سوق لندن دون أكسجين الأبحاث .. الإنعاش صعب

سوق لندن دون أكسجين الأبحاث .. الإنعاش صعب

قبل 14 عاما، كانت سوق الأسهم الأمريكية تتصبب عرقا. حدث "كساد كبير" في عمليات الإدراج. لقد انقرضت الطروح العامة الأولية الصغيرة عمليا وكانت السوق تفشل في الاحتفاظ بالشركات المدرجة ورعايتها. كان المصرفيون الأمريكيون يتطلعون بحسد إلى لندن، بسوقها المزدهرة ونموها 15 في المائة في عدد عمليات الإدراج على مدار عقد - وهو تناقض صارخ مع السوق الأمريكية التي عانت انخفاضا 40 في المائة تقريبا خلال الفترة نفسها.
أوه، كيف انقلبت الطاولات. الآن، سوق لندن هي التي في حالة كساد، وصانعو الصفقات في السوق البريطانية هم الذين ينظرون بحسد إلى الجانب الآخر. سيكون من المبالغة الشديدة القول إن سوق الأسهم في المملكة المتحدة جاثية على ركبتيها، لكنها بالتأكيد تبدو وكأنها خارجة من معركة.
يلتقط المشترون الأجانب الشركات البريطانية بسعر بخس، وتتجه شركاتنا العامة نحو الأضواء الساطعة في الولايات المتحدة، وجفت مخزونات رأس المال التي كانت عميقة ذات يوم، ما ترك الشركات النامية في حالة جفاف. ولا يكاد يكون هناك أي وافدين جدد.
ما يثير القلق للغاية هو الوضع الذي دفع الحكومة إلى إلقاء ثقلها وراء مبادرات لمساعدة السوق على استجماع قواها، بما في ذلك مراجعة افتقار لندن إلى الأبحاث، بتفويض من المستشار جيريمي هانت، مع تكليف محامية حي المال راشيل كينت بمهمة تحطيم أقفال هذه البوابة بالذات.
تقترح مراجعة كينت ضرورة ضمان تغطية بحثية لكل شركة مدرجة بالتقارير المتاحة للمستثمرين عبر منصة مركزية تنشئها وزارة الخزانة والبورصة ومشغل مختار. ويمكن أن يأتي تمويل التحليل، مثلا، من رسوم تفرض على المعاملات أو من الحكومة.
لكن الأمر المهم حقا هو أن كينت ترى أن البحث ينبغي أن يكون متاحا للمستثمرين الأفراد.
تقول كينت: "أوصي بمراجعة اللوائح التنظيمية المتعلقة بالوصول إلى أبحاث استثمارية جيدة النوعية لتسهيل توفير الأبحاث للمستثمرين الأفراد. في الوقت الحاضر، دون الوصول إلى الأبحاث نفسها التي تتمتع بها المؤسسات الاستثمارية، يعتمد عدد كبير جدا من المستثمرين الأفراد على مصادر المعلومات مثل غرف الدردشة".
يعد البحث - ملاحظات السماسرة، أو التحليل، سمها ما شئت - عنصرا حيويا في الحفاظ على سير أسواق الأسهم بسلاسة. ومن دونه، ستعاني التقييمات والفائدة والسيولة مع ابتعاد المستثمرين.
حتى أعوام قليلة مضت، كان سماسرة حي المال يضخون إمدادات وفيرة من الأبحاث. من أكبر الشركات الرائدة إلى أصغر الوافدين الجدد، تم التدقيق في الشركات وفحصها والكتابة عنها. لكن صدر في المملكة المتحدة توجيه جديد للاتحاد الأوروبي، ميفيد 2، الذي يهدف إلى ضخ الشفافية في السوق.
ويتعين على السماسرة الآن أن يدفعوا مقابل الأبحاث، بدلا من تلقيها كجزء من "معاملة مجمعة" حيث تكون التكاليف غير مرئية. مع ذلك، يعني هذا الإصلاح حسن النية، إلى جانب تراجع الاهتمام المؤسسي بالشركات البريطانية، أن طلب المستثمرين على الأسهم قد انخفض ومعه تراجع تدفق الشركات إلى السوق.
وبدون أكسجين الأبحاث، فإن شركات النمو تكافح من أجل جمع المال. يربط مايك كومبس، رئيس الشؤون الخارجية في برايميري بيد، وهي منصة توفر الوصول إلى الطروح العامة الأولية، بين المستويات المنخفضة لأبحاث الاستثمار في المملكة المتحدة في قطاعات مثل التكنولوجيا، وعلوم الحياة والشركات الصغيرة بوصفها ضارة بشكل خاص. ويقول: "إن ذلك يزيد من صعوبة جذب الشركات في هذه القطاعات للمستثمرين وجمع المال".
وهذا أحد الأسباب وراء استبعاد شركات ناشئة كثيرة الإدراج كخيار عندما تكون مستعدة للتوسع، وينتهي بها الأمر بدلا من ذلك إلى لقمة لذيذة في فم لاعب أكبر. كشفت دراسة بتفويض من مدير الاستثمار تشارلز ستانلي من شركة تزويد البيانات بوهورست، أنه تم الاستحواذ على 896 شركة بريطانية عالية النمو في 2022 (40 في المائة من مشترين أجانب) مقارنة بـ121 شركة فقط في 2013. في المتوسط، اختارت 0.83 في المائة من الشركات ذات النمو المرتفع التي تراقبها بوهورست إجراء طرح عام.
كان المستثمرون الأفراد في السابق من أصحاب المصلحة الرئيسين في سوق لندن، حيث كانوا يمتلكون نحو 50 في المائة في الستينيات. والآن يملكون ما يقارب 12 في المائة. يشير نيك كينج، مؤلف ورقة بحثية بعنوان ريتيل ثيرابي صادرة عن مركز دراسات السياسات، إلى أن المدخرين في المملكة المتحدة يحتفظون بنحو 1.8 تريليون جنيه استرليني نقدا، وهي أموال في الأغلب ما يتم حبسها لأعوام لكن يمكن استثمارها لتحقيق معدلات عائد حقيقية أعلى بكثير. إن التضخم يقضم كومة الأصول هذه الذي يحتفظ بها نقدا.
رغم التحذيرات التي تشير إلى عكس ذلك، فإن الاستثمار النشط ليس نشاطا عالي المخاطر من الأفضل تركه للأغنياء. فإذا تم تنفيذه بالطريقة الصحيحة، مع العناية والإعداد المناسبين، فيمكن أن يفيد ميسوري الحال أيضا.
لكن يتم نصب الحواجز عند كل منعطف لإبقاء المستثمرين الأفراد "آمنين"، وأحد هذه الحواجز هو إبقاء أبحاث الأسهم بعيدة عن متناول أيديهم. وهذا يجعل الوضع أسوأ: يمكنك شراء أسهم في عملية إدراج جديدة لكن لا يمكنك قراءة البحث الذي من شأنه أن يمكنك من تقييم المخاطر! حتى الأبحاث "التي تصب في مصلحة أو اهتمام الشركات" يمكن أن تكون مفيدة لأنها ستحتوي على معلومات واقعية غنية، كما يعلق المحلل السابق في حي المال، روبن هاردي.
إن تمكين المستثمرين الأفراد من اتخاذ خيارات مدروسة بشكل أفضل هو أمر لا يحتاج إلى تفكير، وستساعد رؤوس أموالهم شركاتنا الناشئة على الازدهار.
ستمر أشهر قبل أن نعرف مقدار ما سيتم تنفيذه من خطة كينت لكن ينبغي لنا جميعا أن نأمل بشدة أن تكون النتيجة هي النتيجة الصحيحة للأفراد وسوق الأسهم والاقتصاد.

*محررة في مجلة إنفسترز كرونكل

الأكثر قراءة