أوروبا أمام خطر التعثر في السباق الجيوتكنولوجي العالمي

أوروبا أمام خطر التعثر في السباق الجيوتكنولوجي العالمي

لنسمها مشكلة الصفر المفقود. هذه، على الأقل، الطريقة التي يحدد بها الممول الفرنسي فيليب تيبي حجم التحدي الذي تواجهه أوروبا في الدفاع عن السيادة التكنولوجية للمنطقة.
بينما تضخ الولايات المتحدة والصين مبالغ ضخمة من المال في قطاعاتهما التكنولوجية، فإن أوروبا تواجه خطر التعثر في السباق الجيوتكنولوجي العالمي. أخبرني تيبي في مقابلة عبر الفيديو، "هناك فهم تدريجي في أوروبا بأن الحجم التقريبي لكل شيء يفتقر إلى صفر. لا نتحدث عن مئات الملايين، بل المليارات، في الاستثمار في البطاريات أو أشباه الموصلات".
بدلا من مجرد تحليل التحدي، يحاول تيبي الارتقاء إلى مستوى التحدي. هدفه هو حشد رأس مال النمو عبر أوروبا وإضافة هذا الصفر الإضافي إلى جولات الاستثمار في الصناعات الحيوية. في 2019، وبدعم من الحكومة الفرنسية، ساعد تيبي على إقناع 23 مؤسسة استثمارية بارزة في فرنسا بتخصيص ستة مليارات يورو في تمويل المرحلة الأخيرة على مدى ثلاثة أعوام لقطاع التكنولوجيا. لم يكن هناك ترغيب أو ترهيب لكنه ضرب على وتر المصلحة الذاتية للمجتمع الاستثماري. ووضعت الحكومة لاحقا هدفا لحشد 30 مليار يورو بما في ذلك مستثمرون إضافيون من الأطراف الثالثة.
كان الحماس لهذا المخطط كبيرا لدرجة تم إطلاق مبادرة تيبي 2 للتو، بهدف جذب سبعة مليارات يورو أخرى من الأموال المؤسسية إلى قطاع التكنولوجيا على مدى الأعوام الأربعة المقبلة، مع التركيز بشكل أكبر على الاستثمارات في المراحل المبكرة، واستثمارات التكنولوجيا العميقة والنظيفة. "نطمح أن تكون لدينا عشرة صناديق استثمار مغامر تدير مليار يورو"، كما يقول. وحاليا، يوجد ثلاثة منها.
اجتذبت مبادرة تيبي الاهتمام حول أوروبا، خاصة في المملكة المتحدة، التي تعاني أيضا نقص رأس مال النمو. في تقريره الأخير حول الشركات الناشئة "ستارت أب، سكيل أب"، ذكر حزب العمال البريطاني المعارض أنه يريد نسخ مبادرة تيبي. في خطاب ألقاه في مانشن هاوس الأسبوع الماضي، قد يكون المستشار البريطاني جيريمي هانت أول من ينخرط في ذلك. من المتوقع أن يعلن إجراءات تشجع صناديق المعاشات التقاعدية على تخصيص مزيد من الأموال لتوسيع رأس المال. أفادت الرابطة البريطانية للأسهم الخاصة ورأس المال المغامر أن صناديق المعاشات التقاعدية الخارجية تستثمر حاليا أكثر من نظيراتها البريطانية بـ16 مرة في رأس المال المغامر وصناديق الأسهم الخاصة في المملكة المتحدة.
الشيء الوحيد الذي لا تفتقر إليه أوروبا هو رأس المال، أما ما هو غائب فهو العزيمة. وفقا لجمعية إدارة الصناديق والأصول الأوروبية، بلغ إجمالي الأصول الخاضعة للإدارة في المنطقة 28.4 تريليون يورو في الربع الثالث من 2022. لكن المشكلة هي أن جزءا صغيرا فقط من هذا الإجمالي مخصص لرأس المال النمو. عندما يتعلق الأمر بالاستثمار المؤسسي، تظل أوروبا في الغالب منطقة مستثمرين يتجنبون المخاطرة.
هناك أسباب لهذا الإحجام عن الاستثمار في رأس مال النمو. تميل استثمارات السوق الخاصة إلى أن تكون أكثر خطورة، وأقل سيولة، ولها فترات سداد أطول. كما أنه من الصعب استخدام رأس مال كاف لإحداث فرق في الأداء الكلي للمحافظ. يفتقر كثير من مديري الصناديق أيضا إلى الخبرة اللازمة لتقييم الاتجاهات التكنولوجية الناشئة أو الاختيار بين صناديق رأس المال المغامر الأوروبية غير المثبتة جدواها نسبيا. كما أن عدم وجود سوق أسهم أوروبية موائمة للتكنولوجيا، تسمح للمستثمرين بتسييل استثماراتهم، يحد أيضا من جاذبية القطاع. في كثير من الأحيان، يكون شراء الشركات المتداولة في سوق مؤشر ناسداك في نيويورك أكثر أمانا وأسهل وأرخص تكلفة إذا كان مدير الصندوق يريد الانكشاف على التكنولوجيا.
مع ذلك، أوجدت مبادرة تيبي 1 شيئا شبيها "بتأثير كرة الثلج" بين مديري الصناديق الفرنسية، وفقا لما ذكره ويليام باريت، الشريك الإداري لشركة ريتش كابيتال الاستشارية لجمع الأموال. اجتذبت مبادرة تيبي الأولية كثيرا من المستثمرين لأول مرة في قطاع التكنولوجيا في مرحلة التمويل الأخيرة. لكن الانكماش التكنولوجي في 2021، حيث انخفضت تقييمات السوق الخاصة بشكل كبير، أدى إلى تخفيض صناديق رأس المال المغامر لكثير من الاستثمارات في هذا العقد. يقول باريت، "الصناديق المؤسسية تريد انكشاف أكثر. لكن إثبات ذلك في الوقت الحالي، إذا كنت ترى فقط ما حدث في الأعوام الأولى من العقد الحالي، هو أمر صعب للغاية".
على مدار العقد الماضي، طورت أوروبا نظاما بيئيا نشطا للاستثمار في الشركات الناشئة في مراحلها الأولية. إن وصول كبار صناديق رأس المال المغامر في الولايات المتحدة، مثل سكويا كابيتال وبيسمير فينتشر بارتنرز ولايت سبيد والآن أندريسن هورويتز، يدل على الاهتمام العالمي المتزايد في أوروبا. تقول ناتالي كورنهوف برولز، المديرة الإدارية لفريق النمو في شركة أورازيو، "لقد نمت الفرصة المتاحة في أوروبا على نطاق واسع. كما أن التقييمات أكثر جاذبية في أوروبا من الولايات المتحدة. ينبغي أن يعطي ذلك حافزا كبيرا لاستثمار هذه المجموعات الأوروبية من رأس المال".
من السخف أن يكون المستثمرون الأجانب داعمين أكثر نشاطا للمستقبل التكنولوجي في أوروبا من مديري الصناديق في المنطقة. حان التزام المؤسسات الأوروبية.

الأكثر قراءة