اللوائح التنظيمية المتنافسة .. منطقة ضبابية لشركات صناعة السيارات
اسأل أي شركة في أي منطقة أو قطاع عن أكثر ما يريدونه من المنظمين وستعود الإجابة نفسها دائما، اليقين.
سواء كانت تضع استراتيجيات طويلة الأجل أو أهداف مبيعات قصيرة الأجل، تحتاج الشركات إلى معرفة القواعد التي يتعين عليها اتباعها.
لا يوجد مكان يكون هذا الشعور فيه أقوى مما هو عليه في منطقة إزالة الكربون المجهولة بالنسبة إلى الشركات، حيث تحدد أهداف الانبعاثات الحكومية خطط العمل في كل شيء بدءا من توليد الطاقة حتى تصنيع الطائرات.
إن إجبار شركات صناعة السيارات على التخلي عن المحركات، وشركات الطاقة على الابتعاد عن الوقود التقليدي، أو مجموعات السلع الاستهلاكية لجعل جميع المواد البلاستيكية قابلة لإعادة التدوير بالكامل - من المحتمل أن تكون الأخيرة بموجب اتفاقية مقبلة للأمم المتحدة العام المقبل - يتطلب نماذج أعمال جديدة.
يحتاج العمل إلى الوضوح لإيجاد الطريق الصحيح. الامتثال لمجموعة واحدة من اللوائح أمر ممكن. لكن المشكلات تظهر عندما تأتي اللوائح المتنافسة في الوقت نفسه.
إن الحاجة إلى فصل المنظمين أو السياسيين بين الأولويات المختلفة تعني حتما مفاوضات متوترة في الأغلب ما تترك الشركات في حيرة حتى اللحظة الأخيرة.
والنتيجة هي أن التنظيم لا ينتهي في كثير من الأحيان إلا بعد شهور - وأحيانا أسابيع - قبل أن يدخل حيز التنفيذ.
من الأمثلة الواضحة حاليا هي معضلة السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة. يجب أن تلبي السياسة هدفين مختلفين تماما، زيادة مبيعات السيارات الكهربائية، وفي الوقت نفسه تعزيز علاقة الدولة مع الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا منه.
إنها قصة تحذيرية للمصالح التنظيمية المتنافسة التي أسقطت أكبر قطاع صناعي في المنطقة في شباكها.
بدءا من العام المقبل، يجب أن تفي أي علامة سيارات تجارية تعمل في المملكة المتحدة بحصة مبيعات من السيارات الكهربائية. يبدأ المستوى عند 22 في المائة من الإجمالي، ويصل إلى 28 في المائة في 2025، و33 في المائة في 2026، ثم يرتفع كل عام إلى 100 في المائة بحلول 2035.
تعني مجموعة أخرى من القواعد المقبلة في العام المقبل أن أي شركة صناعة سيارات تشحن السيارات الكهربائية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي يجب أن تدفع رسوم جمارك 10 في المائة إذا كانت أكثر من 40 في المائة من قيمة بطارية السيارة تأتي من خارج المملكة المتحدة أو أوروبا.
تعد متطلبات "قواعد المنشأ" هذه، المنصوص عليها في اتفاقية التجارة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، ميزة قياسية للصفقات التجارية وتهدف إلى منع دخول التكنولوجيا من دولة طرف ثالث، مثل الصين، إلى السوق في منتج آخر.
لكن ثمة مشكلة. لا تمتلك أوروبا والمملكة المتحدة سوى القليل جدا من الطاقة الإنتاجية لبطاريات السيارات الكهربائية، لذا لن تفي أي سيارات تقريبا بهذا الحد. سيتعين على أي شركة تصنيع سيارات ترغب في العمل في المملكة المتحدة أن تدفع الرسوم الجمركية التجارية لتلبية حصة مبيعات السيارات الكهربائية في الدولة.
تبدو التكاليف المحتملة ضخمة. ستواجه بي إم دبليو ومرسيدس وأودي، العلامات التجارية الألمانية الممتازة، فاتورة رسوم جمركية تقارب نصف مليار جنيه استرليني لكل منها بين 2024 و2026، وفقا لحسابات "فاينانشيال تايمز". بالنسبة إلى العلامات التجارية ذات المبيعات الكبيرة مثل فورد وفولكس فاجن فهي أكبر.
بالنسبة إلى صناعة تعمل بهوامش ضئيلة للغاية وتواجه ضغوطا من الموجة المقبلة من السيارات الكهربائية منخفضة الأسعار من الصين، فإن هذه التكاليف الإضافية مدمرة.
طلبت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي التنازل عن متطلبات "قواعد المنشأ" حتى 2027، حيث ستكون لدى المنطقة سعة بطاريات أكبر بكثير. تتفق جميع شركات تصنيع السيارات من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا على ذلك.
المشكلة الآن مع بروكسل، التي يجب أن تقرر ما إذا كانت الضربة المالية لبعض أكبر الشركات في المنطقة تستحق رأس المال السياسي لامتياز للمملكة المتحدة.
في الوقت نفسه، ليس لدى الشركات أي فكرة عما ستكون عليه القواعد في غضون ستة أشهر وهي تندفع نحو 2024 برؤية ضبابية.
قال أحد الرؤساء التنفيذيين هذا الأسبوع، " فات أوان صفقات اللحظات الأخيرة. نحتاج إلى المعرفة الآن".