محللون: استثمارات الشركات العائلية في أسواق المال والعقارات تعرضها لمزيد من الضغوط
توقع محللون ماليون واقتصاديون تعرض عدد من الشركات العائلية في الخليج لمزيداً من الضغوط في الفترة المقبلة، وظهور تغيرات جذرية في طريقة التعامل معها من الناحية الائتمانية من قبل البنوك.
وأوضح الخبراء أن غياب الشفافية لدى هذه الشركات، وقيام بعضها باستثمار جزء لا يستهان به من أموالها في أسواق المال والعقارات التي تعرضت لانخفاض قيمتها بفعل الأزمة المالية العالمية، يشكلان أهم الأسباب التي ستؤثر في مسيرتها مستقبلاً.
ولفت الاقتصاديون إلى أن بعض الشركات قامت ببيع أصولها بأسعار السوق «المنخفضة» لتسديد التزاماتها المالية للبنوك وتفادي الوقوع في التعثر.
وكشف المختصون أن أغلبية الشركات العائلية في الخليج تفتقر لمستويات مقبولة من الشفافية نظراً لطبيعتها الخاصة، الأمر الذي سيجعل البنوك تتخوف وتتردد في تمويلها في الفترة المقبلة.
وقال لـ «الاقتصادية» الدكتور جهاد النقلة مدير عام وكالة موديز الشرق الأوسط إن الحكم على الشركات سواء عائلية أو غيرها يعتمد بالدرجة الأولى على عمليات هذه الشركات ومدى تأثرها، فإذا كان تأثر مبيعات الشركات كبيراً بالتأكيد سينعكس ذلك سلباً على التدفقات النقدية لها وبالتالي سيضعف قدرتها على السداد، أضف إلى ذلك تحفظ البنوك على عمليات إقراض جديدة مما يبعد إمكانية إعادة تمويل القروض المستحقة السداد.
وأشار النقلة إلى أن معظم الشركات الكبيرة التي تحصل على تمويل من خلال قروض مجمعة (مشتركة) أو إصدار سندات أو صكوك في العادة لا تقوم بسداد هذه القروض أو أدوات الدين الأخرى، وإنما تقوم بإعادة التمويل عن طريق قرض مجمع جديد أو إصدار صكوك جديدة وتستخدم المبالغ الجديدة في تسديد المبالغ المستحقة وهذا ما يسمى بإعادة التمويل.
وأوضح مدير عام وكالة موديز الشرق الأوسط أن الشركات العائلية تفتقر في الأغلب لمستويات مقبولة من الشفافية نظراً لطبيعتها الخاصة ما يجعل البنوك تتخوف من تمويلها في الفترة المقبلة، وأضاف «غياب الشفافية لدى الشركات العائلية يجعل الأمر ضبابياً أمام البنوك بحيث لا تستطيع التعرف بدقة على مدى تعرض هذه الشركات للبنوك الأخرى ومعرفة قيمة القروض أو الديون التي ستستحق في المدى المنظور، بعكس ما هو حاصل عند الشركات المدرجة في سوق المال التي تتمتع بشفافية تفرض عليها عرض حساباتها أمام الجميع».
ولفت الدكتور جهاد إلى أن معظم الشركات العائلية قامت بجانب أعمالها التشغيلية باستثمار جزء لا يستهان به من أموالها في أسواق المال والعقار مما يزيد الضغط عليها ولا سيما في ظل انخفاض قيمة هذه الاستثمارات متأثرة بالأزمة المالية الحالية، وهو ما حدث فعلاً مع بعض الشركات الخليجية في الفترة الأخيرة التي بدأت عند تعثرها في سداد التزاماتها المالية ببيع بعض أصولها بأسعار السوق المنخفضة.
إلى ذلك، يؤكد الدكتور خالد البسام أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز أن الشركات العائلية لا شك ستواجه مشكلات في التمويل في الفترة المقبلة، وأضاف «الوضع الاقتصادي العالمي الحالي سيطول تأثيره الشركات العائلية من خلال انخفاض مستوى التمويل لها من قبل البنوك، أو فرض قيود جديدة عليها».
وأشار البسام إلى أن غياب الشفافية ووجود النزاعات بين ملاك الشركات العائلية يمثلان مصدر قلق كبير للبنوك، مبيناً أن أفضل الحلول أمام هذه الشركات هو التحول إلى مساهمة عامة تطرح للاكتتاب العام، أو في أقل الأحوال تصبح شركات مقفلة يدخل فيها مساهمون جدد وتتمتع بأنظمة ولوائح واضحة للعيان.
وكشف أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز أن الشركات العائلية على مستوى العالم تواجه مشكلات من هذا القبيل، وأردف «في بريطانيا مثلاً إذا تجاوز رأسمال أي شركة عائلية مبلغا معينا، تجبر على التحول إلى مساهمة عامة».
وكانت مؤسسة الفارز آند مارسال Alvarez & Marsal وهي المؤسسة التي تتولى إعادة هيكلة مؤسسة «ليمان براذرز» المالية، حسبما أوردت «بلومبيرج»، قد أوضحت أن منطقة الخليج ستشهد عمليات إعادة هيكلة بما فيها أغلبية البنوك، مضيفة أن بعض مطوري المشاريع سيفشلون في سداد التزاماتهم، ما يستلزم تدخل البنوك والاستيلاء على كثير من المشروعات غير المكتملة، خصوصاً أن البنوك في المنطقة غير مهيأة لمواجهة مثل هذه المواقف.
ويضيف تقرير «الفارز آند مارسال» أن الشركات في المنطقة الخليجية بدأت الاستعانة بمؤسسات إعادة هيكلة الديون في هذا الشأن، كما أن شركة «مارسال» دخلت في مفاوضات مع بنوك كثيرة في هذه الاستشارات.
كما أن وكالة ستاندارد آند بورز S&P كانت قد خفضت تصنيفاتها لأربعة بنوك في دبي في وقت سابق من الشهر الجاري، معللة أن الانخفاض الحاد في أسعار العقارات زاد المخاطر على اقتصاد الإمارة والحواجز أمام البنوك، متوقعة أن يكون التأثير في اقتصاد دبي بوجه عام كبيراً، نظراً لأن قطاعي الإنشاءات والعقارات يمثلان نحو 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.