بعد الآمال الزائفة .. فجر السوق اليابانية يبزغ

بعد الآمال الزائفة .. فجر السوق اليابانية يبزغ

لدى الأسهم اليابانية طريقة في تحويل الناس إلى ساخرين محترفين. لذلك قد يكون من المناسب بعد أشهر من المكاسب، أن يبدأ بعض المستثمرين التساؤل عما إذا كانت هذه السوق الشهيرة بالتقلب قد تجاوزت الحدود.
ليس هناك ما يدعو إلى السخرية في الوصول للوضع الراهن. استغرق تعافي مؤشري توبكس ونيكي تعافيا ملموسا بعد الانهيار المذهل الذي شهدته السوق أكثر من 30 عاما، ولا يزال المؤشران أدنى من أعلى مستوياتهما في 1990. تسببت سلسلة من الآمال الزائفة بصدمة لكثير من مديري الأموال وتركتهم مترددين في المشاركة فيها لأعوام.
قال أحد مديري الصناديق إن جهوده التي استمرت لعقود في محاولة الحصول على عوائد من هذه السوق تمثل "شبابا ضائعا". ربما كانت السيارات السريعة والمقاهي الرديئة أكثر متعة من ذلك.
لكن كل المسائل اجتمعت هذا العام، على الرغم من الإجماع الواضح للغاية على أن 2023 سيكون باهتا كغيره من الأعوام السابقة. ارتفع مؤشرا توبكس ونيكي 225 أكثر من 20 في المائة حتى الآن هذا العام. هذا ينخفض إلى أرقام من خانة واحدة من حيث القيمة بالدولار، ولكن هذا العام لا يزال عاما رائعا.
من المؤكد أن السياسة النقدية ساعدت على ذلك. بعد نضال لفترة طويلة من أجل الهروب من الحقبة المؤلمة المتمثلة في التضخم المنخفض إلى أدنى مستوياته، فإن بنك اليابان ليس في عجلة من أمره لسحق الجولة الأولى من النمو الكبير في الأسعار منذ أعوام. إذ ترك سعر فائدته القياسي تحت الصفر وحافظ على حد أقصى لعوائد السندات، في تناقض صريح مع بقية العالم المتقدم. أدى ارتفاع التضخم إلى حدوث تحول حقيقي في عقلية الشركات اليابانية. كما أدى إصرار البنك المركزي على التأكد من استمرار التضخم إلى انخفاض الين، ما أنعش المصدرين، على الرغم من أن المدى الحقيقي لأهميته بالنسبة إلى الأسهم يعد موضع نقاش.
مع ذلك، جاء الدعم الرئيس من التركيز الأكبر، على المستوى الحكومي، على إصلاح الشركات - وعلى تعزيز أسواق مال صحية أكثر مع مشاركة أوسع من الأفراد.
ابتلع كبار المستثمرين العالميين الطعم. قالت شركة بلاك روك، وهي أكبرهم جميعا، هذا الشهر إنها ستزيد مخصصاتها اليابانية، بوضع شريحة من الموارد في أسهم البلاد أكبر مما تشير إليه المعايير القياسية. قال معهد بلاك روك للاستثمار إن بيئة السوق العالمية التي تتسم بارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ النشاط الاقتصادي والتضخم المستمر تعد سيئة لكثير من أسواق الأسهم الرئيسة. لكن اليابان مختلفة. "لقد تحولنا بشكل أكثر إيجابية تجاه الأسهم اليابانية، حيث زدنا وزنها بسبب الأرباح القوية، وإعادة شراء الأسهم وغيرها من إصلاحات الشركات الداعمة للمساهمين"، كما قال.
من جانبها، قالت شركة يو بي إس لإدارة الثروات الشهر الماضي إن تدفقات الاستثمار في الأسهم إلى اليابان تجاوزت التدفقات إلى الصين للمرة الأولى منذ 2017. "لكننا نعتقد أن الأسهم اليابانية لا تزال غير مملوكة بصورة كافية ولا تحظى بتقدير كبير من المستثمرين العالميين والمحليين مقارنة بالتاريخ"، حسبما كتب كبير الاستثمار مارك هيفيلي.
"إن ارتفاع الأسهم اليابانية هذا العام يدفعه تطور حالة الاستثمار الأساس، التي نتوقع أن تستمر في العام المقبل وما بعده، ما يجعل السوق وجهة مقنعة على المدى الطويل في عالم متقدم منخفض النمو". يدير مشاركون في الاستطلاع المنتظم لمديري الصناديق الذي يجريه بنك أوف أمريكا الآن أكبر مركز وزن اليابان فيه كبير منذ 2018.
إذن ما الذي لا يعجبك في هذا؟ زهير خان، من بنك يونيون بانكير بريفي السويسري الخاص، الذي يدير صندوقا للأسهم اليابانية، هو واحد من كثير من المخضرمين الذين يسعدون بالاهتمام - وباستعداد العملاء المحتملين للرد على مكالماته بعد أعوام من تجاهله. لكن تراوده شكوك في ذلك.
يقول: "أنا أحب كل هذا الاهتمام، لا تسيئوا فهمي. إنه أفضل مما كان عليه الحال عندما تجاهل الناس اليابان. لكن كثيرا من الناس يتدفقون إليها. إنه أمر مخيف بعض الشيء".
يراهن الصندوق الذي يديره خان رهانات إيجابية على الشركات اليابانية التي تحرز تقدما في مجال حوكمة الشركات، ورهانات سلبية، أو البيع على المكشوف، على الشركات التي لا تحرز تقدما في ذلك. ويعتقد خان أن الإصلاح الإيجابي للشركات وزيادة التركيز على الربحية حقيقيان. لكن حذره يكمن في الشعور بأن قوة الارتفاع هذا العام أدت إلى المبالغة في تقييم كثير من الشركات التي تتشدق بهذه الأجندة.
يقول: "إن جميع أبحاثي في مجال الحوكمة تظهر أن ثلث الشركات لا تزال شركات ذات حوكمة سيئة وتظهر الصورة السلبية القديمة نفسها. إنها تقاوم التغيير. لكن كثيرا من هذه الشركات ارتفعت بالقدر نفسه الذي ارتفعت به الشركات الأخرى. عندما ننظر إلى السوق اليوم، نجد فيها فرصا كثيرة لكسب المال من جانب البيع على المكشوف".
كما يظهر استطلاع بنك أوف أمريكا أن المستثمرين يصنفون الأسهم اليابانية على أنها ثالث أكثر الرهانات ازدحاما في العالم - متخلفة بكثير عن أسهم التكنولوجيا الأمريكية والرهان السلبي على الصين، لكنها لا تزال متجهة نحو قمة الهرم.
يتفق بيتر تاسكر، أحد أشهر المحنكين في هذه السوق، بمشاركته في تأسيس شركة أركوس إنفيستمنت في 1998، على أن المد المتزايد للتدفقات في السوق هذا العام ربما يكون قد أوجد أجواء مزاجية متفائلة "بعض الشيء". لكنه يقول: "إنها مختلفة عن الولايات المتحدة. إنها ليست على النطاق نفسه". وتعتقد "أركوس" أن البلد يوفر الآن فرصة للمستثمرين "ظلت في طور التكوين لمدة 25 عاما".
يقول المستثمرون إن التباطؤ الاقتصادي العالمي الرهيب ربما يكون أكبر خطر على الأسهم اليابانية الآن، تماما كما هو خطر على الأسواق الكبيرة الأخرى. إن أي شكوك ناخرة إضافية تجاه الحماس المفرط هي إطراء، فهي علامة على أن المستثمرين بدأوا النظر إلى هذه السوق من خلال المنظور نفسه تجاه كل شيء آخر.

الأكثر قراءة