من الملل إلى المتعة

الشعور بالقلق والإحباط والخوف من عدم الإنجاز أو النجاح في مهمة ما أو نشاط معين يدفعنا لسلسلة من المماطلات، ما يزيد من أعبائنا الحياتية،. نعتقد أن الحل في الهروب، ولكن أين المفر سنعود مرة أخرى إلى المواجهة دون أسلحة!
لا ندرك أن السلاح بسيط جدا والحل يكمن في التدفق أو الاسترسال، ولكن ما هو الاسترسال وكيف نصل إليه؟
يعرف علماء النفس الشعور بالاسترسال بأنه نوع جديد من الوعي ذو مميزات خاصة، وهو أكثر من مجرد التركيز أو الاهتمام بشيء معين، يشعر ممارسوه أن المهمة التي يؤدونها سهلة وتركيزهم عال والوقت يمر بسرعة، على عكس المماطلة، والشعور بأنه من المستحيل أن تقوم بأي نشاط.
يصعب على من استرسل ووصل إلى حالة التدفق في عمل أو نشاط معين أن يتوقف، فالاسترسال يقلل من مشاعر القلق وجلد الذات، ويعزز الإبداع ويزيد من الإنتاجية. يشعر الأشخاص بأنهم أصبحوا كيانا واحدا مع النشاط الذي يقومون به، ما يدفعهم لأعلى درجات الأداء. وهذا ما أثبتته دراسات التصوير الدماغي حيث وجد العلماء أن الاسترسال يكون مصحوبا بتغيرات في النشاط العصبي، خاصة في مناطق الدماغ التي تلعب دورا في الانتباه والإدراك والوعي الذاتي. مثال بسيط على ذلك عندما تلعب لعبة إلكترونية، حتى لو كانت سهلة وخالية من التحديات العظيمة، تجد نفسك مسترسلا في أدائها مهما كانت انشغالاتك وتسعى لإنهاء مرحلة تلو الأخرى، مستجيبا لذلك الشعور الخفي بفرحة الإنجاز.
تشير الدراسات إلى أن موازنة مستوى المهارة مع التحدي الذي يمثله النشاط هو المفتاح للاسترسال به. أي أنه إذا كانت المهمة سهلة للغاية، قد يتشتت انتباهك أو قد تشعر بالملل. أما إذا كان الأمر صعبا للغاية، فقد تفقد عزيمتك.
بينما تؤكد دراسات أخرى على أن العامل الأهم هو أن تكون للأنشطة أهداف واضحة. تفسح لك المجال لتقييم التقدم الذي أحرزته على طول الطريق. يمكنك مثلا عند التدرب على رياضة معينة قياس تحسن أدائك كلما شجعك المدرب وأثنى على أدائك ومنحك درجات أعلى، قد تكون الاستجابة اللحظية كافية لتحفيز الاتصال العميق مع النشاطات التي نؤديها وقس على ذلك.
لزيادة فرصك في الاسترسال جد لنفسك بيئة هادئة بعيدا عن الضجيج أو الأجهزة التي تشتت الانتباه. قسم مهامك إلى شرائح صغيرة ومحددة يسهل تتبعها والتعلم منها. حدد أهدافا واضحة تتحدى مهاراتك من دون إحباط. إذا وجدت المهمة مملة قم بتعيين شروط إضافية لجعلها ممتعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي