أنصتوا لموظفيكم .. ربما تتعلمون شيئا
من بين جميع أساليب الإدارة، أساليب قليلة لها مثل قوة المحادثة الفضولية. إذا أخبرك أحد موظفيك كيف يسير عمله، أو كيف يعتقد أنه يجب أن يتغير، أو ما الذي على المنظمة فعله بشكل مختلف، قل له "أخبرني بالمزيد" واسأل بعض الأسئلة الإضافية، فلهذا تأثير مباشر. قد يكون هناك بعض القلق، خاصة إذا لم يعتد الناس على ذلك النوع من المحادثات مع رئيسهم. لكن بعد ذلك عادة ما تتسع أعينهم أو يومئون بإقرار وينفتحون للحديث. إن لم تجرب هذا من قبل، فافعله فهو كالسحر.
لماذا ينجح ذلك؟ لأن الناس يشعرون بأن صوتهم مسموع، وأنهم مهمون. كما يمكنك تحقيق ذلك أيضا عن طريق تكرار أي مما قالوه لتوهم. علماء النفس يسمون ذلك "الانعكاس". وجدت دراسة أجريت في 2009 تقيم تجارب ضابطة عشوائية لجلسات العلاج في الولايات المتحدة والنرويج أن من بين كل الأساليب التي جربها المستشارون - بما في ذلك المواجهة والاستجواب وتقديم الدعم - فإن "إصغاء المعالج بعناية وإعادة ما قاله المريض" كانت الأكثر فاعلية. جزء "الإصغاء بعناية" مهم جدا. يعلم الناس تفاعلك معهم بسطحية فقط.
كان بعض الكتاب يخبرون قادة الأعمال بذلك منذ أعوام. كتب ستيفن كوفي عن الاستماع المتعاطف في كتابه "العادات السبع للأشخاص الأكثر فعالية" الذي صدر 1989. كما كتب عالم النفس والكاتب دانيل جولمان أن معرفة كيفية الإنصات هي مكون أساسي للذكاء العاطفي للقادة.
لم لا ينصت القادة؟ يعود ذلك جزيئا إلى أنهم، كما كتب كوفي، يفكرون فيما سيقولونه تاليا. وجزئيا لأن كثيرا من القادة لا يعتقدون أن الاستماع سمة مهمة، بل يعتقدون أن القادة عليهم القيادة ووضع الرؤى. إنهم في المرتبة العليا لأن لديهم الأجوبة. والذين يعلمون القادة لا يعتقدون في الغالب أيضا أن الإنصات مهم. وجدت دراسة أجريت في 2015 لبرامج الأعمال في المرحلة الجامعية في الولايات المتحدة أن 76 في المائة منها تضمنت عروضا شفهية و22 في المائة بعضا من جوانب المحادثة، و11 في المائة فقط ركزت على الاستماع.
يمكنك تعلم أساليب الاستماع - الانعكاس وسؤال الأسئلة - لكن هناك ما هو أكثر من ذلك في هذا الأمر. عليك أن تعتقد أن فرقك لديها أفكار مثيرة للاهتمام. لحسن الحظ، لا بد أن تكون لديها هذه الأفكار، لأنها تقوم بعملها كل يوم وتعرفه أكثر من أي شخص آخر. إذا كانت هي من تنسق الإمدادات فهي تعرف الموردين، وإذا كانت تتعامل مع العملاء فهي تعلم ما يبهرهم وما يزعجهم.
لكن موظفيك لا يعلمون دائما أنك مهتم بوجهات نظرهم. يمكن أن يكون لهذا تأثير ضار غير مباشر، قد يفقدون اهتمامهم بوجهات نظرهم أو ينفصلون عن العمل بالكامل. فلم يهتموا إن لم تكن وجهات نظرهم تحدث فرقا؟
إذا استمعت وسألت أسئلة مهتمة، فقد تفعل ما يعتقد موظفوك أنه يجب عليك فعله - أو قد تخلص إلى أن عليك فعل شيء آخر، أو عدم فعل شيء. قد لا يكون موظفوك راضين لكن على الأقل سمع صوتهم.
ينطبق الأمر نفسه على ترؤس الاجتماعات. من المحتمل جدا أن تصل إلى نتيجة مثمرة إذا قضيت الجزء الأول في الاستماع وحث الآخرين على الحديث فقط. بينما يشارك الأشخاص أفكارهم، ستستطيع رؤية طرائق تفكير المجموعات المختلفة. يمكنك استخدام أساليب الاستماع نفسها مع كل مجموعة: الانعكاس وطلب مزيد من المعلومات. مع استمرار الاجتماع، يمكنك تلخيص وجهات النظر المختلفة. عليك فعل ذلك بنية حسنة، وإظهار أنك قد فهمت مشاعر الناس التي خلف حديثهم، ليس فقط كلماتهم.
بعد ذلك، يمكنك إعلان قرارك: حتى مع السماع والإنصات، فالقرار يعود إلى القائد. سيعلم الذين اعترضوا على اختيارك أنك أخذت آراءهم في الحسبان على الأقل، ومن المحتمل أن يمضوا قدما بتعاون مع نهج عملك.
يمكن للاستماع الفضولي أيضا أن يجنبك الكوارث. عندما سألت خبراء الإدارة لم يظنوا أنه لم يتحدث أحد داخل سيليكون فالي بنك قبل انهياره، أو في جيه بي مورجان تشيس عندما استمر مع عميله جيفري إيبستين، قالوا لأنه لم تكن لديهم ثقافة التعبير عن الشك. اعتقد الناس أن حديثهم سيبرزهم ويجعلهم معرضين للإيذاء.
إذا كنت قائدا ومعروفا بأنك تثير الآراء وتتفاعل معها، فمن المحتمل أكثر أن يلفت الأشخاص انتباهك للمشكلات الوشيكة. إن خوض المحادثات التي تحوي عبارات مثل "إذا ما تقصده هو" أو "أخبرني بالمزيد" لا يؤدي إلى قوة عاملة منخرطة فحسب، بل قد يحمي منظمتك – وسمعتك القيادية.
*مؤلف كتاب "داخل نادي القادة: كيف تدير الشركات الكبرى قضايا الأعمال الملحة"