إجمالي قروض صندوق النقد الدولي على مدى العقد الماضي.
ويقول كينيث روجوف، الذي عمل في الصندوق ويعمل الآن في جامعة هارفارد، "إننا في وضع تمر فيه العلاقات الصينية الأمريكية بفترة من التوتر لم نشهدها منذ 40 أو 50 عاما، [وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي] عالقان في المنتصف".
ويضيف: "أنهم في مفترق طرق حيث يتعين عليه اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانوا سيبقون على عضوية الصين ومنخرطة بشكل كامل أو يبدؤون بعملية لفك الارتباط معها. لا أرى حقا كيف سنحل مشكلات العالم دون الصين".

ما الذي تأمل الولايات المتحدة تحقيقه؟

تعد الخطة الجديدة الأحدث في سلسلة من الجهود التي تدعمها واشنطن لتعزيز المؤسستين الماليتين الدوليتين. فقد تم التوصل إلى اتفاق بشأن زيادة الحصص في صندوق النقد الدولي عام 2010، ثم تم إقراره في وقت لاحق عام 2016. وقبل خمسة أعوام، مددت الولايات المتحدة وغيرها من الحكومات حول العالم عرضا كبيرا لدعم للبنك الدولي، عبر ضخ أموال جديدة فيه وبدء حقبة جديدة أعطت الصين والاقتصادات الناشئة مزيدا من النفوذ الداخلي.
لكن تلك المبادرة، التي تمت في عهد إدارة دونالد ترمب، الذي كان معاديا بشكل علني لفكرة التعددية، عدت على نطاق واسع أنها فشلت في حين كانت الاقتصادات النامية تتصارع مع عدد كبير من التحديات.
في ذلك الوقت، لم يكن ديفيد مالباس المسؤول الرسمي عن الإشراف على مشاركة الولايات المتحدة مع المؤسسات المالية الدولية، الذي تولى في النهاية قيادة البنك الدولي، متشككا بشأن الحاجة لمكافحة تغير المناخ بقوة فحسب، بل كان لديه سجل حافل من الحذر الشديد في التعامل من المنظمتين نفسيهما.
وفي أعقاب استقالة مالباس هذا العام، سعى بانجا، الذي عينه بايدن، وهو مدير تنفيذي سابق في وول ستريت، إلى معالجة الانتقادات الموجهة إلى فشل البنك الدولي في معالجة حجم أزمة المناخ العالمية بشكل مناسب، إلى جانب مهمته التقليدية المتمثلة في تخفيف الفقر.
منذ توليه منصبه في يونيو، التزم بانجا أيضا بتوسيع الميزانية العمومية للبنك، دون التضحية بتصنيفه الممتاز AAA، وإدخال أدوات مالية جديدة لمساعدة البلدان المثقلة بالديون.
وخلال الصيف، استغل بانجا قمة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لكشف النقاب عن "بنود وقف التنفيذ" الجديدة المرتبطة بسداد الديون المستحقة على البلدان المتضررة من الكوارث الطبيعية، وأطلق ما يسمى بخطة المال الهجينة لتجربة أدوات مالية جديدة. وتبحث المنظمة أيضا عن سبل تشجيع استثمارات القطاع الخاص في الأسواق الناشئة.
وكان بانجا واضحا في أنه لا يحتاج إلى "بنك أفضل" فحسب، بل إلى "بنك أكبر" لتحقيق هذه الأهداف، لكن الحجم الهائل من الموارد التي يجب حشدها يمثل مهمة شاقة، إذ بالنسبة للتحول الأخضر وحده، تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الاستثمارات الرامية إلى تخفيف الانحباس الحراري العالمي تحتاج إلى زيادة بمقدار 2.2 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2030 في الاقتصادات الناشئة والنامية.
ومع تفويض الإصلاح الذي أقره البنك الدولي، لجأ المسؤولون الأمريكيون إلى صندوق النقد الدولي، مطالبين بمزيد من الإشراف على البلدان المتعثرة والأخذ بيدها للخروج من الأزمات.
وقال جاي شامبو، وكيل وزارة الخزانة للشؤون الدولية، في خطاب ألقاه الشهر الماضي: "لا يمكننا أن نسمح لإغراء معالجة كل مشكلة بإبعاد صندوق النقد الدولي عن مهمته الأساسية المتمثلة في مراقبة وتوجيه الاقتصاد الكلي وسعر الصرف".
قام البنك المقرض في الأعوام الأخيرة بتوسيع نطاق اختصاصاته – وهو أمر دافعت عنه كريستالينا جورجييفا رئيسة صندوق النقد الدولي في مقابلة أجريت أخيرا مع صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وقالت: "لا بد أن يتغير دور الصندوق لأن العالم من حولنا يتغير". فقد أنشأ صندوق المرونة والاستدامة، الذي يهدف إلى تقديم القروض من أجل المسائل المتعلقة بالمناخ والتأهب للأوبئة، فضلا عن برنامج لمساعدة البلدان على معالجة احتياجات ميزان المدفوعات المرتبطة بندرة الغذاء.
وقد حظي هذا التوجه بدعم كبير. ويقول موريس أوبستفيلد، كبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي الذي يعمل الآن في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي: "في ضوء تكاليف الأزمات في البلدان الأكثر فقرا، لا يمكن للصندوق ببساطة أن يتظاهر بأنه مقدم للمنافع العامة العالمية ما لم ينخرط بشكل أكبر مع تلك البلدان ومشكلاتها".
لكن هناك أيضا منتقدين. حيث أعربت آن كروجر، التي سبق أن شغلت منصب النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي، عن "خيبة أملها" إزاء ما وصفته بانحراف الصندوق عن التفويضات "الأساسية" المتمثلة في تحقيق الاستقرار المالي ومحاسبة البلدان المعرضة للأزمات.
على سبيل المثال، اضطرت الأرجنتين وباكستان إلى اللجوء مرارا وتكرارا إلى صندوق النقد الدولي للحصول على المساعدة، وكان آخرها لضمان عدم تخلفهما عن سداد مدفوعات الديون، بما في ذلك الديون المستحقة للصندوق نفسه.
ويقول مارتن موهليسن، المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي الذي يعمل الآن في المجلس الأطلسي، إن الولايات المتحدة، باعتبارها أكبر مساهم في البنك، يمكنها أيضا أن تفعل مزيدا للضغط على البلدان من أجل الامتثال.
ويقول: "إذا لم يكونوا راضين عما يجري، عليهم فقط أن يخبروهم أنهم سيصوتون ضد البرامج".

تطلعات الصين متعددة الأطراف

تلوح الصين في خلفية كل المناقشات الدائرة حول المؤسستين – وحضورها المتنامي في التمويل التنموي.
لقد سعت الصين لفترة طويلة إلى تعزيز تمثيلها ـ وقوتها التصويتية ـ في البنك الدولي وكثير من بنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى. وترى أن هذا الهدف جزء مهم من استراتيجية شاملة لإصلاح الهيكل المالي العالمي عبر توفير دور أكبر للبلدان النامية، التي تطمح بكين إلى قيادتها، كما يقول مستشارو السياسات والمراقبون الصينيون.
لكن ترجمة تطلعات الصين إلى نفوذ فعلي كان طريقا صعبا بالنسبة لبكين، ويعود إلى 15 عاما على الأقل.
وفي البنك الدولي لإعادة الإعمار والتنمية، ذراع الإقراض للبنك الدولي، يبلغ إجمالي قوة الصين في التصويت 5.96 في المائة، لتحتل المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة بنسبة 15.62 في المائة واليابان بنسبة 7.13 في المائة. هذا رغم حقيقة أن الصين أسهمت في القيمة الاسمية بنسبة 18.06 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 2022، مقارنة بنسبة 4.23 في المائة فقط لليابان و25.41 في المائة للولايات المتحدة.
ولا يعني هذا أن الصين لم تكن راغبة في دفع المال اللازم لزيادة قوتها التصويتية في البنك الدولي. على العكس من ذلك، كما يقول يونان تشين، الباحث في مؤسسة أوه دي أي البحثية في لندن، فقد حاولت تعزيز مساهماتها المالية، خاصة في الأعوام التي أعقبت الأزمة المالية عام 2008.
لكن المساهمين الغربيين البارزين في البنك أبدوا مقاومة لأن زيادة قوة التصويت في الصين من شأنها أن تؤدي على الأرجح إلى تقليص قوة بلدان أخرى مثل الولايات المتحدة، واليابان، وألمانيا والمملكة المتحدة.
ويضيف تشين: "ملكية الأسهم لعبة محصلتها صفر، وكبار المساهمين، خاصة الولايات المتحدة، يعارضون باستمرار أي تغييرات جوهرية في هيكل المساهمين".
ورغم تجربتها الأخيرة، تظل الصين تأمل في أن تخفف المؤسستان في النهاية من مقاومتهما للعب بكين دورا أكبر، وفقا لكبار مستشاري السياسة الصينية، الذين رفضوا مزيدا من التعريف بأنفسهم.
أحد أسباب هذا التفاؤل هو أن البنك الدولي وغيره من بنوك التنمية متعددة الأطراف في حاجة شديدة إلى المال لتمويل التنمية في كثير من البلدان حيث البنية الأساسية غير كافية لخدمة الانفجار السكاني والتأثيرات المترتبة على تغير المناخ.
يقول أحد مستشاري الحكومة الصينية: "إن تمثيل الصين وحقوقها التصويتية في البنك الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى ظلت مكبوتة من قبل القوى الغربية فترة طويلة جدا. يجب أن نكون على استعداد لزيادة دعمنا المالي لهاتين المؤسستين إذا اعترفتا بمساهماتنا ووزننا الاقتصادي بطريقة مناسبة".
ويشير المراقبون أيضا إلى الطريقة التي يحافظ بها البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وهو بنك متعدد الأطراف بقيادة الصين، على موقف تعاوني للغاية تجاه البنك الدولي. حيث شارك البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية في تمويل 20 مشروعا بقيمة 4.36 مليار دولار بين عام 2021 ونهاية أغسطس من العام الجاري، ليصبح الشريك الرئيس للبنك الدولي في التمويل المشترك، كما يقول السير داني ألكسندر، نائب رئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية لشؤون السياسات والاستراتيجيات.
وفيما يتعلق بقوة التصويت داخل صندوق النقد الدولي في المستقبل، قالت جورجييفا: إن "هناك حاجة إلى التغيير المستمر لتعكس الكيفية التي يتغير فيها الاقتصاد العالمي". تتم مراجعات الحصص كل خمسة أعوام على الأقل.
وفي حديثها إلى صحيفة "فاينانشيال تايمز"، أشارت يلين إلى أن الولايات المتحدة قد تدعم في نهاية المطاف تغييرات أوسع نطاقا للدول ذات التمثيل المنخفض. وردا على سؤال حول الصين على وجه التحديد، أجابت: "من المهم بالنسبة للصين أن ترقى إلى مستوى معايير المؤسسة عندما يتعلق الأمر بأشياء مثل التعاون في إعادة هيكلة الديون وأشياء مثل شفافية النقد الأجنبي".
في سريلانكا، على سبيل المثال، تلقت الصين انتقادات كبيرة لأنها عرقلت التقدم نحو التوصل إلى اتفاق، الأمر الذي أدى إلى احتجاجات عامة حاشدة ونقص في السلع الأساسية. ويعد محللون أن القضية تردد الصين حتى الآن في التعاون على خطة الإنقاذ التي يقودها صندوق النقد الدولي التي تشمل أيضا منافسيها الجيوسياسيين، وهما اليابان والهند.
تنبع أسباب نهج "الاعتماد على النفس" الذي تتبعه بكين من الطريقة التي تنظر بها مؤسساتها المالية المملوكة للدولة إلى إقراضها في الخارج. فهي تسعى إلى الحفاظ على أقصى قدر من حرية التصرف في تحديد شروط الإقراض، وعندما تتعثر القروض، فإنهم يفضلون "إعادة تشكيل" محفظتهم لتجنب عمليات الخفض الكبيرة.
لكن زامبيا قدمت حالة أكثر تفاؤلا. ففي يونيو، وافقت الصين ودائنون آخرون على اتفاق لإعادة هيكلة قروض بمليارات الدولارات، منهية بذلك مأزقا بشأن تخلف الدولة الإفريقية عن سداد ديونها في عام 2020 الذي كشف عن صدع بين بكين والمقرضين الغربيين.
وقد وافق المقرضون الثنائيون بقيادة الصين في نهاية المطاف على فترة سماح مدتها ثلاثة أعوام على مدفوعات الفائدة وتمديد آجال الاستحقاق، الأمر الذي يمهد الطريق أمام زامبيا لاستئناف التمويل من صندوق النقد الدولي وبدء محادثات مع الدائنين من القطاع الخاص.

العقبات المحلية في الولايات المتحدة

الصين ليست هي العقبة الوحيدة المحتملة: فمصير مقترح بايدن يتوقف أيضا على دعم الكونجرس له.
حيث أدرج الرئيس إجراءات لدعم إقراض البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في طلب الميزانية المقدم للكونجرس هذا الصيف إلى جانب تمويل المساعدات لأوكرانيا، لكن المساعدة المقدمة للمؤسسات المالية الدولية - مثل الأموال المخصصة لكييف - استبعدت من الصفقة لتجنب إغلاق الحكومة في 30 سبتمبر.
ومن المقرر أن يتم تحديد الموعد النهائي الجديد للميزانية في منتصف نوفمبر، لكن من غير الواضح تماما ما إذا كان هناك دعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي للتمويل الجديد.
وتقول ماثياسن، المسؤولة السابقة في البنك الدولي: "من الصعب إقناع الكونجرس بجدارة هذه المؤسسات في أي حدث، ومن المؤكد أنه ليس لديهم دوائر انتخابية تهتم كثيرا. وهذا ليس أي حدث. إنها فترة يمر بها التاريخ التشريعي الأمريكي باختلال كبير، لذا فهي تشكل عاصفة مثالية من أسوأ الأنواع".
يقول بلين لوتكيماير، عضو الكونجرس الجمهوري عن ولاية ميسوري الذي يرأس اللجنة الفرعية للخدمات المالية التي تشرف على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إنه لا ينبغي إصدار قروض ميسرة للصين، وأنه لا ينبغي زيادة قوة التصويت لبكين، بينما دعا أيضا هذه المؤسسات إلى حصر نطاقها على أزمتي "الحد من الفقر وميزان المدفوعات على المدى القصير، على التوالي".
ويقول لوتكيماير: "ليس لديهم أي مصلحة في دفع أجندات راديكالية للمناخ والجوائح تضر بمنتجي الطاقة والأسواق الحرة. آمل بصدق أن تعيد كلتا المؤسستين النظر في هدفهما حتى نتمكن من بدء محادثات مثمرة حول تعزيز قوتهما المالية".
ويوضح بيل هاجرتي، العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ عن ولاية تينيسي، أنه يعتقد "بكل إخلاص" أن هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهد من قبل الغرب لمواجهة نفوذ الصين، لكنه يرى أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي "يجب ألا يهدرا قدراتهما في تعزيز الأولويات الحزبية مثل تغير المناخ والعدالة الاجتماعية".
وأضاف: "دون التزام واضح بإعطاء الأولوية للتنمية الاقتصادية الأساسية، مثل بناء البنية التحتية الحيوية، لا أرى دعما واسع النطاق لتوسيع الموارد المالية لهذه المؤسسات من المشرعين مثلي".
ولكن إذا كان أعضاء الكونجرس يريدون موازنة النفوذ الصيني في العالم، فإن مارك سوبيل، المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأمريكية، يقول إن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي هما "المكان الرئيس" لتخصيص الأموال. ويضيف: "هذا استثمار جيد للغاية ونستفيد منه جدا. إنه أمر جيد لاقتصادنا وجيد لأمننا القومي".

الأكثر قراءة