أحلام كل عام

مع كل عام جديد نضع أهدافا جديدة، بآمال وطموحات لا حدود لها، عازمين بصدق على نبذ الماضي، وآملين في تغيير حقيقي لشخصياتنا وحياتنا، وقد يكون الغربيون لديهم رأس سنة واحد، أما نحن فعندنا اثنان، حين نيأس من الميلادي نهرب إلى الهجري وهكذا. وتزداد الآمال ومعها الخيبات!
أظهرت دراسة حديثة أجريت على الأمريكيين أن نحو 74 في المائة منهم وضعوا أهدافا جديدة مطلع 2021، تمحورت حول الالتزام بالأكل الصحي، وقضاء وقت أطول مع الأصدقاء والعائلة، ووقت أقل على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالطبع الإقلاع عن التدخين. لكن رغم أن معظم الناس يعتقدون في البداية أنهم سينجحون في بلوغ أهدافهم المنشودة، إلا أن الدراسات أظهرت أن معظمنا سرعان ما يتخلى عن أهدافه بحلول الـ19 من كانون الثاني (يناير) أي: بعد أقل من شهر من عقد الآمال وشحذ الهمم.
قد تفاجئنا نتائج هذه الدراسات، لكنها ليست كذلك بالنسبة إلى علماء النفس. تقول جوديث بيك، عالمة النفس الأمريكية، ومؤلفة عدة كتب تعليقا على هذه الأهداف التي لا تتحقق، "عادة ما يصرف الناس ربيع عمرهم في تكرار الأهداف نفسها عاما تلو الآخر، لأنهم في الأصل لم يتقنوها أبدا ولم يسفر مسعاهم في النهاية عن شيء حقيقي".
وترى بيك أن عدم الالتزام أو افتقارنا إلى قوة الإرادة ليست الأسباب الحقيقية التي تدفع الناس عادة إلى التخلي عن قراراتهم، وإنما السبب الرئيس وراء ذلك هو وقوعنا فريسة سهلة لطريقة تفكير خاطئة أثناء تخطيطنا العام للأهداف. ومن الأخطاء التي نقع فيها وضع أهداف مرهقة، مجرد التفكير فيها متعب فضلا عن تطبيقها، لذا علينا تقسيم خططنا إلى أجزاء أصغر، كلما حققنا جزءا فتح لنا الطريق أمام الآخر حتى لا يتسرب الإحباط إلى أرواحنا، كما أن انتظارنا طويلا لينتهي عام ويبدأ آخر لنستقبله بإرادة متوثبة وأهداف جديدة، قد يجعلنا نقع فريسة لحماس طاغ مباغت يثير النفوس بقوة لتحقيق أهداف عالية جدا. والمشكلة هنا أننا عندما نحمل أنفسنا ما لا طاقة لنا به لبلوغ أهداف غير واقعية بعيدة عن طبائعنا، ننهار سريعا. وإغفالنا العقبات التي قد تعترض طريقنا في أي لحظة يجعلنا إلى اليأس أقرب من الوصول إلى ما نرغب، وهنا تأتي أهمية وضع خطط بديلة حال تعرضنا لأي عقبة.
ونتجنب تماما الفكرة التي تقول إما كل شيء أو لا شيء. لنسعد بنجاحاتنا الصغيرة التي ستوصلنا حتما إلى أهدافنا العظمى، فأحلام كل عام لا تتعلق بالكمال، وإنما بقدرتك على الالتزام بعمل يحسن حياتك!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي