هل حان وقت التخلي عن مسمى "الأسواق الناشئة"؟

هل حان وقت التخلي عن مسمى "الأسواق الناشئة"؟

لدى البشر رغبة فطرية بفرز وتصنيف العالم من حولهم، والاقتصادي أنطوان فان أجتميل ليس استثناء من ذلك. في البنك الدولي عام 1981، صاغ عبارة "أسواق ناشئة" كبديل أكثر طموحا لمصطلح "العالم الثالث". أصبح المسمى منذ ذلك الوقت مقترنا بمزيج من الدول سريعة النمو التي تعد ذات آفاق استثمارية أخطر من "الأسواق المتقدمة". بينما تبدو إعادة تسمية ناجحة، إلا أن المصطلح الجامع أصبح غير مفيد للاقتصاديين والمستثمرين.
الأسواق الناشئة، التي تمثل الجزء الأكبر من سكان العالم، ليست مجموعة متجانسة. بل إنها تتكون من دول ديناميكية وشديدة التنوع في مراحل مختلفة من التطور - وقد تغير تركيبها بشكل كبير منذ أصبح المصطلح شائعا. على سبيل المثال، يجعل النمو السريع للغاية في الصين والهند - التي ارتفعت مساهمتهما في النمو العالمي بنحو 20 نقطة مئوية في عقد 2000 من الثمانينيات - للدولتين قيما متطرفة عندما تقارن بالأسواق الناشئة النظيرة.
كما أكدت الصدمات الأخيرة التنوع الاقتصادي بين الأسواق الناشئة. على صعيد السياسة، كانت البنوك المركزية في أوروبا وأمريكا اللاتينية الناشئتين شديدة بشكل خاص في رفع أسعار الفائدة لاستباق التضخم في أعقاب الجائحة والحرب في أوكرانيا. في تلك الأثناء، بنت بعض الأسواق الناشئة بحذر احتياطات للعملات الأجنبية وأصدرت مزيدا من الديون بالعملة المحلية ما جعلها أقل عرضة لديناميكيات الأزمات.
كما ميزت أسواق السلع المتقلبة مصدري صافي الطاقة عن المستوردين والدول ذات الاحتياطيات الحرجة. إضافة إلى التأثيرات الاقتصادية المختلفة التي تسببها التوترات بين الغرب والصين، اعتمادا على الجغرافيا والعلاقات الدبلوماسية. في الواقع، على الرغم من أن تحرير التجارة منذ التسعينيات قد ساعد معظم الأسواق الناشئة على الانطلاق، فمن المتوقع أن يكون للمرحلة المقبلة من العولمة، التي يبدو أن الحماية المتزايدة والاعتماد على الحلفاء تتخللها، آثار أكثر تباينا.
يجعل هذا التباين لقب الأسواق الناشئة غير ملائم أكثر للاقتصاد الكلي وتحليل الاستثمار. يمكن أن يخفي هذا المسمى العريض المخاطر والفرص. مثلا، يخاطر الحديث المتزايد عن المرونة الاقتصادية للأسواق الناشئة - مع حالات أقل من المتوقع من التخلف عن سداد الديون في أعقاب الجائحة - بتقليل أهمية مناطق الضعف التي لا تزال موجودة. لدى تركيا نقص في احتياطيات العملات الأجنبية، وتكاليف خدمة ديون القطاع الخاص في البرازيل والصين مثيرة للقلق، وتونس وباكستان على الحافة.
كما لا تزال الأسواق المالية تعتمد على انقسام الأسواق الناشئة والأسواق المتقدمة أو المجموعات الإقليمية الأخرى. لكن المستثمرين سيرغبون في الانكشاف للدول التي من المحتمل أن تستفيد من الاتجاهات الجديدة، بما في ذلك التدافع نحو المعادن المهمة واستراتيجية "الصين بلس ون" لسلاسل الإمداد. في الحقيقة، قد يساعد تصنيف سندات الأسواق الناشئة والأسهم والأصول البديلة، مثل مشاريع البنية التحتية، في دولة أو أساس موضوعي، المستثمرين على تحقيق عوائد أعلى ويمكن الدول النامية من الحصول على مزيد من رأس المال. لذا إن الوصول إلى بيانات موثوقة على مستوى الدولة سيكون مهما.
قد كانت هناك محاولات عدة لتعميم تصنيفات أخرى. ربما تكون دول بريكس - البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا - هي الأكثر شهرة. ثم هناك "الاقتصادات الناشئة وفائدة النمو" أو إيجلز. أثبتت قلة منها فائدتها بالنظر إلى الاختلافات الاقتصادية الكبيرة من حيث التجارة والنمو والانفتاح المالي. كما تختلف التعاريف أيضا. تركز مؤشرات الاستثمار على مقاييس الوصول إلى السوق، بينما تفضل الهيئات الاقتصادية مستويات الاقتصاد الكلي. جزئيا، ذلك هو سبب تصنيف صندوق النقد الدولي كوريا الجنوبية، على سبيل المثال، بأنها اقتصاد متقدم ورغم ذلك تقع ضمن مجموعة الأسواق الناشئة لمؤشر إم إس سي آي.
لا يندرج العالم النامي تحت تصنيف واحد بدقة. وفي اقتصاد عالمي يتضرر بأزمات متعددة واضطراب جيوسياسي، فإن هناك إيجابيات أكثر للاقتصاديين والمستثمرين يمكن أن تميز بينهم. قد يكون الوقت قد حان للتخلي عن مسمى الأسواق الناشئة بالكامل.

الأكثر قراءة