لم يعد كما عهدناه .. قامات تغادر "جولدمان ساكس"
عندما وصلت مذكرة إلى صناديق الوارد لمؤسسة جولدمان ساكس سابقا هذا العام معلنة أن مايك كويستر سيغادر الشركة، سمعت شهقات موظفين في مقر البنك جنوب مانهاتن.
رحيل المخضرم والرئيس المشارك لأعمال الاستثمارات البديلة في مجموعة جولدمان بعد 25 عاما صعق الموظفين، حيث وصف أحدهم كويستر بأنه شخصية "عزيزة" على من بداخل البنك. أضاف: "إذا لم يكن لديك مرشدون طموحون، يصبح البقاء صعبا".
هذه واحدة من مغادرات عدة لشخصيات رفيعة المستوى من بنك جولدمان في الآونة الأخيرة، التي أضيفت إلى كفاحات ديفيد سولومون الرئيس التنفيذي في الأشهر الـ12 الماضية حيث كان يعمل على تخفيض مشروع مكلف في الخدمات المصرفية الاستهلاكية في وقت ما زال فيه الأداء المالي للشركة متخلفا عن المنافسين.
يقول بعض موظفي "جولدمان" الحاليين والسابقين: إن معدل دوران الموظفين يرجع جزئيا إلى انخفاض الأجور في البنك في 2022، عندما اضطر إلى تغطية خسائره في أعماله للإقراض الاستهلاكي. يلقي آخرون باللوم على إعادة تنظيم تمت أواخر العام الماضي، وهي ثاني عملية إصلاح من نوعها يجريها سولومون منذ توليه المنصب قبل أقل من خمسة أعوام. ويخشى كثيرون من أن 2023 سيكون عاما آخر مخيبا للآمال من حيث الأجور نظرا إلى التباطؤ في أساس أعمال "جولدمان"، الأعمال المصرفية الاستثمارية والتجارية.
قال أحد مستقطبي الكفاءات في وول ستريت: "إن موظفي جولدمان، الكبار منهم، أكثر انفتاحا من السابق إزاء تلقي مكالمة هاتفية مني".
وإلى جانب كويستر، الذي غادر في أبريل ويخطط لبدء مشروعه الخاص في الأسواق الخاصة، شملت أبرز المغادرات جوليان سالزبوري، كبير مسؤولي الاستثمار لإدارة الأصول والثروات، ودينا باول، رئيسة أعمال "جولدمان" التي تشمل صناديق الثروة السيادية، وجو مونتيسانو، رئيس تداول الأسهم في الأمريكتين.
خلال الأسبوع الماضي، أكد ثلاثة شركاء آخرين أنهم سيغادرون مجموعة جولدمان. رحل الإثنين اثنان من كبار محامي البنك إلى شركة سيتاديل. سيصبح ديفيد توماس رئيس الشؤون القانونية للأسواق العالمية في وحدة "سيتاديل" لصناديق التحوط، في حين سينضم ديفيد روسوف إلى ذراع "سيتاديل" للأوراق المالية وصناعة السوق في منصب رئيس تنفيذي للشؤون القانونية.
ثم في الثلاثاء، أبلغت مجموعة "جولدمان" موظفيها أن ليزا أوبوكو، شريكة منذ 2012، ستغادر. كانت تدير أعمال إدارة الثروات في البنك الذي يقدم خدماته للشركاء الحاليين والمتقاعدين.
قال مصرفي سابق في بنك جولدمان ساكس: "من الصعب رؤية ذلك حقا. لقد اعتاد أن يكون مكانا متخصصا فعلا في تدريب الأشخاص ليصبحوا قادة. المكان لم يعد نفسه بعد الآن".
ذكرت "جولدمان" شركاء حاليين يعملون في الشركة منذ فترة طويلة وجادلت بأن البنك قد مر بفترات ارتفع فيها معدل دوران الموظفين من حين لآخر، منها في 2011 عقب الأزمة المالية وفي 1998 عندما أجلت الشركة طرحا عاما أوليا.
قال توني فراتو المتحدث باسم "جولدمان": "لدينا أشخاص بمواهب فذة ممن هم الأفضل في عملهم، ولا نتفاجأ أبدا عندما يتولون بعد 20 عاما مناصب كبيرة في شركات أخرى".
أضاف: "ها هو التاريخ يعيد نفسه، إنها دورة طبيعية، وهي توجد نظاما بيئيا قويا حيث يصبح الزملاء السابقون عملاء مخلصين".
لكن آخرين في "جولدمان" يخشون من أن فقدان المعارف قد يستغرق أعواما لتعويضه. هذا يزيد المحنة بترسيخه اعتقادا داخل الشركة أنه بغض النظر عمن يغادر، فسيتم سد الثغرات بسرعة وأن هناك ما يكفي من المتعطشين والشغوفين الأذكياء بما يضمن أن البنك لن تفوته شاردة ولا واردة.
قال مصرفي غادر العام الماضي: "النكتة الدارجة في جولدمان هي أنه لا يوجد مكان يمكنه تجديد نفسه أسرع من بنك جولدمان ساكس نفسه".
بعد الخدمات المصرفية للمستهلكين، يضاعف سولومون جهوده في إدارة الأصول والثروات. يأمل البنك أن يكون بإمكان النمو في تلك الأعمال، التي يعدها المستثمرون أكثر استقرارا، أن يعزز قسم الخدمات المصرفية الاستثمارية والتداول الأكثر تقلبا. حظيت استراتيجية مشابهة بشعبية بين مستثمري منافسه القديم، بنك مورجان ستانلي.
قبيل الإعلان عن رحيل سالزبوري، دعت مجموعة جولدمان مستثمري صناديقها للتخفيف من وقع تأثير رحيله على أعمال إدارة الأصول، التي جمعت أكثر من 200 مليار دولار من إجمالي استثمارات أطراف ثالثة منذ 2020.
قال أحد المطلعين على المناقشات: "إنهم يتفهمون ذلك، لكن الوضع لا يبشر بخير لإدارة الأصول".
قالت مؤسسة جولدمان: إن هذه الدعوات ممارسة معتادة كلما غادر مسؤول تنفيذي كبير في إدارة الأصول، وأن معدل المغادرة بين المتخصصين في الاستثمار هو الأدنى منذ أعوام.
غالبا ما يعزى جزء من نجاح "جولدمان" إلى شبكة موظفيه السابقين الكبيرة والمؤثرة - يصبح الموظفون عملاء للمجموعة عادة عندما يغادرون لإدارة شركات أخرى أو للعمل في صناديق تحوط أو الانضمام إلى شركات أسهم خاصة.
كانت إحدى أولويات سولومون هي تنمية تلك الشبكة بطريقة أكثر تنسيقا، بما فيها منح الشركاء السابقين وصولا حصريا إلى أداة استثمار ستضخ أموالا في الصناديق الخاصة بالشركة.
الرتب العليا في "جولدمان" المؤلفة من نحو 425 شريكا - تعد أحد أهم الألقاب في وول ستريت على مر التاريخ - يتم اختيارها كل عامين ويخضعون لتدوير بصورة منتظمة لإفساح المجال أمام المواهب الجديدة.
قال فراتو: "نعمل على إبقاء عدد الشركاء عند العدد نفسه تقريبا وبالتالي يغادرنا 80 شريكا كل عامين تقريبا. نظرا إلى التغييرات التي أجريناها لتحقق الشركة النجاح على المدى الطويل، نتوقع معدل دوران لكن ليس بقدر لم نشهده في الدورات السابقة".
مع ذلك، يعتقد بعض موظفي "جولدمان" الحاليين والسابقين أن المغادرات في الأعوام الأخيرة، ولا سيما مستوى الشخصيات المغادرة، ملحوظة مقارنة بالعادة.
قال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في "جولدمان" هذا الأسبوع: إن العدد الكبير من المغادرين في الآونة الأخيرة جعلهم يفكرون لأول مرة في أن يصبحوا أكثر تقبلا للمكالمات الهاتفية التي تردهم من جهات عمل متوقعة.
تميزت الأعوام الأولى من ولاية سولومون أيضا بعديد من المغادرين البارزين، من بينهم جريج ليمكاو الرئيس المشارك للخدمات المصرفية الاستثمارية، الذي انضم إلى الشركة الاستثمارية التي يملكها مايكل ديل، ومارتي تشافيز الرئيس المشارك لقسم الأوراق المالية، ستيفن شير المدير المالي الذي أصبح فيما بعد الرئيس التنفيذي لشركة هيرتز.
ينضم عديد من الموظفين المغادرين إلى من رحلوا عن "جولدمان" قبلهم. سينضم سالزبوري إلى تشافيز في "سيكسث ستريت"، في حين سيعمل باول لدى ليمكاو، الذي اندمج مشروعه مع "بي دي تي"، وهو بنك تجاري بدأه بايرون تروت، أحد موظفي "جولدمان" السابقين. كما أن شركة سيتاديل، التي التحق بها بابلو سلامة رئيسها الاستثماري المشارك، قادما من "جولدمان"، وظفت كثيرين من البنك.
قال مستقطب الكفاءات في وول ستريت: "لأعوام لم يكن الناس مستعدين للمغادرة. الآن يتلقى كبار الموظفين مكالماتنا، بل يتصلون بنا أولا".