اخرج من فقاعتك المريحة .. غامر في العوالم الأخرى واستمتع
لطالما صدمني أغسطس بوصفه شهرا لا يمكن تحمله أبدا للشروع في أي نوع من العمل الشاق، ربما تكون الأعوام التي أمضيتها في العيش في باريس عندما كنت طفلة هي السبب. هذا وقت التمهل، والتقييم، والتركيز على الوجود - وليس مجرد الفعل - ونعم، من المحتمل جدا أن نحسم الأمور بحدة ودرامية مع أقرب وأعز الناس "يمكن أن تكون الخلافات والصراعات مهمة أيضا".
لكنه أيضا وقت الاستكشاف، للخروج من فقاعاتنا الصغيرة المريحة والقفز إلى فقاعات جديدة وغير مألوفة. بالنسبة لي، تميل فترات الراحة الأفضل والأكثر إثراء إلى أن تكون تلك التي لا تتضمن المتعة والملذات فحسب "رغم أنها يجب أن تتميز بقدر كبير من ذلك"، بل أيضا نوع التجارب التي توسع آفاقي، ما يمنحني لمحة عن الحياة ووجهات النظر التي لا أواجهها عادة.
وهذا ما يمكن أن يقدمه شهر يغلبه الكسل والتراخي مثل أغسطس - ويمكن للفكرة العامة عن العطلة أن تقدمه، في الواقع - أكثر من مجرد الراحة والاسترخاء. عبر إبعادنا عن المعركة اليومية، يمكن أن يقدم لنا فرصة العيش، ولو لبضعة أيام، في عالم مختلف.
إن هذه هدية نادرة. في مجتمعاتنا المنقسمة والموجودة بإفراط على شبكة الإنترنت، نادرا ما نحتاج - فضلا عن الميل - إلى التفاعل بأي طريقة موضوعية مع من هم من خارج مجالاتنا الاجتماعية أو الثقافية أو الفكرية الضيقة. ربما نتورط في نوع من المبارزة الأدائية سيئة النية المكونة من 280 رمزا على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن هل نحاول أن نفهم في الواقع من أين أتى الشخص الذي نختلف معه؟ انس الموضوع.
دون التعامل مع أشخاص خارج فقاعاتنا المعرفية المنتقاة، نادرا ما نشعر بالتعاطف الحقيقي معهم. إن هذا لا ينطبق على كل شخص خارجها، بالطبع - فنحن قادرون تماما على الشعور بالتعاطف تجاه الأشخاص الذين نعدهم صالحين أخلاقيا، خاصة إذا لم يهددوا مصالحنا الخاصة. ولكن خارج ذلك، يبدو أن هناك مقاومة كبيرة.
لذلك، بينما قد يكون الليبرالي ذو الميول اليسارية قادرا تماما على إظهار قدر كبير من التعاطف تجاه، مثلا، عائلة أوكرانية نازحة، يبدو أنه لا يوجد مثل هذا التعاطف عندما يتعلق الأمر بالذين يعدون لا يستحقونه. كجندي روسي شاب، ربما، أو حتى عضو في حزب المحافظين. قال 68 في المائة من ناخبي حزب العمال في استطلاع أجرته شركة أوبينيوم وكلية لندن للاقتصاد في 2019، إنهم يشعرون بـ"الاشمئزاز" تجاه الناخبين المحافظين. "أعرب 48 في المائة من حزب المحافظين عن الشعور نفسه تجاه ناخبي حزب العمال".
حسنا - قد تعتقد في النهاية - هل ينبغي حقا أن تشعر بالتعاطف تجاه الأشخاص الذين هم على الجانب الخطأ من التاريخ بالنسبة إليك؟ وهل يستحق حقا إهدار الطاقة العقلية والعاطفية في محاولة لاستحضار التعاطف مع الأشخاص الذين تعد آراؤهم خارج الحدود أو مناقضة للتقدم المجتمعي؟
باختصار، نعم. فمن المفيد دائما محاولة فهم سبب تبني الشخص الذي تختلف معه بشدة وجهة النظر التي تعدها غير مقبولة أو غريبة. الصحافيون، يتم تعليمهم أنه إذا أخبرك أحدهم أن الجو ماطر والآخر أنه غير ماطر، فإن وظيفتك ليست الإبلاغ عما يقوله كل شخص، ولكن أن تنظر من النافذة وترى الجو بنفسك. لطالما كنت مهتمة أكثر بمعرفة السبب الذي يجعل شخصا واحدا يستمر في قول إن السماء تمطر، وهي لا تمطر بوضوح.
لن نكون قادرين أبدا على تجسير الانقسامات التي تضعنا في مواجهة بعضنا بعضا، وتضعف ديمقراطياتنا وتلوث خطابنا إذا لم نكن مستعدين على الأقل لبذل الجهد لفهم وجهات نظر أخرى - مهما بدت سخيفة أو مشكوك فيها أخلاقيا. فما نميل إلى أن نجده، عندما نضع أنفسنا مكان الآخرين، هو أن سبب عدم فهمنا وجهة نظره ليس لأنه وحش بلا روح، بل لأن لديه نظاما قيما مختلفا.
هذه ظاهرة وصفها جوناثان هايدت في كتابه "العقل الصالح". "يلزم الناس أنفسهم في فرق سياسية تشترك في الروايات الأخلاقية. بمجرد قبول رواية معينة، يصبحون عميانا عن العوالم الأخلاقية البديلة"، وفقا لهاديت.
يمكننا التخفيف من هذا العمى إذا حاولنا قضاء بعض الوقت في هذه العوالم البديلة. لا يتطلب الأمر عطلة مكلفة، في الأغلب ما يكون هناك أشخاص يعيشون حياة مختلفة جدا عنا في الجوار. حتى اختيار كتاب يمكن أن يساعد على ذلك - فقد أظهرت الأبحاث أن قراءة الروايات الأدبية الخيالية يمكن أن تساعد على أن تصبح رؤيتنا للعالم أكثر دقة وتجعلنا أكثر انفتاحا.
لذلك، إذا وجدت نفسك تقول "أنا لا أفهم كيف يمكن لأي شخص أن يفكر بذلك"، عد ذلك علامة على أنك بحاجة إلى نهج جديد. بينما قد لا يعجبك دائما ما تجده، فإن محاولة فهمه لا بد أن تكون تحديا ليس لفصل الصيف فقط، بل مدى الحياة.