المشاريع الحكومية واحتكار التنفيذ!!
يعيش الاقتصاد السعودي نمواً غير مسبوق، وذلك بفضل التوسع التاريخي في الإنفاق الحكومي خصوصاً، ولذا سجلت موازنات الحكومة أرقاماً قياسية خلال السنوات الأخيرة. وهذه الاستثمارات في البنية الأساسية بالذات من المؤمل أن تعيد صياغة الاقتصاد السعودي نحو انطلاقة جديدة تكفل له التنافس مع الاقتصادات المقتدمة. ولعل تنفيذ مثل هذه المشاريع يتطلب عادة وقتا أطول نظراً لضخامتها فعلى سبيل المثال لا الحصر إنشاء سكك الحديد أو بناء مقار للمنشآت كالجامعات أو المدارس أو المستشفيات وغيرها بلا شك يأخذ وقتاً ويجب أن تضطلع بها شركات عملاقة قادرة على التنفيذ في وقت يجب أن تسابق معه الزمن دون الإخلال بالنوعية. ولكن بحكم طبيعة مثل هذه الشركات في الاقتصاد السعودي صار الأمر صعباً لعدم وجود أعداد كافية منها ما اقتصر الأمر على عدد محدود غير قادر واقعياً أصلا على التنفيذ لمجمل هذه المشاريع لكثرتها وضخامتها واختلاف طبيعتها مما حدا بهذه الشركات إلى إيجاد إما تحالفات مع من هم أصغر منهما وإما التقاول من الباطن مع شركات أجنبية. وكل ذلك في سباق مع الزمن لتهيئة هذه البنية الأساسية، ولذا تسبب هذا الوضع في بطء التنفيذ ولربما احتكار ولدته طبيعة هذه المشاريع ووجود من هو قادر على تنفيذها. ولذا فالعربة موجودة ولكن أين الحصان؟!
إن واحداً من الحلول المقترحة للخروج من عنق الزجاجة في التنفيذ أن تقام شركات بين القطاعين العام والخاص وتكون ذات مساهمة عامة لتكوين كيانات كبيرة قادرة على التنفيذ في الوقت الذي تأمله الدولة لإنهاء هذه المشاريع. وهذه الشركات من الممكن أن تكون ذات أغراض خاصة بحكم خصوصية التوقيت تنتهي بانتهاء تنفيذ هذه المشاريع فشركات مثلاً لتنفيذ الجامعات وأخرى لسكك الحديد وغيرها للسدود وهكذا. ولربما اندمجت بعض أعمال هذه الشركات مستقبلاً حين انتهاء مشاريعها التي تخصصت فيها. إن مثل هذا المقترح هو واحد من الأساليب التي أثبتت نجاحها (والمقصود هنا المشاركة بين القطاعين العام والخاص) في قيام كيانات اقتصادية منافسة يستفيد من نتاجها ونجاحها الفرد السعودي من خلال ملكيته أسهما فيها، علاوة على ترجمة آمال حكومتنا الرشيدة في النهوض بالاقتصاد السعودي وجعله في المصاف المتقدم في التنافسية العالمية، وذلك عوضاً عن الاحتكار الذي استفاد ويستفيد منه عدد محدود من المجتمع.