"ميتا" ترجح كفة الذكاء الاصطناعي المربح على البحث العلمي

"ميتا" ترجح كفة الذكاء الاصطناعي المربح على البحث العلمي

أنهت ميتا خدمات فريق استخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء أول قاعدة بيانات لأكثر من 600 مليون بنية بروتينية، في إشارة إلى أن الشركة تتخلى عن مشاريع علمية بحتة لمصلحة بناء منتجات مربحة من الذكاء الاصطناعي.
كانت شركة التواصل الاجتماعي العملاقة قد وظفت مجموعة من نحو 12 عالما في مشروع يسمى: أي إس إم فولد، درب نموذجا لغويا كبيرا قادرا على معالجة كميات هائلة من البيانات البيولوجية للتنبؤ بهياكل البروتين. أشاد متخصصون في تطوير عقاقير وعلاجات جديدة بهذه الجهود المبذولة.
قال ثلاثة مطلعين على إعادة الهيكلة، في خطوة لم يكن مبلغا عنها سابقا، تم حل مجموعة أي إس إم فولد هذا الربيع في جزء من عمليات تسريح أوسع في الشركة.
ومع أن فريق طي البروتين كان صغيرا مقارنة بآلاف من علماء ومهندسي الذكاء الاصطناعي الذين ما زالوا يعملون في "ميتا"، إلا أن حركة إلغاء مشروعهم أظهرت رغبة الشركة في التخلي عن الأبحاث الاستطلاعية لمصلحة مشاريع الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تدر الإيرادات، حسبما أضاف المطلعون.
قال يانيف شمولي، عالم أبحاث ومدير سابق في قسم الهندسة في"ميتا إيه آي" عمل على مشروع أي إس إم فولد: "لقد حاولت ميتا مواءمة استراتيجيتها البحثية بتفضيل التعرف على كيفية إنشاء ذكاء متقدم يمكن أن يساعد ميتا كشركة، بدلا من مجرد بعض مشاريع الاستطلاع".
وفي ظل ما وصفه الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج بأنه "عام الكفاءة"، مرت "ميتا" بعملية إعادة هيكلة كبيرة في الأشهر الأخيرة. تشمل العملية تخفيض الهيكل الإداري وتقليص الوظائف وهي تؤثر في 20 ألف موظف تقريبا، بعد دعوات من مستثمرين للتركيز على الربحية والنمو.
لقد كانت "ميتا "واحدة من أوائل مجموعات التكنولوجيا الكبيرة التي استثمرت في الذكاء الاصطناعي. وقد أنشأت مختبرها لبحوث الذكاء الاصطناعي الأساسية "فير" في 2013 للعمل على البحث في المجال، وتوظف أكاديميين بارزين في هذا الاختصاص.
على مر الأعوام، نشرت أبحاثا تم الاعتراف بها في المجتمع العلمي للتقدم في مجال الذكاء الاصطناعي.
مع ذلك، فقد بدأت تتخلف عن المنافسين مثل شركات أوبن إيه أي ومايكروسوفت وجوجل، التي تمتلك جميعها روبوتات محادثة موجهة للمستهلكين تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ينصب تركيز "ميتا" الجديد على تسخير البحث والتطوير المستمرين في المجال لإنشاء منتجات تركب موجة الضجة المثارة حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهي تكنولوجيا يمكنها إنتاج فقرات مقنعة من نصوص بشرية، إضافة إلى صور وفيديوهات.
تم إنشاء فريق ذكاء اصطناعي إبداعي برئاسة كريس كوكس، مدير المنتجات في "ميتا"، في فبراير، يضم الآن مئات من الموظفين، من ضمنهم أشخاص انتقلوا من مختبر فير، وفقا لما ذكره اثنان على علم بالأمر.
ذكرت "فاينانشيال تايمز" الأسبوع الماضي أن" ميتا" كانت تخطط لإطلاق مجموعة من روبوتات الدردشة بأسلوب شخصيات مختلفة في سبتمبر، في محاولة للحاق بالمنافسين.
قالت جويل بينو، نائبة رئيس أبحاث الذكاء الاصطناعي في "ميتا": "تظل ميتا ملتزمة بإجراء فير أبحاثا استكشافية على أساس إتاحة العلم للجميع. المشاريع التي تخرج من فير وتدخل في مجالات أخرى من أعمالنا كانت دائما جزءا من كيفية عمل هذا الفريق. يمكننا هذا من تطبيق المعرفة والتقنيات من أبحاث فير عن الذكاء الاصطناعي في منتجاتنا".
مع هذا، قال بعض المطلعين على الشركة: إن الثقافة الأكاديمية داخل مختبر فير كانت مسؤولة جزئيا عن وصول "ميتا" المتأخر إلى طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي، لأنه لم يكن ثمة تعاون كاف بين الباحثين وبقية الشركة.
أضاف هؤلاء المطلعون أن التوترات امتدت أيضا على المستوى الإقليمي، حيث تشابك موظفو "ميتا إيه آي" المتنافسون في أوروبا والولايات المتحدة من أجل العمل على أفضل المشاريع وتدريب النماذج. قال أحدهم إن الشركة تحاول الآن إعادة تصميم أبحاثها التي تجريها في "فير" لتتناسب مع أهداف فريق الذكاء الاصطناعي التوليدي "جين أيه آي".
أصدر باحثو "ميتا" في نوفمبر من العام الماضي أول قاعدة بيانات لأكثر من 600 مليون بنية بروتين ميتاجينومية، المعروفة باسم أي إي إم ميتاجينوميك أطلس. علم الميتاجينوم هو دراسة بروتينات غير معروفة كثيرا في عينات من بيئات على الأرض، من ضمنها الميكروبات في التربة والمحيطات والأجسام البشرية.
عد العمل منافسا لتكنولوجيا شركة ديب مايند للتنبؤ بطي البروتين، "ألفا فولد"، التي عدت تقدما علميا في 2020 وتضاهي الأساليب المعملية من حيث دقتها.
مشروع "ميتا"، أي إس إم فولد، درب نموذجا لغويا كبيرا من أجل تعلم الأنماط التطورية وتوليد تنبؤات هياكل دقيقة من تسلسل حمض نووي لبروتين ما مباشرة. كان الذكاء الاصطناعي أسرع بما يصل إلى 60 مرة، وإن كان أقل دقة، من "ألفا فولد".
أنشأت "ميتا" قاعدة بيانات مفتوحة المصدر سمحت لعلماء باستخراج هياكل بروتينية محددة لبحوثهم التي يعملون عليها بسهولة، وقالت إنها تأمل في أن يؤدي هذا العمل إلى "تعزيز التقدم العلمي".
أثار أكاديميون مخاوف بشأن ما إذا كانت ستستمر "ميتا"، على المدى الطويل، في تحمل تكاليف إبقاء قاعدة البيانات مشغلة، إضافة إلى خدمة أخرى تسمح للعلماء بتشغيل خوارزمية أي إس إم على تسلسلات بروتينية جديدة.
قال تيم هوبارد، أستاذ المعلوماتية الحيوية في كلية كينجز كوليدج لندن: "ربما تتمتع شركات التكنولوجيا الكبيرة بميزة في قدرتها على نشر موارد حوسبية على نطاق واسع بسرعة كبيرة ودعم الخدمات المكلفة من ناحية الحوسبة للعلماء"، وأضاف أنه يأمل أن يجد الأكاديميون طرائق لمواصلة هذا العمل.
لم تؤكد "ميتا" ما إذا كان سيتم إبقاء الخدمة متاحة في المستقبل، لكنها قالت إن البيانات لا تزال متاحة حاليا ليستفيد منها المجتمع البحثي.

الأكثر قراءة