القروض طويلة الأجل لا تنطبق عليها قواعد الاستثمار وتجب فيها الزكاة

القروض طويلة الأجل لا تنطبق عليها قواعد الاستثمار وتجب فيها الزكاة

تستعرض مصلحه الزكاة والدخل قضية اعتراض زكوية تم بحثها من قبل لجنه الاعتراض الابتدائية واللجنة الاستئنافية ثم الحكم الصادر بشأنها. وتتلخص قضية الأسبوع في القروض حيث استأنفت المصلحة قرار اللجنة الابتدائية بتأييد المكلف في عدم إضافة القروض طويلة الأجل إلى الوعاء الزكوي لعامي 2001م  و2002م لخضوعها للزكاة لدى الشركة التابعة (المقترض)، فذكرت أن اللجنة الابتدائية ترى عدم جواز إخضاع المال الواحد في الحول الواحد  للزكاة مرتين منعاً للتثنية.
وترى المصلحة أن الفتوى الصادرة من مفتي عام المملكة رقم 3077/2 وتاريخ 8/11/1426 هـ بشأن السؤال عن القروض أكدت في البند أولاً بأن الزكاة تجب في الدين على المليء الباذل بالنسبة للدائن، كما أكدت على خضوعه في البند ثانياً لدى المدين وأن الجمع بين الدائن والمدين لا يترتب عليه وجوب الزكاة مرتين في مال واحد لان الدائن يزكي المال الذي يملكه وهو في ذمة المدين حيث لم يرد دليل صحيح بخصم الديون من الأموال الزكوية، ولأن المدين يزكي مالا آخر يملكه ويوجد في يده ويتمكن من التصرف فيه وفرق بين المال الذي بيد الإنسان والمال الذي في ذمته، واسترشدت المصلحة بقرار اللجنة الاستئنافية رقم 726 لعام 1427هـ الصادر لنفس الشركة عن أعوام سابقة.
وبعد اطلاع المكلف على استئناف المصلحة، أفاد بأن هذا المبلغ يمثل تمويلاً استثمارياً طويل الأجل ممنوحا لشركة تابعة. وبالتالي فإن هذا الرصيد يأخذ حكم الاستثمار في الشركة التابعة من حيث خصمه من وعاء الزكاة. وقد تأكد هذا المفهوم بخطاب مصلحة الزكاة والدخل رقم 1723/9 وتاريخ 28/3/1426 هـ بأن القرض طويل الأجل المطلوب من الشركة التابعة يمثل استثماراً إضافياً في حقوق ملكية شركة تابعة، وبالتالي فإنه يأخذ حكم الاستثمار (عرض قنية) ويجب معاملته نفس معاملة الاستثمار وخصمه من وعاء الزكاة. وتأكيداً لذلك قامت الشركة التابعة خلال 2007م بتصنيف هذا الرصيد كرأس مال إضافي ضمن حقوق ملكيتها. كما هو مبين في البيانات الحسابية للشركة التابعة التي حصلت على القرض، كما أن هذا القرض استخدم لشراء أصول طويلة الأجل (عروض قنية) وهي تخصم من وعاء الزكاة، وبالتالي فإن هذه الأموال لا تجب فيها الزكاة أصلاًً نظراً لاستخدامها لشراء عروض قنية، إضافة إلى ذلك وفي حال توحيد البيانات الحسابية للشركة التابعة مع البيانات الحسابية للشركة الأم واحتساب الزكاة على أساس البيانات الحسابية الموحدة نظراً لأن هذا القرض تم استخدامه لتمويل شراء عروض قنية، فإنه لا تجب زكاة على هذه الأموال، وفي حال عدم قبول المصلحة لما ذكر وإصرارها على اعتبار المبلغ المطلوب من الشركة التابعة ذمة مدينة فإن رفض المصلحة خصم رصيد الذمة المدينة طويلة الأجل والمستحقة من الشركة التابعة يتعارض مع نص الفتوى الشرعية رقم 23048 بتاريخ 18/11/1426 هـ من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء التي أكدت ضمن الإجابة عن السؤال الأول على الديون التي تتأخر أو لا يتم تسلمها لا تجب عليها زكاة لقولة تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم ) ولأن الزكاة مواساة فلا تجب على شخص لا يستطيع قبضها وليس في يده شيء منها، ولقد أكدت هذه الفتوى ما جاء في قرار اللجنة الابتدائية المضار إليه أعلاه بأنه لا تجب الزكاة على القروض طويلة الأجل لعدم تحصيلها وعدم حلول أجلها.
وتطالب الشركة بناء عليه بتطبيق الفتوى الشرعية المذكورة أعلاه والتي تنص على عدم وجوب زكاة على الديون التي لم يتم تسلمها لأنها ليست في يد الشركة. كما أن الفتوى رقم 22665 الصادرة بتاريخ 15/4/1424هـ أكدت بما لا يجعل مجالاً للشك جميع ما تقدم، حيث أشارت ضمن إجابة السؤال الأول إلى وجوب عدم تزكية المال الواحد في الحول الواحد مرتين. وتؤكد هذه الفتوى المفهوم الوارد في قرار اللجنة الابتدائية. وأضاف المكلف أن الشركة قامت بتقديم تظلم على قرار اللجنة الاستئنافية رقم 726 لعام 1428هـ، الذي أيد وجهة نظر المصلحة في عدم حسم القروض الممنوحة للشركات التابعة من الوعاء الزكوي لعامي 1999م و2000م . وبناءً على طلب اللجنة قدم المكلف وفق خطابه المؤرخ في 7/5/1429هـ صورة من قرار مجلس إدارة  المكلف الصادر بتاريخ 7/11/2007م يوضح اعتماد المجلس تحويل أرصدة القروض الاستثمارية طويلة الأجل الممنوحة من المجموعة إلى الشركات التابعة إلى بند الاستثمارات، وفي المقابل تصنيف هذه الأرصدة في البيانات الحسابية المدققة للشركات التابعة ضمن بند حقوق الملكية كرأس مال إضافي، وهذا يدل على نية الشركة الأم عند منحها القروض الاستثمارية طويلة الأجل لشركاتها التابعة كانت لغرض الاستثمار طويل الأجل وليس لكسب فوائد مالية، لذلك قام المكلف بتصنيف هذه القروض ضمن الاستثمارات في الشركات التابعة خلال عام 2007م وقامت الشركات التابعة بقيد نفس الرصيد كرأسمال إضافي ضمن حقوق الملكية، وتأكيداً لذلك قدمت الشركة مستندات ملحقة تعزز وجهة نظرها، وتتمثل في قرار إلحاقي صادر بتاريخ 1/12/2007م يوضح فعلياً اعتماد تحويل القرض الاستثماري طويل الأجل البالغ 124.4 مليون ريال الممنوح من المكلف إلى الشركة التابعة إلى بند الاستثمارات، وصورة من مسودة القوائم المالية للشركة الأم للسنة المنتهية في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2007م توضح تصنيف هذا القرض الاستثماري تحت بند الاستثمارات، وصورة من مسودة القوائم المالية للشركة التابعة للسنة المنتهية في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2007م توضح تصنيف هذا القرض الاستثماري تحت بند رأس مال إضافي ضمن حقوق الملكية، صورة من إيضاحي القوائم المالية المدققة للشركة الأم والشركة التابعة للسنة المنتهية في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2002م التي تؤكد أن القرض طويل الأجل البالغ 124 مليون ريال الممنوح من الشركة الأم إلى الشركة التابعة لا يحمل نفقات تمويل، وهذا الإيضاح يؤكد أن هذا الرصيد لا يمثل قرضا، وإنما يمثل استثمارا إضافيا.
وأكدت الشركة أن التطبيق الذي كان متبعا لدى المصلحة في السنوات محل الاستئناف هو قبول حسم القرض الاستثماري  طويل الأجل من الوعاء الزكوي للشركة الأم نظرا لإدراج نفس المبلغ في الوعاء الزكوي للشركة التابعة، وذلك منعا لإخضاع المبلغ نفسه للزكاة الشرعية مرتين. وبعد صدور الفتوى الشرعية التي تستند إليها المصلحة ونظرا لأن التمويل الممنوح للشركة التابعة يمثل استثمارا إضافيا يأخذ حكم رأس المال نفسه, قامت الشركة باتخاذ القرار المذكور أعلاه  وتم تصنيف القرض الاستثماري ضمن بند الاستثمارات في البيانات الحسابية للشركة وضمن  حقوق الملكية لدى الشركة التابعة كرأس مال إضافي.
وترى اللجنة بعد الاطلاع على القرار الابتدائي, وعلى الاستئناف المقدم, وما قدمه الطرفان من دفوع ومستندات, تبين أن محور الاستئناف يكمن في طلب المصلحة عدم حسم القرض المقدم من المكلف لشركته التابعة تمشيا مع الفتوى الشرعية رقم 3077 /2 وتاريخ 8/11/1426هـ, في حين يتمسك المكلف بحسم هذا القرض من وعائه الزكوي على أساس أنه استثمار طويل الأجل لا تجب فيه الزكاة لتزكيته لدى الشركة المستثمر فيها.
وترى اللجنة أيضا أن الأساس في معالجة القروض لغرض احتساب الوعاء الزكوي يتمثل في أنه تجب الزكاة على القروض عند احتساب الوعاء الزكوي للمقترض والمقرض لكونهما جهات ذات شخصية معنوية وذمة مالية مستقلة حتى ولو كان هناك علاقة ملكية مباشرة أو غير مباشرة بين المقرض والمقترض, فبالنسبة للمقرض فإن عرض العرض كرصيد في القوائم المالية للمقرض يعني أن هذا القرض يمثل دينا على مليء إذا لم يظهر في قائمة الدخل ما يثبت إعدامه، وبالتالي تجب فيه الزكاة باعتباره  دينا مرجو الأداء.
وقالت اللجنة: «بالنسبة للمقترض فإن عرض القرض في قائمة المركز المالي للمقترض فإن عرض القرض يمثل أحد مصادر التمويل الأخرى شأنه شأن رأس المال إذا كان القرض طويل الأجل (ويقصد بالقرض طويل الأجل ذلك القرض الذي يبقى في ذمة المقرض لمدة عام مالي أو الدورة التجارية أيهما أطول) ويعامل معاملة القروض طويلة الأجل القروض القصيرة الأجل إذا استخدمت في تمويل أصول ثابتة، وبالتالي يلزم إضافة هذه القروض للوعاء الزكوي حتى ولو كان المقرض طرفا ذا علاقة بالمقترض, ويعزز هذا الرأي نص فتوى هيئة كبار العلماء رقم 3077/2 وتاريخ 8/11/1426هـ التي جاء فيها «إن أدلة وجوب الزكاة عامة تشمل جميع الأموال الزكوية ولا يترتب عليه وجوب الزكاة مرتين في مال واحد لأن الدائن يزكي المال الذي يملكه وهو في ذمة المدين بينما المدين يزكي مالا آخر يملكه ويوجد بيده ويتمكن من التصرف فيه وفرق بين المال الذي بيد الإنسان والمال الذي في ذمته».
وباطلاع اللجنة على قائمة المركز المالي للشركة الأم كما في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2001 و2002 والمصادق عليها من قبل المحاسب القانوني بتاريخ 6/2/2003م وعلى الأخص الإيضاح رقم (7) المرفق بتلك القوائم الذي نص على «يمثل القرض لشركة تابعه البالغ 124.414.582 ريالا سلفه مقدمه من الشركة الأم للشركة التابعة كما في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2001م و2002م ولا يحمل هذا القرض أي نفقات تمويل كما لا يوجد جدول محدد للسداد ولا تعتقد إدارة الشركة أنه سوف يتم سداد أي جزء من هذا القرض خلال عام 2003م».
وباطلاع اللجنة على قائمة الدخل لعامي 2001م و2002م للمجموعة تبين أنه لم يتم الإفصاح عن أي مخصص لديون مشكوك في تحصيلها لهذا القرض, وبالاطلاع على القوائم المالية للشركة التابعة كما  في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2001م  و2002 م وعلى الأخص الإيضاح  رقم 6 الذي نص على «تتكون قروض الشركاء كما في 31 ديسمبر 2001م و2002 م من الشركة الأم  بمبلغ 124.414.582ريالا».
وتبين للجنة أن مبلغ 124.414.582 ريالا يمثل قرضا طويل الأجل للشركة التابعة, وهذا المبلغ لا تنطبق عليه قواعد الاستثمار سواء كان للاتجار أو القنية, مما ترى معه اللجنة تأييد استئناف المصلحة في إضافة هذا القرض إلى الوعاء الزكوي للمكلف تطبيقا للقاعدة المذكورة أعلاه وإلغاء القرار الابتدائي فيما قضى به في هذا الخصوص.

الأكثر قراءة