آلاتنا تنقلب علينا .. من حقنا إصلاحها دون احتكار

آلاتنا تنقلب علينا .. من حقنا إصلاحها دون احتكار

تسببت في انزعاج طابعتي النافثة للحبر لأنني حاولت إدخال خرطوشة حبر من شركة مختلفة. ولأنها تجري تحديث للبرمجيات الداخلية، فإنها تكشف محاولاتي استخدام الخراطيش المعاد تدويرها، وتتوقف عن العمل. لقد تحولت إلى منتج مختلف عن المنتج الذي اشتريته.
عادة ما كانت الأجهزة أدوات توفر الجهد. أما الآن، علينا أن نتعامل معها بلطف وحذر لجعلها تعمل. يتوقف مجفف الملابس الجديد الفاخر في منزلي بإصدار صوت تنبيه بائس بعد كل دورة ثانية، ما لم يتم تنظيف ثلاثة فلاتر مختلفة من الوبر. "يبدو أنه من تصميم رجال لم يسبق لهم غسل الملابس"، كما قال الرجل الساخر الذي جاء لإصلاحه. يمكن التحكم في الغسالة عن بعد ولكن لن تغسل في درجة حرارة أعلى من 40 درجة مئوية ما لم يتم ضبط الإعدادات على الوضع "الصديق للبيئة"، الذي يستغرق أربع ساعات.
لا يوجد جهاز في منزلنا حساس مثل موقد الحث الحراري الفخم. عندما توقف عن العمل قبل أسابيع قليلة، سألني المهندس بنبرة اتهامية عن نوع القدور التي كنت أستخدمها. كان علينا بالفعل التخلص من الأواني غير الفولاذية، حتى يعمل التيار المغناطيسي. لكنه ادعى أن بعض أوانينا المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ "تتسبب في تعطله". ما الحل الذي اقترحه؟ اشتر مجموعة جديدة من - بالطبع - الشركة التي توظفه، والتي تصنع الموقد. لا أعرف ما إذا كنت سأصدق ادعاءه بأن مقالي القديمة القبيحة تزعج موقدي الحساس. مع ذلك، أحتاج إلى أن أكون قادرة على الطهي.
لم نعتد أبدا على إسناد السمات البشرية على الآلات التي تقوم بأشياء بسيطة - الطباعة على الورق أو تسخين الطعام. إن حقيقة أن كل هذه الأدوات أصبحت الآن في حالة من الاستياء تجعلني متشككة جدا بشأن ادعاء الرأسمالية بتوفير التحسين المستمر. إذا دخل جوزيف شومبيتر، عالم اقتصادي وسياسي، إلى مطبخي اليوم، فمن المؤكد أنه سينتقد هذا الاستبداد الجديد ويطالب "بالتدمير الإبداعي" للتخلص من التصميم الرديء والتقادم الداخلي والهدر الكبير لأجهزة اليوم. إن الشركات المهووسة "بالتحسين" وإضافة التعقيد لا تقدم منتجات أفضل، بل تسعى إلى تحقيق الربح - ويمكن رؤية فشل السوق في عدد الأجهزة التي يتم التخلص منها كل عام. تقول الأمم المتحدة إن العالم ينتج 50 مليون طن سنويا من النفايات الإلكترونية والكهربائية.
بعض أسوأ الأدوات هي تلك التي تجعلنا رهائن لاحتكارها. إننا نقبل ضمنيا، عندما نشتري وحدة ألعاب فيديو أو هاتفا محمولا أو طابعة رخيصة الثمن، أن الشركة الصانعة ستخدعنا في استخدامنا اللاحق لهذه الأجهزة. هذه هو أسلوب "شفرة وآلة الحلاقة" القديم الذي اشتهرت به شركة جيليت، حيث كانت تبيع آلة الحلاقة الآمنة بسعر التكلفة فيما باعت الشفرات بربح. لكن بعض الشركات تبالغ في ذلك. أحيانا يكون حبر الطابعة أغلى من بعض السلع الفارهة، وفقا للتحليل الذي وجد أن حبر الطابعة النافثة للحبر الذي تم شراؤه من الشركة المصنعة يمكن أن يكون أعلى 286 في المائة من الحبر من أطراف ثالثة.
دفعت شركة هيوليت-باكارد، التي صنعت طابعتي، تعويضات في الولايات المتحدة وأستراليا والآن في أجزاء من أوروبا للعملاء الذين منعوا مثلي من استخدام خراطيش ليست من صنعها.
ماذا بوسعنا أن نفعل؟ يبدو أن المواطنين يجب أن يصبحوا ناشطين من أجل منتجات أفضل. حققت حركة "الحق في إصلاح أجهزتنا" الأمريكية، التي انتشرت الآن في جميع أنحاء العالم، بعض النجاحات الملحوظة. أجبر المزارعون الأمريكيون شركة جون ديري على السماح لهم بإصلاح جراراتهم الخاصة بعد الغضب من إصرارها على أن الشركة فقط، أو وكلاءها المعتمدين، يمكنهم استخدام برمجيات التشخيص عليها. كما وافقت شركة أبل أخيرا، بعد أعوام من إخفاء دليلها الإرشادي، على بيع مكونات لعملائها لإصلاح أجهزة الآيفون وأجهزة الحاسوب المحمول. ولكن عندما أخذت حاسوبي المحمول إلى متجر أبل بعد أن صب أحد أبنائي الماء عليه، استمرت البائعة في محاولة بيع جهاز جديد لي قائلة إن تكلفة الإصلاح مثل تكلفة شراء جديد.
أمامنا مشوار طويل. من خلال بحثي في هذه المقالة، اكتشفت أن تصنيف الطاقة A +++ في غسالتي لا يأخذ في الحسبان مدة استمرارية المنتج، بل فقط دورة غسيل على 60 درجة مئوية، والتي يمكن التلاعب بها، كما زيفت "فولكسفاجن" انبعاثات سياراتها. وأظهر تحليل أجرته مجموعة المستهلكين في المملكة المتحدة "ويتش؟" أن بعض الشركات المصنعة تشغل الآلة على درجات حرارة أقل بكثير أثناء الاختبار، وتحصل على تصنيفات طاقة أعلى من الشركات الصادقة.
هناك حاجة إلى مزيد من الشفافية، بشأن عمر المنتج وكفاءته. يجب أن نحصل على ضمانات لمدة عشرة أعوام، وليس ضمانات لمدة عامين. يجب أن تكون أجهزة الشحن والكابلات عالمية، كما سيطلب الاتحاد الأوروبي العام المقبل. يجب على كل بلد أن يتبنى التشريع الفرنسي ضد "التقادم المخطط له". ويجب ألا تكون الشركات قادرة على تغيير طبيعة منتجاتنا دون موافقتنا. يقال لنا باستمرار إن الجيل الجديد من الآلات "ذكي". ولكن إذا لم يؤد جيل الآلات هذا المهمة الأساسية التي اشتريناه من أجلها، فهي مجرد خدعة.

الأكثر قراءة