المملكة المتحدة على أتم استعداد لمواجهة أي جائحة

المملكة المتحدة على أتم استعداد لمواجهة أي جائحة

إن المملكة المتحدة مستعدة أفضل استعداد للجائحة المقبلة، وفقا لكبار العلماء في أحدث مركز لقاحات جديد متطور، رغم إقرارهم بأن قيود الموارد وعدم اليقين بشأن الشكل الذي سيتخذه المرض القاتل المقبل لا تزال تجعل التطوير السريع للقاح ما صعبا.
أتى التحذير قبيل افتتاح المختبرات الجديدة الرسمي الأسبوع الماضي، التي تعرف باسم مركز تطوير اللقاحات واختبارها، وتقع في بورتون داون في ويلتشاير، وأسست العام الماضي.
قالت السيدة جيني هاريس، الرئيس التنفيذي لوكالة الأمن الصحي البريطانية التي تدير المركز الجديد، إن أغلبية عمل هذه المختبرات يدعم "مهمة 100 يوم". وضحت هذه المهمة لأول مرة في 2021 تحت رئاسة بريطانيا لمجموعة الدول الصناعية السبع، حيث تهدف إلى تطوير لقاح لمرض قاتل محتمل خلال ثلاثة أشهر وأكثر بقليل منذ لحظة التعرف عليه.
قالت الأستاذة إيزابيل أوليفر، كبيرة المسؤولين العلميين في وكالة الأمن الصحي البريطانية، متحدثة إلى جانب هاريس قبل أسبوعين، إن هدف الـ280 عالما في المركز هو "اكتشاف الأخطار من مصدرها والسيطرة عليها قبل انتشارها".
طور لقاح كوفيد- 19 بسرعة غير مسبوقة لمكافحة انتشار فيروس كورونا. لكن مع هذا استغرق العلماء نحو عام بعدما أدركوا حجم التهديد حتى تحقن أولى اللقاحات في أذرع الناس، التي أنقذت أرواح 14 مليون شخص تقريبا حول العالم في أول 12 شهرا، وفقا لبحث نشر في مجلة "لانسيت"، وفي نهاية المطاف أنهت الحاجة إلى فرض إغلاقات مدمرة.
"لو كانت هذه اللقاحات متوافرة أبكر بقليل (...) أو نشرت أسرع، كنا سننقذ أرواحا أكثر بكثير (...) وطبعا كنا سنعود إلى الوضع الطبيعي أسرع بكثير"، كما قالت أوليفر.
أصرت على أن المملكة المتحدة كانت في وضع أفضل "حتما" للتعامل مع الجائحة المقبلة لكنها حذرت أن هذا التقدم لا يجب أن يؤخذ أمرا مسلما به. "هذه الإمكانات مكلفة. لا تتعلق المشكلة بالمصادر فحسب، بل باستدامة المهارات والخبرات وكل ذلك يحتاج إلى جهود مستمرة".
المختبرات الجديدة منتصبة وسط مبان رتيبة في موقع تعصف به الرياح خارج مدينة سالزبوري. يقع على بعد 200 متر منها منشأة أبحاث الدفاع البريطانية عالية السرية، التي أصبح اسم مدينة بورتون داون مرادفا لها.
تصدرت الأخيرة العناوين قبل خمسة أعوام عندما تعرف علماء فيها على السم الذي استخدم لمحاولة قتل العميل الروسي السابق سيرجي سكريبال في شكل غاز أعصاب طوره علماء سوفياتيون للاستخدام في أرض المعركة منذ السبعينيات.
استثمرت الحكومة 65 مليون جنيه استرليني لبناء مختبري اللقاحات الجديدين، وتزويدهما بالأدوات والموظفين، المنفصلين تماما عن المنشأة العسكرية. قالت وكالة الأمن الصحي البريطانية إنها كانت تسعى إلى البناء على "إرث بورتون داون وسمعتها بالتعامل بأمان مع مجموعة من الأمراض".
قال نائب مدير الوكالة، بسام هاليس، إن المركز كان "فريدا" في العالم لأنه يجمع بين كل الوظائف اللازمة لدعم تطوير اللقاحات والعلاجات، من عزل مسبب المرض حتى المراحل الأخيرة من الدراسات السريرية، في مكان واحد.
حالما تدخل إلى المبنى - ما يسمى بـ"مختبرات العزل" المحمية بأبواب محكمة، حيث يتم التعامل مع فيروسات حية - فإن حجم الأبحاث التي تجرى هناك واضح تماما.
في مختبر أمصال "عالي الإنتاجية"، لا تزال آلاف عينات من الدم أسبوعيا تعالج لمراقبة انتشار كوفيد- 19، حتى مع أن الوتيرة تباطأت نوعا ما من الأربعة آلاف في اليوم التي تعامل معها المختبر في ذروة الجائحة.
في مختبرات أخرى قريبة، تجرى عملية مشابهة لمجموعة من الأمراض، بما فيها التهاب الدماغ المنقول بالقراد والخنازير وإنفلونزا الطيور.
في مختبر "مزرعة خلايا" منفصل، كان أحد العلماء يفحص عينات دم من أشخاص حصنوا بلقاح كوفيد- 19. مزجت هذه مع فيروس حي - متحور جديد من المرض - لمعرفة ما إذا كانت الأجسام المضادة الموجودة قادرة على تحييده.
أجريت مقايسات أو فحوص لحالات عديدة في المكان، بما فيها للفيروس المسبب لجدري القردة أخيرا.
يتعاون المركز مع التحالف الدولي المعني بابتكارات التأهب الوبائي الذي يقع في النرويج ويسخر الخبرات من الأوساط الأكاديمية والصناعة.
تقر هاريس بأن هدف 100 يوم سيكون سهل التحقيق لبعض الأمراض أكثر من غيرها. لكنها ترى أملا كبيرا في تكنولوجيا الحمض النووي الريبوزي الرسول الجديدة نسبيا للقاحات، التي أنتجت بعضا من أنجح لقاحات كوفيد.
أضافت، "أرى أنها تعطينا فرصة أكثر واقعية لأن نكون قادرين على قول إننا نملك البنية الرئيسة جاهزة للاستعمال. سنعمل فيها على مسبب المرض الجديد". كما أقرت أنه لن يكون بتلك السهولة، "لكنه يبدأ بجعل ذلك أقرب للحقيقة".
لكن إنجازا مهما قد يلوح في الأفق، إذ تجرى تجارب أولية على تطعيم ضد حمى القرم الكونغو-النزفية، فيروس ينتشر عن طريق عضة قرادة مصابة وهو مميت في 30 في المائة من الحالات.
إذا نجحت التجارب سيكون ذلك أول لقاح ينتجه المركز إضافة إلى كونه الأول من نوعه في العالم.

الأكثر قراءة