الصور النمطية والتصنيفات العمرية .. هل ستتلاشى؟
علينا أن نحيي جيل الألفية، كذلك جيل طفرة المواليد وجيل إكس وجيل زد.
من المستحيل تجاهلهم جميعا. بالكاد يمر يوم دون أن يذكر أحد منهم على الأقل، خاصة فيما يخص طريقة عملنا.
وأنا أكتب العامود، ألقيت نظرة على صندوق بريدي الوارد ووجدت أنه في الأسبوع الماضي وحده أتتني أخبار بأن جيل الألفية هم "أكثر جيل داعم" في مكان العمل، وأن جيل طفرة المواليد في المملكة المتحدة هم "الجيل الوحيد" الذي لا يزال يعمل بمستويات ما قبل الجائحة.
يدهش الموظفون متوسطو العمر من الجيل إكس زملاءهم الأصغر سنا بأحاديث عن كل الأمور التي يستطيع الشخص فعلها قبل أن يتبعهم بريد العمل الإلكتروني إلى المنزل حتى. كما يقال إن الجزء الأصغر من الجيل زد هم أكثر من يعاني لتنظيم ميزانياتهم للأعياد.
مشكلة كل هذه التطورات أنها مبنية على وهم كبير، ففكرة أننا نفكر أو نتصرف بطريقة مختلفة فقط لأننا ننتمي إلى إحدى الفئات العمرية فكرة خاطئة للغاية.
تشكلنا تأثيرات أخرى مهمة: تأثير التقدم في العمر، وما يسمى بآثار الفترة الزمنية التي تؤثر في الجميع في النهاية بغض النظر عن عمرهم، مثل الحروب، أو الجائحات، أو اختراع الهاتف الذكي.
إن كثرة الثرثرة عن جيل الألفية النرجسي الهش وجيل طفرة المواليد الجشع الذين يعاني رهاب التكنولوجيا ليس لها أساس أو إن وجد فهو ضئيل في الحقيقة. لكن ماذا إن كان هذا التفكير النمطي يغذي العداوات بين الأجيال في مكان العمل.
تشير أبحاث جديدة إلى أن الأمر قد يكون كذلك، على الأقل في الولايات المتحدة.
بالفعل يرى جيل طفرة المواليد وجيل الألفية بعضهم غير محبوبين ومصدر تهديد أكثر من أجيال البالغين الأخرى، كما ذكر في ورقة نشرت الشهر الماضي.
تختلف طبيعة بغضهم المتبادل. يخشى جيل طفرة المواليد من أن وجهات نظر جيل الألفية تزعزع القيم التقليدية المهمة، أما جيل الألفية فلديهم مخاوف ملموسة أكثر بأن جيل طفرة المواليد يعيقهم عن السلطة السياسية والراحة المالية.
من المثير للاهتمام أن مستويات العداء انخفضت بعد أن أخبر الباحثون كلا المجموعتين أن تلك الصور النمطية عن جيل الألفية وجيل طفرة المواليد لا يوجد لها أساس، وذكروهم بأن كلا الجيلين سيصبح يوما ما - أو قد كان - في فئة الطرف الآخر، العمرية نفسها.
لكن الورقة تكشف عن حقيقة محبطة عن هذه الصور النمطية. أخبرني ستيفان فرانكيولي، أحد مؤلفي الدراسة، أن "حقيقة أن الناس يصدقون ذلك لها عواقب حقيقية".
كان العلماء يشيرون إلى عيوب التعميمات بين الأجيال منذ أعوام. صدر كتاب رائع للأستاذ بوبي دافي من كلية كينجز لندن بعنوان "خرافة الأجيال" في 2021.
في 2020، حذر تقرير صادر عن الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم أرباب العمل على وجه التحديد من أخذ الصور النمطية للأجيال في الحسبان عند وضع سياسات التوظيف والاحتفاظ بالموظفين وغيرها من السياسات الإدارية. " لا يؤيد العلم فعل ذلك بشدة ولا يفيد فعله إدارة القوى العاملة"، كما ذكرت.
مع ذلك، يستمر أرباب العمل في معاملة الموظفين الأصغر سنا على أنهم كسالى وأنانيون يتنقلون بين الوظائف، والأكبر سنا على أنهم ضعفاء ويصعب تدريبهم وكارهون للتغيير.
هل يمكن أن تتلاشى الافتراضات المصطنعة حول الكيفية التي يفترض بنا أن نتصرف بها في أعمار معينة؟
إذا كان ماورو جيين، العميد السابق لكلية جدج للأعمال في كامبريدج، على حق، فإن التحول قد بدأ بالفعل.
في كتابه الذي سيصدر قريبا، "ذا بيرنيليز" يقول جيين إنه بعد بدء التعليم الشامل ومعاشات كبار السن في القرن الـ19، بدأت الحياة تنظم في مراحل ثابتة من التعلم والعمل والتقاعد.
الآن بعد أن أصبحنا نعيش لفترة أطول، بتكنولوجيات مختلفة تماما، يعتقد جيين أننا مستعدون لمجتمع "ما بعد الأجيال" من الأشخاص الذين يصنفون بناء على كيفية عملهم وتعلمهم وعيشهم، لا بناء على وقت ولادتهم.
أخبرني أن هناك دليلا بالفعل على فشل الأشخاص في التصرف بما يتماشى مع سنهم، بدءا من ازدياد نسبة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 30 عاما في جميع أنحاء العالم الذين يتبعون نوعا من التعليم عبر الإنترنت.
لقد قادت التكنولوجيا هذا التحول، إضافة إلى علامة أخرى على هذا المجتمع: الشركات الكبيرة التي يديرها رواد الأعمال الشباب في العشرينيات أو الثلاثينيات من العمر الذين يشرفون على القوى العاملة الأكبر سنا. هذا أمر نادر خارج الشركات المملوكة للعائلات حتى الآن، كما يقول جيين.
في الوقت نفسه، يعود كبار السن إلى بعض أشكال العمل بعد التقاعد، وتواجه العلامات التجارية ضغوطا لتروق للأشخاص من مختلف الأعمار، ليس فقط أحدث المستهلكين.
تعجبني فكرة مجتمع "ما بعد الأجيال"، على الرغم من أنني لست مقتنعا بأن تسميات الأجيال ستتلاشى أبدا. التصنيف والتعميم متجذر في البشر. هذا ما قد جعلنا الكائنات التي نحن عليها. مع ذلك، سيكون العالم أفضل إذا راقبنا الواقع من كثب.