الماندالا
كلمة سنسكريتية تعني الدائرة أو القرص وهي رموز يعود تاريخها إلى القرن الرابع، ويعد فن الماندالا واحدا من أشهر أساليب الرسم المعتمدة في وقتنا الحالي. بدأ في الهند من منطقة التبت ومنها انطلق إلى بقية دول العالم واستعمله الهندوس والبوذيون للتعبير عن صورة الكون وهو طقس من طقوسهم الدينية السنوية المتكررة في معظم المناسبات، ويرسمونه إما بحبات الرمل الملونة أو مساحيق التلوين، وتزين به أراضي أماكن العبادة وأماكن المناسبات، وتعد ثقافة اجتماعية في الهند توارثتها الأجيال واحدا تلو الآخر.
يتم رسم الماندالا باتباع نمط معين عبارة عن دائرة مركزية تتفرع إلى عدة دوائر أو شكل معين يتفرع إلى عدة أشكال أو دوائر متداخلة مع بعضها بعضا، أو أي أشكال متداخلة. قديما كان يتم تنفيذها بوساطة رموز هندوسية وبوذية لها دلالات دينية ومعان طقوسية. عموما كانت رسمة الماندالا محاولة لرسم مثال مصغر للكون، كل دائرة تكون عدة عوالم وتكون النقطة المركزية هي بداية الكون المتفرع لعدة أكوان لا نهائية، وفى الوقت نفسه تمثل هيكل الحياة وكيفية استمرارها، وتهدف الرسمة إلى التأمل في الكون وعظمته.
وكان رسم الماندلا على الطريقة الهندوسية والبوذية من أصعب الفنون ويتطلب معرفة باللغة السنسكريتية والأشكال الدينية، وكل خط متشكل قد تكون له عدة مفاهيم، كما أن تداخل تلك الأشكال في الرسمة له معنى مختلف عن رسمه منفردا، وتستخدم تلك الرسوم للتأثير في المتلقي نفسيا وتدفعه إلى التأمل والتساؤل.
أما رسم الماندالا اليوم فهو أقرب إلى الرسم الإسلامي الزخرفي وتخلى عن أشكاله المعقدة ورموزه الدينية وأصبح يستخدم كأسلوب تزيين أو علاج من التوتر ومساعد على تهدئة الأعصاب، فأي شخص رغم عدم معرفته بالرسم يمكنه رسم الماندالا بوساطة تحديد دائرة رئيسة وإيجاد أخرى مختلفة داخل الورقة بوساطة الفرجار ونصف دائرة، ومحاولة جعلها تندمج ثم محاولة ربطها بالدائرة المركز بوساطة نصف دائرة، ثم تزين الدوائر بأشكال أو أحرف أو تلوينها.
ومن منظور علم النفس التحليلي "اليونجي" يمكن أن يكون التعبير عن الذات عن طريق الوسائل الفنية والبصرية علاجيا، والأفكار والمشاعر المستمدة من اللاوعي تصل إلى التعبير بالصور وليس بالكلمات، وأثبت علميا أن فن الماندالا أحد الفنون العلاجية خاصة للتوتر سواء كانت هذه الإنشاءات مقصودة بوعي أم لا، وتنتشر في المكتبات وعلى مواقع الإنترنت رسومات بطريقة الماندالا لتلوينها لتهدئة الأعصاب وصرف الذهن عما يؤذيه.