بتدفقات خارجة ضخمة .. المستثمرون يصدون عن صناديق الاستثمار المكلفة

بتدفقات خارجة ضخمة .. المستثمرون يصدون عن صناديق الاستثمار المكلفة

سحب مستثمرون أمريكيون مبالغ ضخمة من صناديق الاستثمار الباهظة نسبيا العام الماضي، حيث تحول الفارق بين الصناديق الرخيصة والمكلفة إلى "فجوة"، حسبما يشير تحليل "مورنينغستار."
تعد البيانات دلالة على تركيز المستثمرون الحاد ومستشاريهم على محاولة تحقيق أعلى قدر من العوائد عن طريق إبقاء التكاليف عند الحد الأدنى.
شهدت أغلى 80 في المائة من صناديق الاستثمار المشتركة والصناديق المتداولة في البورصة في الولايات المتحدة– استنادا إلى متوسط نسبة المصروفات المرجحة بالأصول – مبلغا غير مسبوقا قدره 734 مليار دولار من صافي التدفقات الخارجة الجماعية العام الماضي، وهو ما يزيد كثيرا على الرقم القياسي السابق البالغ 431 مليار دولار في 2018، وفقا لـ"مورنينجستار".
في تناقض حاد، جمعت 20 في المائة من الصناديق الأرخص 394 مليار دولار من صافي الأموال الجديدة، مع تجاوز الفارق بين ثروات المجموعتين 1.1 تريليون دولار.
قال بريان أرمور، مدير أبحاث الاستراتيجيات الساكنة لأمريكا الشمالية في "مورنينغستار": "كان أحد أكبر الاختلافات التي رأيناها عاما بعد عام الانخفاض الكبير في الأصول في بعض استراتيجيات المضاربة الأغلى ثمنا".
يبدو الآن أن المستثمرين أصبحوا أكثر انتقاء، حيث أصبح الجزء الأغلى من أرخص 20 في المائة من الصناديق غير مرغوب.
اجتذبت أرخص 5 في المائة من الصناديق – الجزء الذي تهيمن عليه الصناديق المتداولة منخفضة التكلفة التي تتبع المؤشرات – مبلغا صافيا قدره 519 مليار دولار العام الماضي. كما شهدت الصناديق في فئة 5-10 في المائة تدفقات خارجة صافية صغيرة، لكن تم سحب 108 مليارات دولار من الصناديق في شريحة 10-20 في المائة، وهو أعلى رقم مسجل إلى حد بعيد.
أدت رغبة المستثمرين في صناديق رخيصة وإيجابية، مصحوبة بالمنافسة المتزايدة بين مديري الأصول، إلى انخفاض حاد في الرسوم على مستوى العالم في العقود الأخيرة.
كانت الولايات المتحدة الرائدة حيث انخفض متوسط نسبة المصروفات المرجحة بالأصول عبر الصناديق المشتركة والصناديق المتداولة من 91 نقطة أساس في 2002 إلى 40 نقطة أساس في 2021، قبل أن ينخفض مرة أخرى إلى 37 نقطة أساس العام الماضي.
وفقا لـ"مورنينجستار"، كان انخفاض العام الماضي بنسبة 7.4 في المائة ثاني أكبر انخفاض على أساس سنوي منذ 1994، وقدر أن هذا التخفيض الأخير في التكلفة وحده وفر للمستثمرين نحو 9.8 مليار دولار من الرسوم العام الماضي.
كان الانخفاض نتيجة لخفض الرسوم في الصناديق وتحول المستثمرين بشكل متزايد إلى المنتجات الأرخص، وتزايد شعبية الصناديق المتداولة في البورصة هو سبب جزء كبير من الانخفاض في متوسط الرسوم.
في إشارة إلى أن المستثمرين ضخوا 609 مليارات دولار في الصناديق المتداولة المدرجة في الولايات المتحدة العام الماضي، حتى مع سحب مبلغ قياسي قدره 1.1 تريليون دولار من صناديق الاستثمار المشتركة الموجودة في الولايات المتحدة، وفقا لهيئة ICI التجارية، قال أرمور: "يتوقع مستثمرو الصناديق المتداولة رسوما أقل، لذا فإن التدفقات إلى الصناديق المتداولة ترتبط بشكل كبير برسوم أرخص".
وكان يعتقد أن هذا التحول مرتفعا العام الماضي بسبب ديناميكيات السوق المتغيرة، حيث عاد المستثمرون إلى استراتيجيات أكثر منطقية بعد تعرض الاستراتيجيات التي طاردت الأداء لضربة قوية في 2022.
يكمن العامل الآخر، في كل من الولايات المتحدة وأجزاء متزايدة من أوروبا، في تطور اقتصادات المشورة.
ساعد الابتعاد عن نماذج المكافآت القائمة على العمولة والاتجاه نحو المشورة المالية القائمة على الرسوم على دفع عجلة التحول نحو الصناديق الأقل تكلفة.
"يسعى المستشارون نحو الصناديق الأقل تكلفة حتى لا يكون لديهم رسوم كثيرة إضافة إلى رسومهم "، كما قال أرمور. "من بعض النواحي يكون ذلك مجرد سحب هذه الرسوم (من الصناديق) ووضعها في مكان آخر"، كما أضاف رغم أنه كان مقتنعا بشكل عام بأن العملية أدت إلى "ربح صاف" للمستثمرين.
ويعتقد أرمور أن الاتجاه نحو الرسوم متزايدة التدني سيستمر، مدفوعا جزئيا بمديرين نشطين يوسعون استراتيجيات صناديق الاستثمار المشتركة الأكثر شيوعا في هيكل الصناديق المتداولة في البورصة، وهي خطوة تأتي عادة برسوم منخفضة.
كما أشار إلى التخفيضات في الرسوم هذا العام، مثل القرار الأخير الذي اتخذته شركة ستيت ستريت جلوبال أدفايزرز بخفض الأسعار على عشرة صناديق متداولة في البورصة، بما في ذلك تخفيض رسوم صندوق إس بي دي أر بورتفوليو هاي يلد بوند المتداول في البورصة إلى النصف عند خمس نقاط أساس، بعد أسابيع فقط من إطلاق شركة شواب أسيت مانجمينت صندوقها شواب هاي يلد بوند المتداول في البورصة عند عشر نقاط أساس.
"هناك حروب أسعار جارية، وهناك مناوشات اندلعت، ولا أتوقع أن تتوقف"، حسبما قال أرمور.
لكن في عالم الصناديق المتداولة في البورصة، على الأقل، يبدو أن ضغط الرسوم قد تباطأ خلال 2023، وفقا لبيانات من شركة فاكت سيت. تظهر أرقامها أن متوسط الرسوم انخفض بمقدار 0.1 نقطة أساس فقط في النصف الأول من هذا العام، أي خمس المعدل التاريخي.
قالت اليزابيث كاشنر، مديرة تحليلات الصناديق العالمية في "فاكت سيت"، إن هذا يرجع جزئيا إلى شعبية بعض المنتجات المكلفة نسبيا، مثل صندوق جيه بي مورجان إيكوتي بريميوم إنكوم "جيه أي بي أي"، الذي استقبل أكثر من عشرة مليارات دولار في النصف الأول من 2023.
"إن صندوق جيه أي بي أي معروف"، و"44 من منافسيه المباشرين" رسومهم أقل من رسومه البالغة 35 نقطة أساس، "لكن الصندوق هو أكبر وأسرع صندوق متداول في البورصة نموا مدارا بنشاط"، حسبما قالت.
"مستثمرو صندوق جيه أي بي أي ليسوا حساسين تجاه السعر بشكل كبير. ونتيجة لذلك، انعكس ضغط الرسوم بين الصناديق المتداولة ذات الحجم والأسلوب المدار بشكل نشط وتباطأ بالنسبة إلى جميع صناديق الأسهم المتداولة في البورصة النشطة"، كما أضافت.
على نطاق أوسع، "كما في الأعوام السابقة، استمر المستثمرون الذين اختاروا الصناديق الاستراتيجية والبسيطة في الانجذاب إلى الخيارات الأرخص، لكن الذين اختاروا الأساليب الفردية والإدارة النشطة دفعوا أكثر وأظهروا حماسا أقل للخيارات الأرخص"، كما قالت كاشنر.
ثانيا، لأول مرة منذ ستة أعوام، زاد عدد الصناديق المتداولة التي رفعت الرسوم في النصف الأول بدلا من خفضها، كما تظهر بيانات "فاكت سيت"، مع رفع 200 منها للرسوم وخفض 101 فقط للرسوم.
كان الاتجاه ملحوظا بشكل خاص في أدوات "إدارة النقد" للسندات قصيرة الأجل، حيث ارتفعت العوائد ارتفاعا حادا من مستويات عشوائية مع ارتفاع أسعار الفائدة. رفع صندوق فيرست ترست إنهانسد شورت متشورتي المتداول في البورصة نسبة نفقاته من 25 نقطة أساس إلى 45 نقطة أساس، مثلا، وهي خطوة من المتوقع أن تزيد الإيرادات بمقدار 15 مليون دولار سنويا.

الأكثر قراءة