مكاتب عفا عليها الزمن .. هل أصبحت غرف الاجتماعات ملاذا؟

مكاتب عفا عليها الزمن .. هل أصبحت غرف الاجتماعات ملاذا؟

تمتلك كل منظمة لغة منطقية بالنسبة إلى المطلعين بشؤونها، ولكنها تحير البقية. "فايننشيال تايمز" ليست استثناء.
داخل مكتبها الرئيس في لندن، لا يتردد الناس في قول أشياء مثل: "أراك في ناكفا الساعة الثالثة" أو "لماذا يكون الجو باردا دائما في باتاكا؟" أو "أين نغولتروم مرة أخرى؟".
وذلك لأن معظم قاعات الاجتماعات في المبنى تحمل أسماء العملات، وهي لمسة مبهجة للصحيفة المالية، حتى لو كان الأمر قد يستغرق بعض الوقت للتعود عليها.
ولكن منذ التحول إلى العمل المختلط، في الأغلب ما أعتقد أنه سيكون من الأفضل أن تكون هناك غرف تسمى "هينس تيث" أو "قولد دست" (تعني الشيء الذي يصعب الحصول عليه)، أو أي كلمة أخرى بمعنى "نادر بشكل مذهل ويصعب العثور عليه".
كان تعقب غرفة الاجتماعات المجانية أمرا صعبا بما فيه الكفاية قبل الوباء. ولكن من الميؤوس منه الآن أن يأتي كثير من الأشخاص إلى المكتب لمجرد مقابلة بعضهم بعضا، أو الزوار، أو إجراء مكالمة "زووم".
هذه ليست بأي حال من الأحوال مجرد مشكلة تواجهها "فايننشيال تايمز" وحدها. "وحشي"، هكذا قال رجل من شركة عالمية كبيرة عندما سألته عن عملية البحث عن غرفة اجتماعات في مبناه بلندن.
"كابوس"، قال مسؤول تنفيذي من شركة دولية كبيرة أخرى، حيث كان التدافع للحصول على غرفة خاصة شديدا لدرجة أنه ابتكر حيلا للحصول على واحدة. اتضح إخباره لزملائه بأن عليه الحفاظ على خصوصية البيانات الحساسة للسوق أنه مفيد، وكذلك الحاجة إلى إجراء مكالمة عبر تطبيق زووم مع الرئيس التنفيذي.
ثم وجد غرفة منعزلة خلف فريق تكنولوجيا المعلومات كانت مثالية، باستثناء ملصق مضحك على الحائط يقول: "حلبة الرقص من هذا الطريق". كان يخفيه عن طريق وضع رأسه بالقرب من الكاميرا، لكن في أحد الأيام، أثناء مكالمة مع الرئيس التنفيذي لأحد البنوك الكبرى، أسقط قلمه وانحنى لاستعادته وكشف الملصق أمام مدير تنفيذي مصدوم صرخ قائلا: " أين أنت على وجه الأرض؟".
لا بد أن هذا النوع من الأشياء يحدث في جميع أنحاء العالم، بناء على تقرير حديث صادر عن شركة أسترالية لأجهزة الاستشعار في مكان العمل تدعى إكس وأي سينس والتي تتتبع استخدام المساحات المكتبية.
أظهرت بياناتها مجهولة المصدر من الولايات المتحدة وهونج كونج والمملكة المتحدة وست دول أخرى أن غرف الاجتماعات المسورة هي المساحات المكتبية الأكثر استخداما على الإطلاق.
يستخدمها الناس بمعدل 67 في المائة من الوقت، مقارنة بـ13 في المائة فقط من "المساحات الجانبية" الأرخص والخالية من الجدران، والطلب آخذ في الارتفاع.
قال أحد المسؤولين التنفيذيين للموارد البشرية في شركة التكنولوجيا في التقرير: "على الرغم من أن معدل الإشغال لدينا أقل مما كان عليه قبل الوباء، إلا أن الطلب على غرف الاجتماعات لدينا أصبح الآن أعلى من أي وقت مضى". "أكبر شكوى وصلتني هي أنه من المفترض أن يشجع التكليف على مزيد من التعاون، ولكن في بعض الأيام لا يوجد مكان للتعاون!".
هذه ليست مشكلة تافهة. ليس من المنطقي إهدار مساحة ملكية باهظة الثمن، ولكن هذا هو بالضبط ما يحدث بفضل العمل المختلط.
أظهر تقرير "إكس وأي سينس" أن أكثر من ثلث المكاتب المكتبية لا يتم استخدامها مطلقا، على الرغم من أن محطات العمل في المكاتب النموذجية ذات التصميم التقليدي تشغل نحو 80 في المائة من المساحة الأرضية.
بعض من أكبر الأسماء في وادي السيليكون عازمة على حل هذه المشكلة، حسبما اكتشفته الأسبوع الماضي، عندما قام بريان تشيسكي، المؤسس المشارك لشركة إيربنب والرئيس التنفيذي، بزيارة "فايننشيال تايمز" - في غرفة باتاكا، كما حدث.
كان تشيسكي مصمما صناعيا قبل أن يصبح مليارديرا، وكان المكتب الرئيس لشركة إيربنب الذي تم تصميمه ببذخ يوصف ذات مرة بأنه "موضع حسد وادي السيليكون".
أطلقت الشركة سياسة "العيش والعمل في أي مكان" العام الماضي وانخفضت بعض الاستخدامات المكتبية. لكن تشيسكي يقول: "يبدو أننا لا نزال لا نملك غرف اجتماعات كافية". وقد لاحظ أنه في مكتب "فايننشيال تايمز"، مثل كثيرين آخرين، "كل مكتب تقريبا فارغ وكل غرفة (اجتماعات) تقريبا ممتلئة".
هذا يدل على أنه حتى أذكى أماكن العمل تم تصميمها وفقا لمبادئ تحتاج إلى "تقويض بالكامل"، على حد قوله، مضيفا أنه كان يعمل على هذه المشكلة. "في العام أو العامين المقبلين، سنقوم بتصميم ما نعتقد أنه قد يبدو عليه مكتب القرن الـ21، أو على الأقل هذا العقد". وعلى الرغم من غطرسة الوادي، إلا أنني آمل بشدة أن ينجح. لأنك لو كنت تخترع المكتب اليوم، فمن المؤكد أنك لن ترغب فيما لدينا الآن.

الأكثر قراءة