أسواق المال تحافظ على وتيرتها الصعودية

أسواق المال تحافظ على وتيرتها الصعودية

حافظت الأسهم العالمية على مسيرتها الصاعدة خلال معظم الأسبوع، في الوقت الذي عمل فيه التفاؤل الحذر من البنوك المركزية على تهدئة الشكوك من أن الأسواق كانت تسبق التعافي الاقتصادي العام.
وعرضت البنوك المركزية في كل من الولايات المتحدة، بريطانيا، واليابان تصورات محسَّنة للآفاق الاقتصادية في بلادها، في حين أن البيانات التي أظهرت أن فرنسا وألمانيا عادتا إلى النمو في الربع الثاني أعطت المزيد من التشجيع للمستثمرين.
وقال مايك لينهوف وهو كبير المحللين الاستراتيجيين لدى مؤسسة برُووِين دولفين «أعطى البنك المركزي الأمريكي والمركزي البريطاني رسالة قوية حول سندات الشركات وأسواق الأسهم هذا الأسبوع».
«هذه الرسالة تلخصت في أن أسعار الفائدة ستظل على حالها لبعض الوقت بصرف النظر عن الأنباء التي ترد عن تحسن الوضع الاقتصادي، وعلى الرغم من التوقعات المشتركة حول استئناف النمو في النصف الثاني من هذا العام». وحدث هبوط حاد في السندات الحكومية قصيرة الأجل، التي تتسم بحساسية لأسعار الفائدة قصيرة الأجل. هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل سنتين بنسبة 26 نقطة أساس خلال الأسبوع من 1.30 في المائة إلى 1.04 في المائة. وهبط العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل سنتين بنسبة 30 في المائة ليصل إلى رقم قياسي جديد من الأدنى وهو 0.91 في المائة، قبيل صدور مجموعة من البيانات في الأسبوع المقبل، بما فيها محضر اجتماع لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي البريطاني، الذي يتوقع أن يعطي المزيد من الأدلة على النغمة اللينة للبنك.
العوائد على السندات الحكومية الأمريكية طويلة الأجل هبطت بعد قرار البنك المركزي بتمديد برنامج وزارة المالية لشراء الموجودات حتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر). هبط العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار 31 نقطة أساس ليصل إلى 3.54 في المائة.
واشتعلت الثقة بالاقتصاد الأمريكي بفعل التعليقات الصادرة عن البنك المركزي، والتي قالت إن النشاط في «سبيله إلى العودة إلى الاستقرار»، حيث إنه أبقى أسعار الفائدة على حالها، وهو موقف يتعارض مع تقييمه السابق من أن معدل التقلص كان في حالة تباطؤ فقط.
التعليقات الدالة على التفاؤل بشكل متواضع من ميرفين كينج محافظ البنك المركزي البريطاني، انسجمت مع التعليقات الأمريكية. قال كينج إنه في حين أن العالم يظل عالقاً بصورة قوية في «ركود عميق»، إلا أن «هناك بعض العلامات المشجعة خلال الفترة المقبلة».
في أوائل هذا الأسبوع قال البنك المركزي الياباني إن الاقتصاد الياباني «توقف عن التردي».
النغمة المتفائلة من صانعي السياسة ساعدت على رفع أسواق الأسهم الأمريكية والأوروبية إلى ارتفاعات جديدة لهذا العام. يوم الخميس وصل مؤشر ستاندارد آند بورز 500 إلى أعلى مستوى له خلال عام 2009، في حين أن الأسهم الأوروبية حققت مكاسب على غرار الأسهم الأمريكية، حيث سجل مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 أعلى مستوى له خلال عشرة أشهر، وكان ذلك يوم الخميس أيضاً. لكن يوم الجمعة هبط مؤشر ستاندارد آند بورز من جديد إلى ما دون مستوى الألف نقطة، حيث خسر 1.6 في المائة من قيمته ليصل إلى 996.19 نقطة في منتصف اليوم في نيويورك، حيث وُضِع على مسار لتسجيل أكبر خسارة يومية له منذ أكثر من شهر. وهبط مؤشر يوروفيرست 300 بمقدار 0.8 في المائة ليصل إلى 940.94، وبذلك ازدادت نسبة هبوطه لتصل إلى 1.05 في المائة.
وتأثرت الأسهم سلباً بعد صدور بيانات يوم الجمعة أظهرت أن ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة هبطت إلى أدنى مستوى لها منذ شهر آذار (مارس)، لكن مخاوف المستثمرين حول سلامة الاقتصاد في منطقة اليورو تراجعت وشعر المستثمرون بالاطمئنان بفعل العودة غير المتوقعة إلى النمو في كل من فرنسا وألمانيا، وهما أكبر اقتصادين في منطقة اليورو.
قالت إلجا بارتش، وهي اقتصادية مختصة بالمنطقة الأوروبية لدى بنك مورجان ستانلي، إن البيانات تظهر أن التعافي الأوروبي يمكن أن يحل قبل موعده، ولكنها ظلت حذرة.
وقالت «التخلص النشط من المخزون في الربع الثاني، والمبيعات القوية في السيارات، من الممكن أن تنطوي على إمكانية خلق المزيد من المفاجآت الإيجابية، ونتوقع أن يظل النمو في الناتج المحلي الإجمالي قريباً من خط الصفر في الربع الثالث».
«لكن حين ننظر إلى المرحلة المقبلة فإن من المرجح أن يظل التعافي هشاً. من المرجح أن يتراجع الإنفاق الاستهلاكي حين يتباطأ الدعم الحكومي لشراء السيارات، ومن المرجح أن أحوال سوق العمل ستؤثر سلباً في الدخل وفي الثقة».
في أسواق العملات لامس اليورو أعلى مستوى له خلال أسبوع في مقابل الدولار، في الوقت الذي تحول فيه المستثمرون عن الدولار باتجاه الموجودات الخطرة. ظل الين محافظاً على موقفه، وتمكن من الصمود في وجه الاتجاه العام طويل الأمد للين الياباني، الذي اتسم بالتراجع مع ارتفاع شهية المخاطرة العالمية.
وتراجعت أسواق الأسهم في بلدان الأسواق الناشئة، حيث كان أسوأ أداء من نصيب الأسهم الصينية. أقفلت الأسهم الصينية عند أدنى مستوى لها منذ خمسة أسابيع، حيث إن المستثمرين كانوا يشعرون بالقلق من أن السوق توسعت فوق طاقتها بعد أن أصابها الدوار من الاندفاع الذي سجل زيادة مقدارها 70 في المائة منذ بداية العام الحالي. أظهرت البيانات الاقتصادية الصينية أن معدل التوسع في ثالث اقتصاد تباطأ في شهر تموز (يوليو)، بعد أن اتبعت البنوك المملوكة للدولة أوامر الحكومة بتخفيض معدلات الإقراض. كذلك كانت هناك مخاوف حول زيادة أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي.
وتقدمت السلع أثناء الأسبوع قبل أن تعاني من تصحيح حاد يوم الجمعة. سجلت أسعار النحاس والنيكل والزنك معدلات عالية جديدة لعام 2009، مستفيدة بذلك من الزخم الذي جاء من ارتفاع الواردات الصينية، والإنفاق على البنية التحتية، المدفوع بصفقة التحفيز من المالية العامة. من جانب آخر حلق السكر إلى أعلى مستوى له خلال 28 سنة، على خلفية مخاوف تتعلق بالإنتاج في الهند والبرازيل.

الأكثر قراءة