كامبريدج لا تحتاج رؤى جديدة بل تحقيق ما لديها من خطط
عندما وضع مايكل جوف وزير الإسكان خططا لتحويل مدينة كامبريدج الجامعية الشهر الماضي، طلب من جمهوره أن يتطلعوا بآمال واسعة "لتعزيز كبير" في "عاصمة العلوم الأوروبية".
وقد أوضح رؤية "لربع جديد" في المركز الرائد لعلوم الحياة في المملكة المتحدة، مع شبكات من المعامل وآلاف المنازل ذات الأسعار المعقولة، وجميعها موجودة في مساحات خضراء "لا تنافس الحدائق الملكية في العاصمة فحسب، بل أفضل الحدائق الحضرية في العالم".
لكن بالنظر إلى الاستجابة من القادة المحليين، وخبراء التخطيط والممتلكات، فمن الواضح أن تحديات خطة "كامبريدج 2040"- وهي جزء من طموح الحكومة الكبير لتحويل المملكة المتحدة إلى "قوة علمية عظمى" - كثيرة.
إذ سيتعين التغلب على الافتقار إلى البنية التحتية للمياه والنقل، وسوق عقارات ضيقة والمعارضة القوية من قبل المجتمع لمزيد من عمليات بناء المنازل، إذا تم تحويل تصاميم جوف الكبرى إلى حقيقة ملموسة.
قال ستيفن كيلي، مدير التخطيط لكل من مجلس مقاطعة ساوث كامبردجشاير ومجلس مدينة كامبريدج، "ما نحتاجه ليس مجموعة أخرى من الأهداف التنازلية أو رؤى جديدة، بل المساعدة على تحقيق ما لدينا من خطط بالفعل".
بالنسبة إلى كيلي، فإن الرؤية تتغاضى عن حقيقة أن كامبردج لديها بالفعل خطة لبناء 48 ألف منزل إضافي بحلول 2041 - وهو ما يتجاوز أهداف الحكومة.
قام مخطط كامبريدج الكبرى أخيرا برفع أهدافه المتعلقة بالبناء بأكثر من سبعة آلاف منزل لتوفير 66 ألف وظيفة يتوقع مخططو المدينة أن يتم إنشاؤها في الأعوام الـ20 المقبلة من خلال طفرة في الاستثمار في علوم الحياة.
ومع ذلك، فإن نقص البنية التحتية والقدرة على تحمل تكاليف الإسكان يعني أنه سيتم الانتهاء من عدد أقل بكثير من المنازل التي تم منحها إذن التخطيط، وفقا لتوقعات المجلس.
في إدينجتون، على بعد ميلين خارج المدينة - التي سميت على اسم عالم الفلك السير آرثر إدينجتون - تم بناء شقق سكنية باستخدام أحدث الأساليب، مع نقاط إعادة تدوير مركزية واستخدام منخفض للغاية للمياه. لكن لم يتم بيع جميع الشقق.
لا تزال مساحات متاجر التجزئة والضيافة شاغرة والميادين الصغيرة في المنطقة والأماكن العامة هادئة بشكل مخيف. قال كيلي، "الأمر فقط يستغرق وقتا ببساطة لإنشاء الأصالة ولكي تستوعب السوق المنازل الجديدة".
وفي منطقة أبعد، في تطوير قرية ووتر بيتش على المشارف الشمالية للمدينة، تم منح الإذن لبناء 6،500 منزل في موقع قاعدة جوية قديمة. لكن 4،500 منزل آخر تم تعليقها بسبب اعتراضات من وكالة البيئة على نقص إمدادات المياه.
حتى مع تحديث البنية التحتية، يتوقع المجلس أنه سيتم بناء نحو خمسة آلاف منزل فقط بحلول 2041.
يؤثر التضخم المرتفع أيضا في وتيرة بناء المساكن، وفقا لبول مومفورد، مدير مشاريع في شركة أربن أند سيفيك، الجهة المطورة الرئيسة لمشروع ووتر بيتش.
ستكلف العقارات المكونة من أربع غرف نوم في الموقع نحو 700 ألف جنيه استرليني والشقق المكونة من غرفتي نوم نحو 290 ألف جنيه استرليني، وهي أسعار تحد بشكل فاعل من المعدل الذي يمكن للسوق أن تستوعب به المنازل الجديدة.
وأضاف، "بصفتك بانيا للمنازل، فأنت تأمل عموما في بيع منزل واحد في الأسبوع، على الأقل هكذا كان الحال قبل عام. لكن الآن فالمعدل نحو نصف ذلك".
كتب قادة الحكومة المحلية إلى جوف وجيريمي هانت، وزير الخزانة، في يونيو للتحذير من أن نقص إمدادات المياه يهدد "بتقويض كبير" لخطة التطوير.
حثت الرسالة، التي اطلعت عليها صحيفة فاينانشال تايمز، الوزراء على تعجيل الخطط قيد الدراسة المتعلقة بخزانين جديدين والتراجع عن قرار منع بناء خط أنابيب من خزان جرافهام ووتر على بعد نحو 20 ميلا شمال شرق المدينة.
وحذرت من أنه، بلا حلول، لا يمكن إصدار أذونات تخطيط لأكثر من تسعة آلاف منزل، و300 ألف متر مربع من مساحة البحث في جامعة كامبريدج.
كما كان 380 ألف متر مربع من المساحات التجارية، والبحثية والتطويرية والمخبرية "معرضة لخطر عدم التقدم".
يمثل قرار الحكومة بإعادة تركيز الاهتمام بما يسمى "بالمثلث الذهبي" المكون من أكسفورد، ولندن وكامبريدج تغييرا في الاتجاه عن إدارة بوريس جونسون.
حيث وضع جونسون الخطط الخاصة بـ"آرك-قوس" أكسفورد-كامبريدج على الرف لإعطاء الأولوية للإنفاق على أجندة الحكومة "للمساواة" لإعادة التوازن إلى انعدام المساواة الإقليمية.
جاء قرار التخلي عن مشروع أرك بعد تقارير تفيد بأنه سيتطلب بناء مليون منزل، ما أثار معارضة محلية قوية.
وفي فبراير 2022، قال عضو برلماني من كامبردجشير للناخبين، إن جوف أومأ له قائلا، "هذا ما حدث لمشروع أرك". لكن في يناير الماضي، عرض سوناك دعمه المتجدد للخطة.
كما التزم الوزراء بوصلة سكة الحديد بين الشرق والغرب، التي تربط أكسفورد وكامبريدج عبر مركز التوزيع في ميلتون كينز، ما يعيد إحياء فكرة ما كان يعرف سابقا باسم سكة حديد فارسيتي.
وقالت بريدجيت سميث، زعيمة مجلس منطقة جنوب كمبريدجشير التي شاركت في التوقيع على الرسالة، إن المجلس رحب بالتغيير الأخير الذي طرأ على موقف حكومة سوناك لتركيز الاستثمار على الأحياء عالية الإنتاجية من الاقتصاد مثل كامبريدج.
لكنها أضافت أن الوزراء بحاجة إلى التركيز على إتمام الخطط الحالية قبل إعلان خطط جديدة.
وقالت، "لدينا 50 ألف منزل تم تحديدها بالفعل، لكن بسبب نقص العمالة الناجم عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وارتفاع تكلفة المعيشة والتضخم في مواد البناء، تباطأ معدل البناء بشكل كبير. الحكومة بحاجة إلى تسريع عملية الإنجاز تلك".
كما اجتذبت خطة كامبريدج 2040، التي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى بناء "ما يصل إلى" 250 ألف منزل جديد، معارضة محلية شديدة، بما في ذلك من أنتوني براون، النائب المحافظ عن جنوب كمبريدجشير، الذي وصفها علنا بأنها "سخيفة".
وفي رسالة وجهها إلى سميث وكيلي الشهر الماضي، حذر براون من أن "النطاق غير العادي" لبناء المنازل في جنوب كمبريدجشير "لن يكون مستداما" دون إدخال تحسينات على البنية التحتية للنقل والمياه.
ومع ذلك، قالت الحكومة إنها عازمة على المضي قدما في الخطط، حيث عينت بيتر فريمان، رئيس هيئة الإسكان الميسور التكلفة، هومز إنجلاند، لقيادة "مجموعة الإنجاز" بميزانية قدرها خمسة ملايين جنيه استرليني لبدء "تحديد نطاق العمل" للحي الجديد.
وقال كيلي إن المواقع المحتملة للتطوير تشمل منطقة كبيرة تشمل حاليا مطار كامبريدج على الحدود الشرقية للمدينة، وأرض براونفيلد في الشمال، الأمر الذي يتطلب نقل محطة معالجة المياه.
رفضت شركة هومز إنجلاند التعليق على دور فريمان، لكن إدارة المساواة قالت إن مجموعته "ستعمل بشكل وثيق" الآن مع السكان المحليين وقادة المجالس، الذين لم تتم استشارتهم قبل إطلاع الصحافة على الخطة، لتحقيق الرؤية.
وأضافت الإدارة، "هذا يعني حل المشكلات مثل ندرة المياه لدعم عملية التطوير حيث يكون ذلك منطقيا، إضافة إلى تشكيل رؤية لحي حضري جديد يضمن ازدهار الأفراد والأماكن والشركات معا".