هواة في غير محلهم .. من يغير قواعد اللعبة؟

هواة في غير محلهم .. من يغير قواعد اللعبة؟

عندما عاد روري ستيوارت إلى العمل بعد أن شاهد والده المحبوب البالغ من العمر 93 عاما يموت، سألته رئيسته، وزيرة البيئة آنذاك ليز تروس، كيف كانت عطلة نهاية الأسبوع.
كتب ستيوارت في مذكرته الجديدة: "أوضحت أن والدي قد مات. توقفت للحظة، وأومأت برأسها وسألت متى ستكون خطة البيئة لمدة 25 عاما جاهزة".
قصص مثل هذه تنتشر في كتاب "السياسة على الحافة"، وهي رواية ستيوارت الصريحة للغاية عن الأعوام التسعة التي قضاها كنائب في البرلمان في عهد رئيسي الوزراء ديفيد كاميرون وتيريزا ماي.
وصل إلى وستمنستر ليجد زميلا له في البرلمان من حزب المحافظين، الذي زمجر عندما حاول ستيوارت الجلوس بجانبه في مقعد فارغ: «لماذا لا تغادر فحسب». لقد قبل تعيينه الوزاري الأول وهو يرتدي بذلة سكب عليها الكابتشينو عن طريق الخطأ. كان يعمل إلى حد الإرهاق. لقد فكر لفترة وجيزة في قتل نفسه.
لكن عندما قرأت الكتاب الأسبوع الماضي، أذهلني ما أظهره حول المستويات المروعة من قلة الخبرة التي لا تزال سائدة بين الطبقات الحاكمة في بريطانيا. أو كما يقول ستيوارت: "الخيال الإدواردي بأن الحصول على درجة علمية من الدرجة الأولى من جامعة أكسفورد كان مؤهلا كافيا لأي شيء".
كانت قلة الخبرة تتصدر أخبار المملكة المتحدة في الأسبوع الماضي بعد أن قالت السيدة شارون وايت، رئيسة مجموعة جون لويس للبيع بالتجزئة المضطربة، إنها ستتنحى بعد خمسة أعوام في المنصب. وهذا سيجعل الموظفة الحكومية السابقة ورئيسة منظمة وسائل الإعلام هي أقصر رئيسة خدمة في تاريخ البيع بالتجزئة.
على الرغم من أن السلسلة كانت في حالة صراع قبل وصولها - وكان عليها أن تقودها على الفور خلال أزمة الوباء وتكلفة المعيشة - فقد قيل كثير عن حقيقة أنها جاءت إلى الوظيفة دون أي خبرة في مجال البيع بالتجزئة. وهو كذلك.
تختار مجالس إدارة الشركات الكبيرة عادة القادة الذين يتمتعون على الأقل ببعض الخبرة ذات الصلة بالصناعة. لقد سعوا بشكل متزايد إلى الحصول على رؤساء تنفيذيين يتمتعون بخبرة الرئيس التنفيذي أيضا.
ارتفعت حصة الرؤساء التنفيذيين للشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 من ذوي الخبرة التنفيذية السابقة من 4 إلى 16 في المائة بين 1997 و2019. ومن المثير للاهتمام أن هذا لا يؤدي دائما إلى النتيجة المرجوة. أظهر عدد من الدراسات أن الأداء المالي للرؤساء التنفيذيين المتكررين يتخلف عن أداء المبتدئين لأول مرة.
قد يكون ذلك بسبب جلبهم لإحياء مجموعات مضطربة في الأساس، أو أنهم يعتمدون على قواعد اللعبة القديمة التي لا تناسب الأعمال الجديدة. لكن في كلتا الحالتين، من النادر نسبيا رؤية منصب رئيس تنفيذي كبير يشغله شخص ليست لديه أي خبرة في هذا المجال.
الأمر مختلف في السياسة. إن طائفة الهواة الموهوبين قد لا تلطخ الحياة الوطنية البريطانية إلى الحد الذي كانت عليه من قبل. ولكن حتى المناصب المحورية في وستمنستر يتم شغلها بطريقة قد تبدو متعجرفة في مجالات أخرى.
كان من المرجح أن يلاحظ ستيوارت ذلك، لأنه كان جنديا تحول إلى دبلوماسي ومغامر ومؤلف وأستاذ في جامعة هارفارد، وعمل في أفغانستان قبل أن يصبح عضوا في البرلمان.
وسرعان ما اكتشف أن مثل هذه الخبرة لا تحظى بتقدير كبير في البرلمان، وليس فقط في حالته الخاصة.
في 2011، عندما تم نشر الآلاف من القوات البريطانية في جميع أنحاء أفغانستان، أحصى 50 زميلا محافظا يتمتعون بنوع من الخبرة العسكرية، بمن فيهم برتبة عقيد، ونقيب في الحرس الاسكتلندي وأعضاء سابقين في القوات الخاصة. وقد تجاهل كاميرون كل هذه الأمور عندما اختار وزيرا جديدا للدفاع في ذلك العام.
بدلا من ذلك، اختار فيليب هاموند، وزير النقل الذي، كما كتب ستيوارت، "لم يكن لديه اهتمام سابق بالدفاع أو الشؤون الخارجية، ولم يسبق له حتى زيارة أفغانستان، وبعد مرور عشرة أعوام على الحرب، لم ير بعد الحاجة إلى تعلم العناصر الأساسية لتاريخ أفغانستان وجغرافيتها".
يقر ستيوارت بأن هاموند لم يكن فاشلا، في الأغلب ما يخطئ الخبراء في فهم الأمور، وقد يكون شخصا آخر جديدا غير متحيز ذات قيمة. كان لدى هاموند أيضا مهارات سياسية واضحة.
لكن من الصعب أن نخطئ في وجهة نظر ستيوارت القائلة إنه "أقرب إلى الجنون" أن نتصور أنه لا يمكن اكتساب أي شيء من المعرفة العسكرية عندما تكون البلاد منخرطة في صراع كبير.
علاوة على ذلك، في حين كانت المملكة المتحدة تعين سلسلة من وزراء الدفاع من دون أي خلفية في مجال الدفاع، فإن نظراءهم الأمريكيين تراوحوا من ضابط كبير في وكالة الاستخبارات المركزية إلى جنرال بأربع نجوم من مشاة البحرية.
نعم، النظام الأمريكي يجعل من السهل تعيين خبراء خارجيين. لكن رسالة ستيوارت لا تقل أهمية. قبل أسبوعين من نشر كتابه، أصبح جرانت شابس آخر وزير للدفاع في المملكة المتحدة. وكان هذا هو منصبه الوزاري الخامس في أقل من عام.

الأكثر قراءة