المملكة المتحدة وخطر التخلف عن المراكز المالية

المملكة المتحدة وخطر التخلف عن المراكز المالية

يمكن أن يستغرق الابتكار الثوري بعض الوقت ليكتسب زخما، لكننا وصلنا أخيرا إلى نقطة تحول مع تحويل الأوراق المالية إلى رموز رقمية "ترميز".
خلال العام الماضي، رأيت زيادة في الاهتمام المؤسسي بالخدمات المالية في هذا المجال، ولا سيما مع انتقال البنوك المركزية من الخدمات التناظرية إلى الرقمية. مع ذلك، دون إجراءات جريئة مستمرة، فإن المملكة المتحدة تخاطر بالتخلف عن السلطات القضائية الأخرى.
لا يتعلق الترميز بالعملات المشفرة. ما نتحدث عنه هو إنشاء تمثيلات رقمية للأصول المالية الحقيقية مع تتبع الملكية على دفاتر الأستاذ الموزعة أو بلوكتشين. هذا ينطبق على كل شيء من الأسهم إلى السندات إلى الأصول غير السائلة مثل العقارات والأسهم الخاصة.
في تقرير جديد أعدته شركة يو كيه فاينانس بالاشتراك مع شركة أوليفر وايمان، عملنا مع عشرات من أكبر البنوك والمشاركين في السوق المالية والمنظمين والوزراء والهيئات الأخرى لتحديد فوائد ترميز الأوراق المالية وفهم العقبات التي تحتاج المملكة المتحدة إلى معالجتها.
تكتسب مكانة المملكة المتحدة باعتبارها موقعا لإدراج الأسهم تغطية إعلامية، لكن الدخل الثابت والبنية التحتية لما بعد التداول لا تقل أهمية لمكانة لندن باعتبارها مركزا ماليا عالميا. ونقاط الضعف حول تكلفة البنية التحتية لأسواق رأس المال الحالية وتعقيدها حقيقية ومهمة.
الخبر الجيد بالنسبة إلى المملكة المتحدة هو أن الترميز على مستوى العالم لا يزال في بدايته. حتى إصدار السندات الرقمية - الاستخدام الأكثر شيوعا للترميز في الأصول المالية السائدة - لا يزال ضئيلا، حيث يبلغ الإجمالي نحو 1.5 مليار دولار في العام المنتهي في شباط (فبراير)، وفقا لـ"إس آند بي جلوبال".
لكن الحقيقة هي أن المملكة المتحدة معرضة لخطر التخلف عن المراكز المالية الأخرى، حيث تم إصدار سندات رقمية حتى الآن في أماكن أخرى مثل سنغافورة أو سويسرا. على الرغم من سمعة الاتحاد الأوروبي البيروقراطية والروتينية، فقد مضى قدما فيما يخص التجربة. إن تقدمنا مشابه للولايات المتحدة، التي يمكن أن تقفز إلى الأمام سريعا نظرا إلى مواردها المالية الضخمة وأسواق رأس المال العميقة والمعرفة التكنولوجية.
هناك ثلاث فوائد رئيسة يمكن أن يجلبها الترميز لأسواق الأوراق المالية: تكاليف أقل، ومخاطر أقل، ووصول أوسع.
لنبدأ بالتكاليف. هناك مكاسب ناتجة عن الكفاءة في إعداد التقارير والتداول والبنية التحتية المصرفية. قد تتطلب الأوراق المالية المحولة إلى رموز رقمية عددا أقل من الوسطاء والعمليات التشغيلية لجذب عملاء جدد ويمكن تبسيط إجراءات مكافحة غسل الأموال.
ثانيا، سلط هوس أسهم الميم الأمريكية في صيف 2021 الضوء على الحاجة إلى تقليل مخاطر التسوية من الأطراف المقابلة التي تكافح من أجل الوفاء بمدفوعات التداولات الملزمة. يمكن أن تقلل الرموز الرقمية ذات التسوية الفورية مخاطر الطرف المقابل والسيولة والتشغيل، كما يمكن أن تنخفض متطلبات الضمان.
أخيرا، يمكن أن يوسع الترميز الوصول، حيث يمكن أن يزيد من قاعدة عملاء الأصول، خاصة غير السائلة التي تتضمن معاملات ورقية كبيرة في الوقت الحالي. في عالم محول إلى رموز، يمكن للمستثمرين شراء جزء بسيط من الأصل المالي بدلا من شرائه بأكمله، ما يزيد المجموعة المحتملة من المستثمرين الأفراد.
لكي تكون المملكة المتحدة رائدة في ذلك، فإنها بحاجة إلى الاستناد إلى خططها الخاصة بصندوق الاختبار للبنية التحتية للسوق المالية بقيادة الخزانة. إنها أداة لاختبار الأفكار الجديدة في بيئة خاضعة للرقابة قبل أن يصبح من المحتمل إطلاقها في الأسواق. يجب أن تسعى المملكة المتحدة إلى التطور لتصبح مسؤولة عن وضع المعايير عالميا ولتصبح مركزا للابتكار في المنطقة، مدعومة باليقين القانوني والتنظيمي.
هذا اليقين هو مقدمة ضرورية للنجاح. لدى المملكة المتحدة سمعة تتمثل في نظامها القانوني الرائد الذي يعد مركزيا للنظام المالي العالمي. إن اعتماد القانون العام في المملكة المتحدة على السوابق، إلى جانب توفير المرونة مع تطور التكنولوجيا السريع، لا يقدم الوضوح الأولي نفسه الذي تقدمه النظم الأساسية المقننة للسلطات القضائية التي تطبق القانون المدني في أوروبا. مع ذلك، هناك عمل جيد جار، بما في ذلك التقرير الأخير عن الأصول الرقمية من اللجنة القانونية، الذي قدم عددا من التوصيات المهمة مثل ما يتعلق بماهية الأدوات القانونية اللازمة.
سيوفر صندوق الاختبار التنظيمي المخصص المرتبط بالترميز، المصمم من الحكومة والهيئات التنظيمية إلى جانب الصناعة، الوضوح التنظيمي الذي تمس الحاجة إليه.
ليس من الواضح مدى السرعة التي سيصبح بها الترميز سائدا، لكن هناك موجة حقيقية من الاهتمام والنشاط الذي يحدث ويبدو أن السؤال يدور حول التوقيت لا الإمكانية. لا يمكن للمملكة المتحدة أن تخاطر بعدم الدخول في المجال في حين ينخرط باقي العالم فيه. فكر في الأمر على أنه بوليصة تأمين صغيرة لقطاع السوق المالية الرائد في العالم.
*رئيس مجلس إدارة يو كيه فاينانس

الأكثر قراءة