عام صعب .. التقلبات العنيفة تضرب صناديق الاتجاهات

عام صعب .. التقلبات العنيفة تضرب صناديق الاتجاهات

تكافح صناديق التحوط، التي تحاول جني الأموال من خلال المراهنة على الاتجاهات السائدة في الأسواق العالمية، من أجل تكرار عام 2022 المزدهر، حيث تؤدي التقلبات العنيفة في أسعار الأصول والتحولات السريعة في توقعات المستثمرين لأسعار الفائدة للمستثمرين إلى اختلال توازنها.
تكبد ما يسمى بمستشاري تداول السلع، من ضمنهم شركة سيستيماتيكا التي تملكها ليدا براجا وشركة لينكس لإدارة الأصول في ستوكهولم، خسائر تقارب 10 في المائة منذ بداية العام حتى الآن، وفقا للأرقام التي اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز"، بينما ناضل آخرون لتحقيق مكاسب مالية.
تستخدم هذه الصناديق كميات هائلة من القوة الحاسوبية للعثور على اتجاهات وأنماط السوق واستغلالها، وكانت من بين أفضل صناديق التحوط أداء العام الماضي، حيث أتت مكاسب السلع والانخفاضات الحادة للأسهم والديون الحكومية بثمارها.
لكن هذا العام واجه المستثمرون صعوبة في قياس مسار أسعار الفائدة العالمية، ما أضر أداء كثير من متتبعي الاتجاهات، الذين يحتاجون عادة إلى اتجاهات واضحة ومستمرة من أجل تحقيق الربح. كما أدت تحركات السوق غير المتوقعة، مثل الارتفاع الكبير في أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي، إلى إضعاف الربحية.
قال أندرو بير، عضو الإدارة في شركة داينامك بيتا إنفسمنتس الاستثمارية الأمريكية "لقد عانت الأسهم وأسعار الفائدة والسلع الأساسية جميعها تقلبات عنيفة هذا العام، وهي ليست بيئة جيدة لمتبعي الاتجاهات السائدة. تبدو في شهر عبقريا، وفي الشهر التالي تشعر وكأنك أحمق".
هذا يعني انعكاسات لبعض أكبر الأسماء في الصناعة. خسرت "سيستيماتيكا"، التي تدير ما يقارب 17 مليار دولار من الأصول، 9.6 في المائة في صندوقها بلوتريند هذا العام حتى منتصف أغسطس بعد أن كسبت 30 في المائة العام الماضي. رفضت الشركة التعليق.
عانت "لينكس"، التي تدير سبعة مليارات دولار، انخفاضا قدره 9.3 في المائة في أحد صناديقها الرئيسة هذا العام حتى نهاية يوليو، بعد أن حققت 36.8 في المائة في 2022.
كما خسرت شركة أخرى، وهي "كويست بارتنرز"، التي تتبع الاتجاهات قصيرة الأجل وتدير أصولا بقيمة 1.6 مليار دولار، ما نسبته 12.1 في المائة حتى الـ11 من أغسطس، بعد أن حققت مكاسب تبلغ 25.2 في المائة العام الماضي.
قال مارتن كالستروم، نائب الرئيس التنفيذي في "لينكس"، "لقد انعكس كثير من الاتجاهات في النصف الأول من 2023 التي قدمت فرص تداول جيدة العام الماضي، ما دفع متتبعي الاتجاهات السائدة مثل لينكس إلى إعادة بعض أرباح العام الماضي".
في حين لدى الصناديق استراتيجيات تداول مختلفة قليلا، فقد عانى كثير منها في مارس عندما خفضت الأسواق بسرعة رهاناتها على مدى ارتفاع أسعار الفائدة بعد انهيار البنوك بما فيها "سيليكون فالي" و"كريدي سويس".
كان متبعو الاتجاهات السائدة يتوقعون أن تشهد أسعار السندات، التي دفعت إلى الانخفاض بسبب ارتفاع أسعار الفائدة من البنوك المركزية، انخفاضا أكثر. قال كارستن شميتز، رئيس الاستثمار المشارك في شركة وينتون، التي تدير أصولا بقيمة عشرة مليارات دولار التي ارتفعت صناديقها هذا العام "في بداية مارس، كان معظم مستشاري تداول السلع يتخذون مراكز قصيرة في السندات ومراكز طويلة في مؤشرات الأسهم".
لكن الاضطرابات في النظام المصرفي عززت أسعار سندات الخزانة، حيث راهن المستثمرون على أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيبطئ وتيرة رفع أسعار الفائدة لدعم الاستقرار المالي. والعوائد تتحرك عكسيا بالنسبة إلى الأسعار.
قال كريستوفر ريف، مدير المخاطر في صندوق آسبكت كابيتال، الذي ارتفع أيضا هذا العام "لم نكن مفرطين في الرفع المالي على مستوى المحافظ، ومع ذلك، كنا قريبين من الحد الأقصى للمخاطر المسموح بها في أسواق الدخل الثابت".
حتى الشركات التي غيرت استراتيجياتها على الفور وبدأت تراهن على ارتفاع أسعار السندات وانخفاض الأسهم، عوقبت على الفور.
قال مسؤول تنفيذي في أحد صناديق التحوط "لم ينجح الأمر بالنسبة إلينا لأن جانيت يلين وزيرة الخزانة قالت إنها ستدعم البنك".
إن المحفظة النموذجية التي يديرها بنك سوسيتيه جنرال التي تهدف إلى محاكاة المراكز التي يتخذها عادة متتبعو الاتجاهات السائدة القائمة على الحاسوب، عانت أكبر خسائرها في السندات هذا العام، في إشارة إلى الألم الذي عانته هذه الصناديق. مثلا، تحركت عوائد سندات الخزانة لأجل عامين من أكثر من 5 في المائة إلى أقل من 3.8 في المائة، ثم عادت إلى ما يزيد على 5 في المائة في أقل من ستة أشهر.
كما تكبدت بعض الصناديق خسائر في أسعار الغاز الطبيعي بعد أن ارتفعت الأسعار الأوروبية بشكل غير متوقع هذا الصيف بسبب مخاوف من إضراب في أستراليا قد يعطل الإمدادات العالمية من الغاز الطبيعي المسال. ستصوت النقابات المهنية لمصلحة التصديق على اتفاق في الأيام المقبلة من شأنه إلغاء الإضراب الصناعي المحتمل، وتراجعت أسعار الغاز الطبيعي الأسبوع الماضي.
قال مسؤول تنفيذي في أحد هذه الصناديق "كان هذا الشهر مروعا"، بسبب التحركات في أسعار الغاز.

الأكثر قراءة