وجها لوجه .. اتحاد البنوك المتنافسة لهزيمة شركات التكنولوجيا الكبرى
تستعد أكبر البنوك الأمريكية لإطلاق أحدث هجوم في جهودها للدفاع عن نفوذها في مواجهة مجموعات التكنولوجيا الكبرى.
يخطط جيه بي مورجان تشيس، وبنك أوف أمريكا، وويلز فارجو، وبنوك أخرى العام المقبل لإطلاق بيز، وهي عبارة عن محفظة على الهواتف المحمولة تتصل مباشرة بحسابات بطاقات الائتمان وبطاقات الصراف لـ150 مليون عميل. سيتم تشغيل التطبيق بوساطة إيرلي ورنينج سيرفيسز، وهي مجموعة اتحاد مصرفي تدير تطبيق المدفوعات زيلي.
تعد محفظة بيز أحدث علامة على أن البنوك الكبرى ترى أن الشراكات - سواء أكانت تعمل جماعيا أو حتى بالتعاون مع شركات التكنولوجيا - هي أفضل طريقة لوقف تقدم شركات مثل أبل وجوجل وأخيرا إكس لصاحبها إيلون ماسك، التي تهدف إلى تقديم الخدمات المصرفية لملايين المستخدمين.
لكن بينما تسعى البنوك إلى عقد صفقات أكثر مع شركات التكنولوجيا المالية، فإن هذه الشراكات تخضع لمزيد من التدقيق من الجهات التنظيمية التي تخشى أن تؤدي هذه الارتباطات إلى فتح البنوك والنظام المصرفي الأمريكي أمام الجهات الفاعلة السيئة.
تقول ميشيل ألت، مستشارة مصرفية ومسؤولة كبيرة سابقة في مكتب مراقبة العملة، "تريد الجهات التنظيمية أن تعرف البنوك من هم عملاؤها، ويصبح هذا الأمر أكثر صعوبة عندما تعمل من خلال شركة تكنولوجيا مالية. وفقا للروايات المتناقلة، سمعنا عن زيادة في تدقيق فحص الجهات التنظيمية لهذه الشراكات".
يمثل الاندفاع نحو الشراكة تحولا كبيرا عما كانت عليه الحالة قبل بضعة أعوام فقط، عندما اعتقدت البنوك العملاقة أن بإمكانها مواجهة شركات التكنولوجيا الكبرى وشركات التكنولوجيا المالية الناشئة وبعضها بعضا - وجها لوجه - والفوز.
في 2017، مثلا، دفع جيه بي مورجان 400 مليون دولار لشراء شركة ويباي للتكنولوجيا المالية كمنصة إطلاق لإنشاء تشيس باي - محفظة البنك على الهاتف المحمول ومنافسة أبل باي وسترايب. بعد أقل من أربعة أعوام، ومع عدم تمكنه من إقناع العملاء باتخاذ الخطوة الإضافية للدفع عبر تطبيقه، أغلق البنك محفظة تشيس باي.
في الآونة الأخيرة، أبرم جيه بي مورجان صفقات مع أمازون وأبل من شأنها أن تساعد شركتي التكنولوجيا على توسيع الخدمات المصرفية التي يمكنهما تقديمها لعملائهما. كما أبرم بنك سيتي صفقة لتوفير بعض التمويل لعرض الدفع بالتقسيط من أمازون.
في المملكة المتحدة، قالت مجموعة لويدز المصرفية هذا العام إنها تتطلع إلى عقد شراكات مع شركات التكنولوجيا المالية. وفي الوقت نفسه، وافق القسم المصرفي لشركة أورنج الفرنسية للاتصالات على صفقات مع شركتي التكنولوجيا المالية يونايند ومامبو لتشغيل منصة إقراض رقمي وخدمات مصرفية عبر الإنترنت، على التوالي.
وجدت دراسة حديثة أجراها موقع بيمنتس دوت كوم لمراقبة الصناعة أن 65 في المائة من البنوك والاتحادات الائتمانية عقدت شراكة واحدة على الأقل مع شركة للتكنولوجيا المالية في الأعوام الثلاثة الماضية.
يقول جاكوب بيثيك، كبير المسؤولين التجاريين في شركة يوليند للتكنولوجيا المالية في لندن، "نرى بنوكا كثيرة ترغب في الشراكة. بالنسبة إلينا، عادة ما تكون هذه البنوك الأوروبية متوسطة الحجم، لكن عددا متناميا من البنوك الكبيرة أصبحت أكثر اهتماما في أن تعهد إلينا ولشركات مالية أخرى بإنشاء قروضها ومنتجاتها المالية".
والآن، تعد محفظة الهاتف المحمول أكبر ساحة معركة في الصراع بين البنوك الكبرى وشركات التكنولوجيا الكبرى.
لطالما هيمنت البنوك على حصة المدفوعات من الخدمات المالية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمستهلكين. لكن القوة العظمى الناشئة في مجال تسجيل النقد هي أبل، من خلال تطبيق أبل باي للدفع باللمس.
الشركة المصنعة لهواتف آيفون لا تنشر إحصائيات رسمية حول استخدام محفظة الهاتف المحمول الخاصة بها، قائلة فقط إن 90 في المائة من تجار التجزئة في الولايات المتحدة الآن يقبلون تطبيق الدفع. ووفقا لباحثي السوق، تمثل خدمة أبل باي 6 في المائة فقط من المشتريات العالمية. لكن عدد مستخدمي خدمة أبل باي ارتفع بسرعة، من 60 مليونا قبل خمسة أعوام إلى أكثر من 500 مليون الآن. ويقول مراقبو هذه الصناعة إن هذا جعل البنوك في حالة من التوتر. يقول مايكل أبوت، الرئيس العالمي للخدمات المصرفية في شركة أكسنتشر، "إنها تجربة بقيمة 40 تريليون دولار. إذا تمعنت في هذه التجربة، يمكنك تحويلها إلى أموال".
في مارس، أعلنت أبل عن منتج جديد للشراء الآن والدفع لاحقا - أبل باي ليتر - الذي تقول إنها ستموله بأموالها الخاصة بدلا من استخدام التمويل المصرفي. وبعد شهر، أطلقت حساب توفير بفائدة عالية، من خلال شراكة مع جولدمان ساكس.
إنتر بيز هي المحفظة الرقمية للبنوك التي سيتم إطلاقها قريبا.
وتأمل البنوك في تكرار نجاحها الهائل مع تطبيق زيلي، الذي سرعان ما أصبح أكبر تطبيق للدفع بين النظراء منذ إطلاقه في 2017. ارتفعت المدفوعات على تطبيق زيلي نحو 30 في المائة العام الماضي، لتصل إلى 629 مليار دولار. هذا مقارنة بـ244 مليون دولار فقط في العام الماضي لتطبيق فينمو، الذي تم إطلاقه في 2009 والمملوك لشركة باي بال منذ 2013.
مع ذلك، تعرضت البنوك لانتقادات بأنها لا تفعل الكثير لتعويض عملاء زيلي الذين وقعوا ضحية للاحتيال، وهي مشكلة متنامية على التطبيق. وتقول البنوك إنها ليست مسؤولة عن أي أموال تفقد باستخدام أداة الدفع، المملوكة من الناحية الفنية لكيان مستقل.
ولجعل بيز تطبيقا جذابا، سيتعين على البنوك الالتزام بالسماح له بالاتصال مباشرة بالحسابات المصرفية للعملاء، كما يقول مستشارون. ويمكن لذلك أن يمنح بيز ميزة على أمثال تطبيق أبل باي، الذي لا يحتوي على أي أموال.
في الشهر الماضي، أعلنت مجموعة إيرلي ورنينج التي تقف وراء التطبيق، أنها عينت كاميرون فاولر، أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في بنك بي إم أو فاينانشال جروب الكندي، رئيسا تنفيذيا لها. ومن المتوقع أن ينضم فاولر إلى الشركة في أكتوبر.
لكن "إيرلي ورنينج" لم تقدم سوى تفاصيل قليلة حول وظائف تطبيق بيز، أو ما إذا كان المستخدمون سيتمكنون من الوصول إلى معلومات حساباتهم من خلال التطبيق. وفي كلتا الحالتين، يقول بعض مراقبي الصناعة إن البنوك ستعاني لاستعادة العملاء الذين اعتادوا بالفعل على سهولة استخدام أبل باي.
تقول ألت، "إن تاريخ الصناعة المصرفية حافل بالتطورات التي أصبحت معايير للصناعة ومن المرجح أن تصبح أبل باي واحدة منها. لست متأكدة من أن البنوك قادرة على إعادة هذا الجني إلى القمقم".