طبول تحذيرات لم تسمعها بكين بعد .. تحديات اقتصادية يزيدها تعقيدا مأزق الانكماش
تخيل للحظة أنك دخلت غرفة مليئة بالأشخاص، ونظرت حولك فوجدت ملامح من القلق والحزن والألم ترتسم على الوجوه، بينما تترقرق الدموع في عيون البعض، وآخرين يقفزون عاليا في الهواء محاولة لالتقاط بعض الثمار معلقة قرب سقف الغرفة فلا تصل أياديهم إلى شيء أو تطول اليسير، شخص واحد يجلس في صدارة المجلس أو قرب المنتصف ترتسم على وجهه ملامح الارتياح والهدوء وأحيانا ابتسامة خفيفة على محياه.
كيف لك أن تقيم هذا المشهد؟ أيا كان تقييمك فإنك في الأغلب ستنظر إلى هذا الشخص الذي يبدو الارتياح على ملامحه على أنه خارج السياق الجمعي للأشخاص الموجودين في تلك الغرفة، ربما لا تعرف أسباب ابتسامته، لكنك بالتأكيد ستدرك بأن وضعه مختلف عن الآخرين. تلك هي الحالة الصينية الآن.
فبينما يصرخ العالم ويئن من ارتفاع الأسعار، ووصول معدلات التضخم إلى مستويات لم يسبق لها نظير منذ 40 عاما، وتنفق الحكومات الغالي والنفيس لخفض أسعار السلع والخدمات التي تأبى أن تتراجع، ويقوم محافظو البنوك المركزية باستخدام كل ما في جعبتهم من حيل مالية للجم التضخم والسيطرة عليه، ومع ذلك يفشل أغلبهم ولا ينجح إلا قليل منهم، تقف الصين أمام مشكلة من نوع آخر، فالأسعار لديها بعكس الجميع تواصل الانخفاض والتضخم يتراجع.
من الواضح أن الصين تغرد تماما خارج سرب الاقتصاد العالمي. وسواء كنت تحب صوت المغرد الصيني أم لا، فالمؤكد أننا أمام وضع اقتصادي سينعكس على الاقتصاد العالمي شاء من شاء وأبى من أبى.
لماذا؟ كيف؟ هل؟ ثلاثة من الأسئلة الرئيسة تطرح عند البحث في موضوع تراجع الأسعار في الصين في وقت ترتفع فيه باقي الاقتصادات العالمية.
السؤال الأول: لماذا يحدث هذا في الصين؟ أما السؤال الثاني فيتعلق بكيف سينعكس ذلك على مستقبل الاقتصاد الصيني والاقتصاد الدولي؟ السؤال الأخير هو، هل تجربة الصين الاقتصادية في العشرية الثانية من هذا القرن تكرار لما حدث في اليابان في تسعينيات القرن الماضي عندما انخفضت الأسعار بشكل أربك الاقتصاد لأعوام أم أن المقارنة الاقتصادية بين البلدين فاسدة؟.
بين ماذا حدث، ولماذا حدث، وكيف سينعكس على الصين والآخرين؟ وهل تشبه الصين اليابان توجهت "الاقتصادية"، بأسئلة لمجموعة من الخبراء والمحللين، واستطلعت وجهات نظرهم ورؤيتهم لمشهد يتسم بكثير من التعقيد والإثارة في آن واحد.
الدكتورة جنيفا إدسون رئيسة قسم الاقتصاد سابقا في جامعة باث، المحاضرة السابقة في قسم الاقتصاد الآسيوي في جامعة هونج كونج، ترى أن الاقتصاد الصيني يعاني الانكماش بعد أن انخفضت أسعار المستهلك في يوليو الماضي لأول مرة منذ عامين، إلا أنها لا تعد ذلك أمرا مفاجئا، إذ كانت هناك عديد من المؤشرات توقعت حدوث ذلك، وأن النخبة الاقتصادية العالمية أرسلت تحذيرا إلى الصين بهذا الشأن في مرات عديدة، مبينة أن هذا الانكماش سيزيد الضغط على الحكومة الصينية لإنعاش طلب المستهلكين في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وحول أبعاد ما حدث، تقول لـ"الاقتصادية"، "أولا هذا الانكماش يثير تساؤلات حول وتيرة التعافي الاقتصادي في الصين بعد جائحة كورونا. ثانيا الانكماش يأتي في وقت تواجه الصين تحديات اقتصادية تزيد الموقف تعقيدا، فهناك على سبيل المثال تضخم في الديون المحلية، وتحديات سوق الإسكان وبطالة الشباب في ارتفاع إلى حد وصولها إلى مستويات قياسية، وهذا العام فقط سيدخل 11.58 مليون خريج جامعي إلى سوق العمل، والانكماش الاقتصادي يعني أن الرأسمالية الصينية والاستثمارات الأجنبية ربما تحد من استثماراتها المستقبلية، ما يفاقم مشكلة البطالة".
وتضيف، "الانكماش يجعل من الصعب على الصين خفض ديونها، والتوليفة التقليدية للتغلب على مشكلة انخفاض الأسعار من خلال زيادة الإنفاق الحكومي وخفض الضرائب وخفض أسعار الفائدة لتشجيع الاقتراض الاستهلاكي والاستثماري، لربما لا تحقق النتائج المرجوة حاليا".
لكن السؤال الذي يبحث عن إجابة، لماذا تغرد الصين خارج سرب التضخم العالمي؟ فمعظم الدول المتقدمة شهدت طفرة في الإنفاق الاستهلاكي بعد إنهاء القيود المفروضة على المجتمعات نتيجة وباء كورونا، فسياسة الإغلاق سمحت للمستهلكين برفع معدلاتهم الادخارية نتيجة البقاء في المنزل معظم الوقت خلال الوباء، ومع تراجع الوباء أو انتهائه بدأ المستهلكون في الإنفاق، وكافحت الشركات لتلبية الزيادة الهائلة في الطلب، ومع محدودية العرض وارتفاع تكاليف الطاقة خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، ارتفعت الأسعار في جميع دول العالم، لكن هذا لم يحدث في الصين، بل على العكس انخفضت الأسعار بما في ذلك ما يعرف هناك بـ"أسعار البوابة" التي تشير إلى شراء المستهلكين مباشرة من المصنع وليس من تاجر التجزئة.
ترجع الدكتورة جنيفا إدسون الانكماش الصيني إلى ضعف الإقبال على السلع الصينية من المشترين المحليين والأجانب على حد سواء.
وتقول "بالنسبة إلى الطلب الدولي على السلع الصينية فقد تراجع ويظهر ذلك من تقلص الصادرات هذا الصيف، فهناك انخفاض في الطلب من العالم المتقدم على السلع الصينية نتيجة الجهود المبذولة من الولايات المتحدة وأوروبا لتنويع العرض بعيدا عن الصين بسبب الاحتكاك الجيو سياسي بينهم".
وتضيف، "على المستوى الداخلي انخفضت أسعار المواد الغذائية وبعض المكونات الأساسية في النظام الغذائي الصيني، كما تراجعت أسعار السيارات نتيجة حرب الأسعار والخصومات الكبيرة في الصناعة، بسبب رغبة الشركات في التخلص من المخزونات الفائضة المتراكمة لديها".
وتتابع، "لكن العامل الأكبر وراء تراجع الأسعار في الصين يعود إلى قطاع العقارات، فثلاثة أخماس أصول الأسرة الصينية توجد في القطاع العقاري، وقد انخفضت أسعار المنازل القائمة في 100 مدينة صينية 14 في المائة مقارنة بأسعار 2021، بينما انخفضت الإيجارات 5 في المائة، وهذا يعني أن كثيرا من الأسر الصينية لم تعد قادرة على بيع ما لديها من عقارات للإنفاق على سلع استهلاكية أخرى مثل شراء سيارة أو أثاث منزلي جديد، وعلى الرغم من أن الحكومة ضخت مزيدا من المعروض النقدي بتشجيع البنوك على الإقراض، فإن الشركات أو المستهلكين لم يكن لديهم اهتمام كبير بالاقتراض باستثناء الشركات المملوكة للدولة وهي تخضع في الأغلب لتعليمات حكومية بمواصلة الاقتراض والاستثمار حتى في المشاريع ذات العوائد المنخفضة".
ربما لا يوجد اختلاف بين الخبراء حول حقيقية ما حدث للاقتصاد الصيني ولماذا؟ لكن من الواضح أن تقييم تأثير الانكماش في مستقبل الاقتصاد الصيني والعالمي يتضمن قدرا ملحوظا من تباين الآراء بين الخبراء.
الباحث في التجارة الدولية إل. جي. أليسون يرى أن الأمر ليس بالضرورة كله سوء.
ويقول لـ"الاقتصادية"، إنه "ربما تكون المشكلة بالنسبة إلى الاقتصاد الصيني أن الانكماش يأتي في وقت غير ملائم اقتصاديا، فهناك عديد من التحديات الاقتصادية كانت الحكومة في حاجة إلى التركيز عليها للخروج منها، فالصادرات الصينية تراجعت 14.5 في المائة في يوليو مقارنة بالعام الماضي، والواردات أيضا انخفضت 12.4 في المائة، ما يعني أن النمو الاقتصادي للصين قد يتباطأ أكثر هذا العام، كما أن هناك مشكلة عقارية حقيقية، والثقة بين المستثمرين والمستهلكين متراجعة وهناك حاجة ماسة إلى إعادة بناء تلك الثقة، ولا شك أن الانكماش الاقتصادي لا يساعد على ذلك، واستعادة الثقة هي جوهر عملية الإصلاح الاقتصادي، وهي التي ستؤدي إلى قيام المستهلك بالإنفاق بدلا من الادخار وستدفع الشركات إلى الاستثمار".
ولكن أليس انخفاض الأسعار مفيدا للمستهلكين؟
جيرمي والاس رجل الأعمال البريطاني وعضو اتحاد المصنعين البريطانيين عد أن ذلك ليس حقيقيا وليس ضروريا.
ويؤكد لـ"الاقتصادية"، أن الأسعار الأرخص تبدو من الوهلة الأولى جيدة للمستهلك، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن هؤلاء المتسوقين سيبدأون في إنفاق أموالهم سريعا أو في التو والحال.
ويقول، "عندما تنخفض الأسعار في مجموعة واسعة من السلع، خاصة السلع المهمة التي بطبيعتها مرتفعة الثمن مثل السيارات والعقارات والأثاث المنزلي والأجهزة الكهربائية، فإن المستهلك يبدأ في التفكير ويطرح على نفسه سؤالا رئيسا، أليس من الأفضل تأجيل شراء السلع الباهظة لأن السعر سيواصل الانخفاض، وهذا يحد بشكل كبير من النشاط الاقتصادي ويجبر الشركات على خفض أسعارها لضمان حد أدنى من المبيعات، لتكون لديها القدرة على تغطية التكلفة الثابتة، ومن ثم ستنخفض الأرباح ويمكن أن تتحول إلى خسارة مالية، وبالطبع سيتم تسريح العمال وربما إغلاق المصانع أو الشركات، ويتجه الاقتصاد إلى دوامة مزيد من الانخفاض وتراجع الاستثمار وتقلص الوظائف".
لكن تأثير دوامة الانكماش في الاقتصاد الصيني لن يقف عند هذا الحد، إذ سيطول أيضا القطاع المصرفي، وفقا لتقدير ألفي جيمس الخبير المصرفي الذي يرى أن الحكومة الصينية عليها أن تتحرك سريعا لمواجهة موجة الانكماش الحالية.
ويقول لـ"الاقتصادية": إن "الانكماش الحالي سيرفع مستوى أسعار الفائدة الحقيقية، وهذا يعني ارتفاع تكاليف خدمة القروض على الشركات، ما يقلل من قدرتها على الاستثمار، وارتفاع معدلات البطالة يقلص بطبيعة الحال الطلب ويدفع نحو مزيد من الانكماش، ومع تخلف المقترضين عن سداد ديونهم يتم تقويض النظام المصرفي".
ويضيف، "بالطبع هذا المصير مستبعد أن تواجهه الصين في القريب العاجل، لكن يمكن أن يترك تشوهات اقتصادية ومالية تعيق الصين عن المضي قدما في تحقيق هدفها الرئيس وهو قيادة الاقتصاد العالمي، كما أنه سينعكس على اليوان الصيني ويوجه ضربات مؤلمة له في صعوده إلى سدة العملات الدولية".
لكن إذا كانت تلك التوقعات أو التقديرات يمكن أن تصيب الاقتصاد الصيني، فعلينا أن نتذكر أن الصين تحتل المرتبة الثانية في الاقتصاد العالمي، فإلى أي مدى يمكن أن تنعكس تلك المصاعب على الاقتصاد الدولي؟
الدكتورة جيل صامويل أستاذة الاقتصاد الدولي في جامعة لندن، ترى أن ما يحدث في الاقتصاد الصيني قد يكون له بعض الفوائد على الاقتصادات المتقدمة خاصة في المدى القصير، فمع قيام الشركات المصنعة في الصين بخفض الأسعار للتخلص من فائض العرض، فإن المستفيد ستكون الدول التي تستورد من الصين مثل الولايات المتحدة وأوروبا وحتى الاقتصادات الناشئة والنامية، وقد يمثل ذلك عونا للبنوك المركزية التي تعمل على ترويض التضخم.
مع هذا تشير إلى أن الأجواء المتوترة بين الاقتصادات المتقدمة والصين، وأجواء الحمائية الاقتصادية السائدة بين الطرفين ورغبة الولايات المتحدة وأوروبا في تقليص اعتمادها التجاري على الصين، قد تعني أن انخفاض الأسعار لن يعود بفائدة كبيرة على الدول المتقدمة، خاصة إذا أخذ في الحسبان على سبيل المثال أن سلة مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي أي مجموعة السلع التي تلتهم الجزء الأكبر من إنفاق المستهلك هي المأوى والغذاء والطاقة والرعاية الصحية، وجميعها لها علاقة قليلة نسبيا بالواردات من الصين.
وتضيف، "الأمر قد يختلف بشكل ملحوظ في الاقتصادات الناشئة والفقيرة، إذ ستكون أكثر استفادة من الانكماش الصيني، حيث يمكن أن تزيد تلك الدول حجم وارداتها من الصين خاصة في مجال الآلات الصناعية، وهذا سيساعد بشكل ملحوظ على زيادة قدرتها الإنتاجية ومن ثم زيادة الصادرات، لكن في الوقت نفسه الصادرات الصينية باتت أرخص، ما يجعلها تمثل خطرا على منافسيها القادمين من الدول المتقدمة مثل اليابان والولايات المتحدة وأوروبا، فالتسونامي المتوقع للسلع الصينية منخفضة السعر الذي سيتدفق في الأشهر المقبلة على الاقتصادات الناشئة والنامية والفقيرة، سيضرب بقوة السلع المستوردة من الدول المتقدمة، وقد يؤدي إلى فقدان الوظائف فيها".
لكن السؤال الآن، إلى أي مدى سيستمر هذا الانكماش، أليس من الممكن أن يكون مشكلة اقتصادية عابرة؟ وما الأوراق المتاحة في يد الحكومة الصينية التي يمكن أن تساعدها على الخروج من هذا المأزق إذا استمر فترة طويلة؟
يعتقد آندي جو الخبير الاستثماري أنه من السابق لأوانه الجزم بأن الصين دخلت مرحلة الانكماش الاقتصادي طويل الأمد، وإن كانت أسعار السلع في الصين تسير في اتجاه الانخفاض، وربما يعود ذلك من وجهة نظره إلى ارتفاع معدلات الادخار والاستثمار المرتفع الذي أدى إلى زيادات سريعة في القدرة الصناعية للبلاد.
وحول ما الذي يمكن أن تقوم به الصين للسيطرة على الوضع، يقول لـ"الاقتصادية"، لن تخرج الصين بعيدا عن الوصفة الاقتصادية التقليدية للتعامل مع التضخم، فعليها خفض أسعار الفائدة، وإلزام البنوك بخفض احتياطياتها المالية التي تحتفظ بها، ومن ثم تعزز بذلك من السيولة النقدية في الأسواق، لكن في الوقت ذاته البنك المركزي الصيني يعاني حاليا بعض المشكلات مثل ضعف اليوان الصيني وارتفاع معدلات الديون خاصة الداخلية، وسيضغط على الحكومات المحلية لزيادة الإنفاق، كما أن السندات الصينية ربما تكون أكثر جاذبية، لكن المشكلة أن العوائد على الديون السيادية الصينية منخفضة للغاية مقارنة بالأسواق الرئيسة مما لا يجذب المتداولين الأجانب.
ويعد آندي جو أن القرار الأساسي الذي يمكن أن تتخذه الحكومة الصينية للخروج من مأزق الانكماش، هو القيام بعملية إنفاق حكومي واسعة النطاق على مشاريع البنية التحتية لإعادة الثقة إلى الأسواق.
على أي حال، الانكماش الاقتصادي ليس بغريب على الصين، فقد حدث من قبل في 2009 و2015 و2020، وفي جميع تلك الحالات استجابت الصين لهذا التحدي من خلال سياسة تيسير نقدي قوي وتحفيز مالي، لكن تكرار الظاهرة يدفع البعض إلى التساؤل، هل تكرر الصين تجربة ما يعرف بـ"عقود اليابان الضائعة".
يقول لـ"الاقتصادية"، وليام بسكي الباحث في الدورات الاقتصادية ، "لا شك أن أصداء ما حدث في اليابان في تسعينيات القرن الماضي تواجهه الصين حاليا، فالازدهار الذي شهدته اليابان سابقا انتهى نهاية مأساوية بتفجير كثير من الفقاعات الاقتصادية، حيث انهارت سوق الأسهم والعقارات، وفي الصين ارتفعت أسعار الأسهم 150 في المائة من يونيو 2022 إلى يونيو 2023، لكن يبدو أن الصين لم تسمع قرع طبول التحذيرات، وهناك إحساس بأن الفيلم الصيني الحالي أنتج في اليابان من قبل، حيث يعاني الاقتصاد الياباني تداعيات الانكماش الاقتصادي حتى اليوم".
ويضيف، "في 1999 أصبح بنك اليابان أول سلطة نقدية كبرى تخفض أسعار الفائدة الرسمية إلى الصفر، وكان ذلك رد فعل على تداعيات أزمة القروض المعدومة في التسعينيات، واتبعت اليابان منذ ذلك الحين سياسة تيسير كمي لا تزال قائمة، واليوم فإن الانكماش الاقتصادي في اليابان محاط بجبل من القروض المعدومة التي تخنق القطاع المصرفي، وفي الحالة الصينية يتمثل في القطاع العقاري المضطرب الذي يلقي بثقله على الطلب ويجعل المستهلك يفقد الثقة بالاقتصاد الوطني، ولأن العقارات تمثل 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للصين، فإن تباطؤ القطاع يشير إلى معاناة الاقتصاد ركودا من النوع الذي أصاب اليابان في الأعوام التي أعقبت انفجار الفقاعة الاقتصادية".
وبينما يرى وليام بسكي أن الصين يجب أن تتجنب السير في مسار الاقتصاد الياباني من خلال إصلاح المشكلات الرئيسة وليس أعراض الخلل الاقتصادي، يؤكد أن نموذج التنمية الاقتصادية في الصين يشبه اليابان منذ أكثر من 30 عاما مع مدخرات عالية واستثمارات مرتفعة، أما نتيجة الاستهلاك المقيد والمؤسسات الجامدة فإنها تؤثر سلبا في النجاحات التي يحققها الاقتصاد الكلي.
ويؤكد أن الإفراط المزمن في الاستثمار في الصين وسوء تخصيص رأس المال، ولا سيما في قطاع العقارات يعد مشكلة اقتصادية محتملة أكبر من الأزمة المصرفية اليابانية، مع هذا فإن الصين من وجهة نظره تتمتع ببعض المزايا مقارنة باليابان، فالنظام المالي المملوك للدولة يمكن أن يمنع البنوك الكبرى من الانهيار والفشل ويحول دون الهروب الكبير لرؤوس الأموال، لكن هذا لن يمنع الصين من اتخاذ المسار الاقتصادي نفسه الذي اتبعته اليابان، ولكن بصورة أكثر حدة.
ويقول، "في نهاية المطاف علينا دائما أن نتذكر أننا عندما نتحدث عن الصين فنحن نتحدث عن ثاني اقتصاد في العالم لشعب يبلغ عدد سكانه أكثر من مليار و400 مليون نسمة.