أكبر إضراب هوليوودي منذ 60 عاما يطول .. الفجوة تتسع
لم تشهد هوليوود شيئا من هذا القبيل منذ أكثر من 60 عاما، آلاف من الممثلين والكتاب المضربين يعتصمون معا خارج شركات الأفلام والتلفاز، حيث توقف الإنتاج فيها.
كان ديميتري بيلاردينيلي، الذي مثل في برامج تلفزيونية مثل "سيليكون فالي"، من بين مئات المعتصمين خارج استوديوهات والت ديزني في بوربانك تحت الحرارة الشديدة الجمعة. هو و160 ألف عضو آخر في نقابة ممثلي الشاشة والاتحاد الأمريكي لفناني الراديو والتلفزيون، اختصارها "ساج-أفترا"، قد صوتوا لمصلحة الإضراب في اليوم السابق، بعد انهيار المحادثات مع الاستوديوهات.
أخذ بيلاردينيلي وممثلون آخرون أماكنهم في صفوف الاعتصام إلى جانب أعضاء نقابة الكتاب الأمريكيين، الذين كانوا معتصمين منذ الثاني من أيار (مايو)، الأمر الذي صعد الضغوط على شركات الإنتاج في هوليوود.
قال بيلاردينيلي فيما أطلقت سيارات مارة أبواقها تضامنا معهم، "هذه دفعة من الطاقة والأفراد تشتد الحاجة إليها. لا أحد منا يريد مواصلة هذا الإضراب. لكن على شركات الإنتاج أن تلبي مطالبنا".
لم تدخل نقابة ممثلي الشاشة في إضراب منذ 43 عاما، وقد مر وقت أطول منذ أضرب الممثلون والكتاب في الوقت نفسه. كان آخر إضراب مهني مشترك لهم في 1960، عندما كان رونالد ريجان رئيسا لنقابة ممثلي الشاشة.
يقول مخضرمون في المفاوضات العمالية السابقة في هوليوود إن مستوى الغضب وانعدام الثقة بين النقابات وشركات الإنتاج - التي يمثلها تحالف منتجي الأفلام والتلفزيون - مرتفع. حيث يستعد كثيرون في الصناعة لإضراب طويل في وقت تقلص فيه شركات الإنتاج الرئيسة المصروفات.
خفضت شركات ديزني ووارنر براذرز وباراماونت التكاليف بعد استثمارات بمليارات الدولارات في البث عبر الإنترنت وانخفاضات حادة في أعمال البث التلفزيوني التقليدي. كما تتعرض أسعار أسهمها أيضا لضغوط.
والآن توقف العمل على أفلام وبرامج تلفزيونية جديدة، وهو ما سيعطل إصدارات مستقبلية بعد أن بدأت الصناعة في التعافي لتوها من اضطرابات الإنتاج الناجمة عن جائحة كوفيد- 19. قال تيم نولين، المحلل في شركة ماكواري، في مذكرة بحثية، "إذا كان إضراب كتاب نقابة الكتاب الأمريكيين مصدر إزعاج للإنتاج في هوليوود، فإن إضراب الممثلين في رابطة ساج-أفترا مخل بالصناعة أكثر".
تشمل النقاط الرئيسة الشائكة لكل من الكتاب والممثلين مسألة عوائد - التي انخفضت كثيرا في عصر البث عبر الإنترنت - إضافة إلى وضع قواعد بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي. يخشى كتاب أن يتقاضوا أجرا أزهد بكثير مقابل تعديل نصوص أولية تكتبها برامج الذكاء الاصطناعي، في حين يشعر ممثلون بالقلق من استخدام أشباههم الرقمية دون تعويض.
قالت إميلي شيفر مالوني، كاتبة كانت قائدة الإضراب خارج "ديزني": "لقد لاحظ كل من الكتاب والممثلين تغييرا جوهريا في الطريقة التي نتقاضى بها أجورنا وفي الطريقة التي تتعامل بها شركات البث الكبرى والشركات العريقة معنا على حد سواء. الأمر يستحق النضال من أجل عوائد الأعمال الفنية في وقت تدفع فيه الشركات لنا أموالا أقل من السابق مقابل بعض أنجح الأعمال في البث عبر الإنترنت".
تأتي الإضرابات في وقت يتمتع فيه أصحاب دور السينما بأول قائمة أفلام صيفية كاملة منذ 2019. قواعد نقابة ممثلي الشاشة تمنع الممثلين من الترويج لأفلام جديدة، بما فيها الإصداران المرتقبان لفيلمي باربي وأوبنهايمر في 21 تموز (يوليو). يعد هذا الترويج ضروريا لتكثيف دراية الناس عن الأفلام، كما يقول مسؤولو شركات إنتاج تنفيذيون ومحللون. قالت شركة يونيفيرسال، التي توزع فيلم أوبنهايمر، إن العرض الأول للفيلم في نيويورك قد تم إلغاؤه.
قال بوب إيجر، الرئيس التنفيذي لشركة ديزني، لشبكة "سي إن بي سي" قبل أسبوعين إنه كان "أسوأ وقت في العالم" للإضراب، نظرا إلى تعافي الصناعة الحديث عقب جائحة كوفيد- 19. "يتطلعون إلى مستوى توقعات غير واقعي بتاتا".
أدلى إيجر بهذه التصريحات أثناء وجوده في مؤتمر شركة ألين وشركاه في صن فالي في ولاية أيداهو، والذي يسمى "مخيم المليارديرات الصيفي". قبل أسبوع تقريبا، أعلنت "ديزني" عن تمديد فترة رئاسة إيجر لعامين وأن خطة مكافآته السنوية قد تمت زيادتها خمسة أضعاف.
غضب أعضاء كلا النقابتين من تعليقاته، وبدأ المعتصمون خارج "ديزني" بحمل لافتات تسخر منها. كتب على واحدة منها، "راتب بوب إيجر ليس واقعيا". قالت فران دريشر، الممثلة التي تشغل منصب رئيسة نقابة ممثلي الشاشة، إنها وجدت تصريحات إيجر "بغيضة للغاية وبعيدة عن الواقع، وغير مراعية بتاتا".
طالما عد إيجر الزعيم الفعلي لهوليوود، وأمل كثيرون في الصناعة في أن يتمكن من استخدام نفوذه للتوسط من أجل تسوية ما بين شركات الإنتاج والنقابات. لكن ردة الفعل العدائية على تعليقاته وسعت الانقسام الساخط بين الجانبين فحسب.
قالت شيفر مالوني، "من المضحك أنه قال ذلك في مزرعة أحد المليارديرات، بعد إعلان ديزني مقدار الأموال التي سيجنيها في الأعوام القليلة المقبلة. أعتقد أن العامة لن تنخدع بالهراء عندما يقول مليونير شيئا من هذا القبيل".
وبالنظر إلى الفجوة بين شركات الإنتاج والنقابات، توقعت شيفر مالوني أن تصبح العلاقات "معقدة أكثر" قبل توصلهم إلى حل.
في الشهر الماضي، كتب أكثر من 300 نجم بارز في هوليوود، من بينهم جينيفر لورانس وميريل ستريب، إلى قيادة نقابة ساج أفترا مظهرين دعمهم لإضراب محتمل. كتبوا، "هذا ليس وقت التوصل إلى تسوية"، مشيرين إلى أنهم يريدون من النقابة أن تتخذ موقفا حازما.
جادل أحد المسؤولين التنفيذيين في هوليوود بأن النقابات تخلت عن عرض أجور قوي مقدم من شركات الإنتاج، ولا سيما بالنظر إلى الحالة المضطربة لشركات الأفلام والتلفاز. قال المسؤول التنفيذي، "مع زحف الصناعة لاجتياز تجربة دامت ثلاثة أعوام من الجائحة رأت فيها الموت، فإن هذه هي لحظة التوصل إلى حل وسط. يمكن أن نتجادل ما هو الحل الوسط، لكن دعونا نتنازل".
سيخلف الإضراب أيضا تأثيرا في اقتصاد كاليفورنيا. إضراب الكتاب الأخير، والذي استمر 100 يوم بين 2007 و2008، كلف الدولة ما يقدر بنحو ملياري دولار - لكنه لم يوقف الإنتاج على نطاق واسع كما هو محتمل في هذا الإضراب. سيكون لذلك أيضا آثار غير مباشرة في شركات صغيرة أخرى كافحت أثناء الجائحة، من دور السينما إلى منسقي الزهور ومتعهدي الحفلات ومصففي الشعر وغيرهم.
قالت شيفر مالوني، "ندرك بالتأكيد أن هذا الإضراب لا يعطل عملنا فحسب، بل العمال من غير النقابة الذين لا يستطيعون الوقوف معنا هنا فعلا. نحن نكافح أساسا من أجل استمرارية جميع وظائفنا. نحن لا نضرب بطيش ولا من أجل المتعة، أليس كذلك؟".