الديون قصيرة الأجل .. خيار الشركات الأمريكية لعائدات أعلى

الديون قصيرة الأجل .. خيار الشركات الأمريكية لعائدات أعلى

ينفر المقترضون في سوق سندات الشركات التي تبلغ قيمتها عشرة تريليونات دولار من الديون طويلة الأجل في رهان على أن تكاليف الاقتراض المرتفعة من غير المرجح أن تستمر.
جاءت سندات الشركات التي صدرت حتى الآن في 2023 بمتوسط عشرة أعوام حتى تاريخ الاستحقاق - أقل رقم منذ أكثر من عقد، وفقا لبيانات من شركة إل إس أي جي التي تغطي كلا من الديون عالية ومنخفضة الدرجة.
مع وصول إصدارات الدرجة الاستثمارية الأسبوع الماضي إلى مستواها اليومي الأعلى منذ 2020، تؤكد تواريخ الاستحقاق القصيرة كيف تكيف الشركات استراتيجياتها للتمويل في ظل ارتفاع أسعار الفائدة بشكل كبير. يأمل كثيرون أن تكاليف الاقتراض ستكون قد انخفضت عندما يعيدون تمويل ديونهم قصيرة الأجل.
"في معظم الحالات، تفضل الشركات الاقتراض لأجل ثلاثة أو خمسة أو سبعة أو عشرة أعوام أكثر من الاقتراض لأجل 30 عاما"، كما قال مات بريل، رئيس ائتمان الدرجة الاستثمارية في شركة إنفيسكو التي تدير أصولا بقيمة 1.5 تريليون دولار.
"أعتقد أن ذلك مرتبط بمدى زيادة تكلفة الاقتراض للشركات مقارنة بما كانت عليه قبل عام ونصف فقط أو نحو ذلك"، كما أضاف. "لا تريد أن تدفع هذه الفائدة العالية لوقت أطول مما يجب".
كان للديون التي أصدرت في سوق السندات ذات الدرجة الاستثمارية التي تبلغ قيمتها 8.6 تريليون دولار متوسط تاريخ استحقاق يبلغ نحو عشرة أعوام ونصف حتى الآن في 2023، أقل رقم سنوي منذ الأزمة المالية العالمية.
الاتجاه أكثر وضوحا للمقترضين في السوق عالية المخاطر ذات العوائد المرتفعة التي تبلغ قيمتها 1.3 تريليون دولار، حيث انخفضت تواريخ الاستحقاق مما يقارب سبعة أعوام وسبعة أشهر في 2022 إلى ستة أعوام في 2023 - أقصر متوسط فترة استحقاق في السجلات منذ 1990.
تأتي تواريخ الاستحقاق الأقصر مع ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية مما يقارب الصفر في وقت مبكر من العام الماضي إلى ما يراوح بين 5.25 و5.5 في المائة. في المقابل، ارتفعت عوائد الدرجة الاستثمارية إلى ما يقارب 6 في المائة من أدنى مستوياتها عند 1.9 في المائة في أواخر 2020 عندما كانت محفزات حقبة كوفيد لا تزال تؤثر في النظام المالي.
قالت مورين أوكونور، رئيسة الديون المشتركة ذات الدرجة الاستثمارية في ويلز فارجو، "يحاول المصدرون البقاء على الجانب الأقصر في المنحنى لأن الأسعار المطلقة أعلى بكثير".
بلغت عوائد السندات عالية المخاطر الآن 8.6 في المائة في المتوسط، ارتفاعا من أدنى مستوياتها عند 4.5 في المائة في 2021 - زيادة في التكاليف يقول محللون إنها أثارت كلا من تواريخ الاستحقاق الأقصر والإصدارات المدعومة بالأصول أكثر في محاولة لتقليص مدفوعات الفائدة. شكلت الديون "المضمونة"، التي تتعهد بأصول للمقرضين، حصة قياسية من إجمالي الاقتراض مرتفع العائد هذا العام.
لكن يحتاج عدد قليل نسبيا من الشركات عاجلا إلى إعادة التمويل لأن كثيرا منها استخدم المال الرخيص المعروض بداية الجائحة لمدفوعات الديون. انخفض إجمالي إصدار السندات العام الماضي وانخفض مجددا في 2023، مع انخفاض مبيعات الدرجة الاستثمارية 5 في المائة عند 942 مليار دولار.
ارتفعت إصدارات السندات عالية المخاطر بنسبة الثلث إلى 108 مليارات دولار هذا العام، مقارنة بـ2022 الضعيف على وجه الخصوص.
انقسم المستثمرون بشأن ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة مجددا هذا العام، لكنهم يتوقعون أن يبدأ البنك المركزي التخفيض تدريجيا العام المقبل.
"أعتقد أن معظم الشركات تشعر بأنها ستحظى بفرصة أفضل لتقترض بسعر أرخص - أي أن العوائد ستصبح أقل - في 2024 أو 2025"، كما قال بريل.
لكن، قال بعض المشاركين في السوق إن الاقتراض قصير الأجل يعكس طلب المستثمرين أكثر من تفضيلات الشركات.
بشكل غير معتاد، انعكس منحنى عائد سندات الخزانة هذا العام - ما يعني أن السندات قصيرة الأجل تحقق عوائد أكثر من طويلة الأجل. لذا بينما سيدفع المقترضون الذين يصدرون ديونا طويلة الأجل فائدة أعلى بكثير مما كانت عليه قبل عدة أعوام، فإن التكلفة قد تكون أقل من تكلفة الديون قصيرة الأجل.
قال ريتشارد زوجيب، الرئيس العالمي لأسواق رأس مال الديون في مجموعة سيتي، إن هناك علاقة "شد وجذب" بين المستثمرين والشركات، حيث انجذب المستثمرون لتواريخ الاستحقاق الأقصر، بينما تفضل الشركات على العكس من ذلك الديون طويلة الأجل والأرخص.
"تقول قاعدة المستثمرين: إذا كنت أستطيع الحصول على ورقة مالية لأجل خمسة أعوام تدر عوائد أفضل من ورقة مالية لأجل عشرة أعوام، فسنأخذ ورقة أجل خمسة أعوام".
"ما سيكون علينا فعله في نهاية المطاف هو هيكلة المعاملات بعنصر قصير وعنصر طويل ومحاولة دفع قاعدة المستثمرين نحو العنصر الطويل".
لكن قال دومينيك توبلان من باركليز إن تفضيلات تواريخ الاستحقاق اعتمدت على نوع المستثمر. قد يفضل بعض مشتري السندات عالية المخاطر، الذين يتحملون مخاطر ائتمانية إضافية، وضوح الديون قصيرة الأجل، كما قال، بينما المستثمرون على المدى الطويل، مثل صناديق معاشات التقاعد، "سيودون لو كان بإمكانهم تأمين هذه العوائد" التي تقدمها الشركات ذات الدرجات الأعلى.
"هذه عوائد لم يشهدوها منذ 15 عاما"، كما أضاف.

الأكثر قراءة