مد السيارات الكهربائية الصينية يجتاح أوروبا .. التكلفة هي الحل
تباع السيارة الكهربائية ميسورة التكلفة، الأكثر مبيعا في الصين، بنحو خمسة آلاف دولار. ساعد انخفاض الأسعار إلى هذه المستويات المعقولة على مضاعفة مبيعات سيارات الركاب الكهربائية في الصين العام الماضي تقريبا. وببيع 5.9 مليون وحدة، تجاوزت مبيعاتها إجمالي المبيعات في أوروبا والولايات المتحدة بأكثر من الضعفين.
في الوقت نفسه، تعاني الصناعة طاقة فائضة ناجمة عن الاستثمار القوي في العقد الماضي. التوترات الجيوسياسية والسياسات الحكومية الناتجة عنها تجعل دخول السوق الأمريكية معقدا. ونتيجة لذلك، أصبحت أوروبا الهدف الرئيس لصانعي السيارات الكهربائية الصينيين الذين يبحثون عن أسواق جديدة. هذا يفرض حاجة جديدة للتعجيل بجهود شركات صناعة السيارات الأوروبية للحاق بالركب.
إن ما يقارب نصف السيارات المصدرة من الصين تباع الآن في أوروبا. ارتفع الرقم نحو 60 في المائة العام الماضي. وتقريبا ثلثا هذه السيارات كانت سيارات كهربائية تعمل بالبطارية. الشبه التاريخي لذلك هو دخول شركات صناعة السيارات اليابانية إلى الولايات المتحدة في سبعينيات القرن الماضي - وهو ما يقدم لمحة عما قد يحدث في أوروبا.
مع ذلك، في الوقت الحالي، لا يزال عدد السيارات الكهربائية ذات العلامات التجارية الصينية على الطرق في أوروبا منخفضا نسبيا. من بين الصادرات من الصين إلى أوروبا، كانت سيارات تسلا تشكل ما يقارب 40 في المائة منها. وشكلت المشاريع المشتركة الأوروبية والصينية العشر.
رغم ذلك، تنمو صادرات السيارات الكهربائية الصينية بوتيرة أسرع بكثير مما توقعه محللون سابقا. في جنوب شرق آسيا، وهي سوق رئيسة أخرى، تهيمن شركات صناعة السيارات الصينية، حيث تمثل ثلاثة أرباع جميع السيارات الكهربائية المبيعة. وذلك يجعل أوروبا أكثر أهمية في بحث تلك الشركات عن النمو.
تاريخيا، صدرت أوروبا السيارات إلى الصين أكثر بكثير مما استوردت. لكن التحول إلى السيارات الكهربائية جلب معه تغييرا في أنماط الشراء. فقد تحول تفضيل المستهلك إلى العلامات التجارية المحلية، وهو ما يمثل 80 في المائة من السيارات الكهربائية المسجلة حديثا في الصين.
إن لدى أوروبا مخاوف مفهومة بشأن المنافسة من صانعي السيارات الكهربائية الصينيين. تعد صناعة السيارات المحلية في المنطقة أساسية للنمو الاقتصادي وفرص العمل. وقد يؤدي التحقيق الذي تجريه المفوضية الأوروبية في دعم الصين للسيارات الكهربائية إلى زيادة رسوم الاستيراد على السيارات الكهربائية الصينية.
ومن شأن هذه الخطوة أن تجعلها أقل قدرة على المنافسة في أوروبا على المدى القصير، ما سيكبح التوسع في أكبر سوق للسيارات خارج الصين والولايات المتحدة. لكن على المدى الطويل، من المشكوك فيه ما إذا كانت التعرفات الجمركية المحتملة ستعيق الشركات المصنعة الصينية. في الواقع، قد تصبح سياراتهم الكهربائية أرخص.
إن المحرك الأكبر للاندفاع هو الطاقة الفائضة. هناك نحو 200 شركة تصنع عددا كبيرا للغاية من السيارات للسوق المحلية. ومن المتوقع أن تتجاوز الطاقة الإنتاجية 15 مليون وحدة، وهو رقم يعادل ضعف الطلب المحلي المتوقع. والقدرة الفائضة أسوأ من حيث تصنيع البطاريات. بحلول 2025، من المتوقع أن يتجاوز إنتاج نحو 50 شركة الطلب أربع مرات.
كما أن الرنمينبي، الذي وصل إلى أضعف مستوى له منذ 16 عاما، يمنح شركات السيارات الكهربائية ميزة عند تحويل المستحقات بالعملة الأجنبية إلى الرنمينبي. انخفضت الأسعار المحلية للمواد الخام بما في ذلك كربونات الليثيوم المستخدمة في البطاريات هذا العام، ما أدى إلى خفض تكاليف البطاريات، وهي المكون الأكثر تكلفة في السيارات الكهربائية.
وفي الوقت نفسه، يتسارع الاستثمار المحلي في بطاريات أيون الصوديوم للسيارات الكهربائية الصغيرة. تفتقر هذه البطاريات إلى كثافة الطاقة التي تتمتع بها نظيراتها من الليثيوم، ولكن من المتوقع أن تكلف نحو نصف متوسط تكلفة خلايا أيون الليثيوم. وكل هذا يسمح بمزيد من التخفيضات في الأسعار، وكله يأتي مع تخفيف ضغوط الهوامش.
إن البدء بالسيارات الصغيرة الرخيصة لكسب قطاع السوق الشاملة كان فاعلا في الماضي. من الجدير بنا أن ننظر إلى سبعينيات القرن الماضي، عندما بدأت شركات صناعة السيارات اليابانية في اكتساب زخم أكثر في الولايات المتحدة. ونظرا إلى عدم قدرتها على التنافس مع المنافسين الأوروبيين في التصميم والهندسة، استخدمت العلامات التجارية اليابانية سلاح القيمة.
وبأسعار منخفضة بما فيه الكفاية، لم تفعل التعرفات الجمركية الكثير لإبطاء استيلائها على حصتها السوقية في العقود التالية. تمتلك تويوتا مثلا، ثاني أكبر حصة في السوق في الولايات المتحدة، بعد جنرال موتورز. ربما تفتقر السيارات الكهربائية الصينية إلى البريق. لكن متوسط سعر السيارات الكهربائية انخفض إلى النصف تقريبا في الصين على مدى الأعوام الثمانية الماضية. وفي أوروبا ارتفعت الأسعار.
يهدف الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون هناك ما لا يقل عن 30 مليون سيارة كهربائية على الطرق بحلول 2030، ارتفاعا من تقريبا ثلاثة ملايين في العام الماضي، ما سيحفز نمو قطاع السيارات الكهربائية في السوق الشاملة في المنطقة.
وبالتالي، ينبغي أن ينصب التركيز الفوري لشركات صناعة السيارات الكهربائية الأوروبية على ضمان توجيه الموارد نحو خفض تكاليف الإنتاج باستخدام تكنولوجيات مجربة، حتى لو كان ذلك يعني أن النماذج المبكرة تفتقر إلى ذوق التصميم وسمة نظيراتها التي تعمل بالبنزين. الابتكار أمر مهم، والتعرفات الجمركية يمكن أن تتيح مزيدا من الوقت. لكن صانعي السيارات الكهربائية الأوروبيين سيحتاجون إلى أن يكونوا أكثر قدرة على المنافسة من حيث التكلفة.