لم يعد النقد قمامة بالنسبة إلى المستثمرين

لم يعد النقد قمامة بالنسبة إلى المستثمرين

يحكم النقد كل شيء حولي، كما أشارت فرقة وو-تانغ كلان في أغنية الهيب هوب الكلاسيكية في منتصف تسعينيات القرن الماضي والتي تخدم الآن كمقطع موسيقي مفيد للأسواق المالية.
سخر مؤسس شركة بريدج ووتر أسوشييتس، راي داليو، ذات مرة من سهولة الوصول إلى كثير من الأموال المودعة على أنها قمامة. قال في أوائل 2020، "إن السيولة قمامة." وقال، "اخرج من السيولة النقدية" وادخل في أصول أكثر تنوعا من المرجح أن تحقق عائدا أعلى.
لم يكن داليو ليعلم أن جائحة كوفيد ستصبح عالمية بعد أسابيع قليلة فقط، ما وضع مجموعة صناديق التحوط الخاصة به في مأزق، وكانت تعليقاته منطقية تماما في ذلك الوقت. إن استثمار الأموال التي تم الحصول عليها بشق الأنفس في واحدة من أكثر زوايا الأسواق المالية ضجرا وأدناها عوائد بدا في تلك الأيام المزدهرة أمرا أحمق قبل أن تبدأ عمليات الإغلاق.
تمسك بهذا التصريح حتى أواخر العام الماضي، عندما ارتفعت أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى النقطة التي اعتقد أنها ليست جيدة ولا سيئة. ولكن بعد مضي بضعة أشهر، بدأت الأموال النقدية تحشد مستوى جديدا من الحماس في الأماكن المؤثرة.
قالت سيمونا بارافاني ميلينجهوف من صندوق بلاك روك في مناسبة أقيمت في لندن، "عاد الملك". ووصف كبير مسؤولي الاستثمار للحلول في مجموعة استراتيجيات الأصول المتعددة التابعة لصندوق إدارة الأموال النقد بأنه "فئة أصول جذابة في حد ذاتها"، مضيفا أنه "ينبغي عدم إغفالها". لقد قطعنا شوطا طويلا منذ حديث القمامة.
إن هناك ثلاثة عوامل كبيرة تدعم هذا. الأول هو العوائد على الطراز القديم. فالارتفاع السريع لأسعار الفائدة خلال العام الماضي أو نحو ذلك يعني أن الديون قصيرة الأجل للغاية، حتى من المقترضين الذين من غير المحتمل أن يتخلفوا عن السداد، تنتج عوائد كبيرة بشكل لافت للنظر. حيث تعني المراوغات في الأنماط عبر الديون ذات آجال الاستحقاق المتفاوتة أن سندات الخزانة الأمريكية لمدة ثلاثة أشهر - وهي النقطة المرجعية للأوراق النقدية قصيرة الأجل - تدر عائدا أكثر من 5 في المائة بقليل، وهو تقريبا مقدار الأصول نفسه الأكثر خطورة بما فيها الديون عالية الجودة للشركات التي تمتد عدة أعوام.
وهذا يعني أن على الأسهم الآن التنافس على مكان في محفظة ما مقابل سندات الشركات والسندات الحكومية. لكن ينبغي أن تتنافس السندات أيضا مع النقد. بالنسبة إلى بعض المستثمرين الذين عانوا مع السندات العام الماضي، فإن هذه عقبة نفسية كبيرة.
عامل آخر هو أن ضخ مبلغ ضخم نقدا يمنح المستثمرين مكانا للاختباء في حالة وقوع كارثة. يبدو هذا خيارا جيدا عندما لا يكون لدى مديري الأموال المحترفين فكرة واضحة عن اتجاه الأسواق، ومتى قد يخيم الركود أو إلى أي مدى قد يكون سيئا.
إن هذا ينطبق في كلا الحالتين. بمعنى أنه في نوع من الصدمة المعاكسة، كطلب شركات الوساطة هامشا ضخما أو ضربة لقيمة الأصول الأخرى في المحفظة، يمكن أن يخفف مخزون النقد من هذه الضربة.
لكن الاحتياطيات النقدية توفر أيضا ما يسمى بالمسحوق الجاف - مصطلح يشير إلى الأوراق المالية الرائجة ذات السيولة العالية. وفي إطار استراتيجية وصفها صندوق بلاك روك بأنها "تتمحور حول التفاصيل"، قالت بارافاني ميلينجهوف إنه من المهم "التهيؤ والاستعداد للعمل" عند ظهور تلك الأنواع من الفرص.
قال أليكس برازير، وهو زميلها ونائب رئيس معهد بلاك روك، إن هذا النوع من المرونة ضروري في أحد أكثر أنظمة السوق إرباكا وتحديا يمكن أن يتذكرها المستثمرون. قال لي، "إنه ليس كل شيء، في كل مكان، دفعة واحدة". فالرهانات على فئات الأصول بأكملها كالسندات أو الأسهم أو ديون الشركات ببساطة لا معنى لها في الوقت الحالي لأن الفجوات في الأداء بين الأسهم الفردية والائتمانات كبيرة للغاية. قال، "إنها ليست قضية (لقد عاد الدخل، لذا اشتر مؤشرالسندات). فالتضخم مشكلة خطيرة ومستوى رفع أسعار الفائدة اللازم لمعالجته غير مؤكد". وهذا بدوره يعني أن مخصصي الأصول يجب أن يكونوا أذكياء.
أضاف، "إن هذه ليست البيئة الملائمة للتعرض الكبير على مستوى المؤشر". وأضاف، "إنه يختلف كثيرا عن استراتيجية الاستثمار "المعتدل"- في إشارة إلى العقود الطويلة والمربحة حتى الجائحة وتفشي التضخم المؤلم في الأسواق المتقدمة. النقد في متناول اليد يساعد على تخطي ذلك.
بشكل إجمالي، يبدو أن مديري الصناديق لا يتفقون مع هذه الحجة تماما. فقد أشار أحدث استطلاع أجراه بنك أوف أمريكا لكبار المستثمرين هذا الشهر إلى أن المخصصات النقدية قد انخفضت بشكل كبير خلال الأشهر الثمانية الماضية، إلى 5.1 في المائة من المحافظ الآن - وهو أدنى مستوى في 19 شهرا - من 6.3 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر).
لكن مديري الأموال الآخرين المؤثرين يقدمون قضية مشابهة، بمن فيهم دان إيفاسكين، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة بيمكو. ففي حديثه إلى "فاينانشيال تايمز" في لندن، قال إيفاسكين إنه ما زال يتوقع أن يحقق الاقتصاد الأمريكي الهبوط السلس الذي طال انتظاره - تباطؤ ولكن ليس انهيارا. لكنه قال إنه ينبغي عدم تجاهل الخطر الأقل لفتا للانتباه لشيء أبشع.
بالنسبة إليه، فإنه ليس من المنطقي القفز إلى فئات الأصول هذه في الوقت الحالي. لكن أي بيع اضطراري من قبل مستثمرين آخرين أو أي شكل آخر من أشكال الضائقة يمكن أن يأتي بفرص لا يمكن تفويتها.
وهذا يعني لكلا السببين - الحث على الاحتفاظ بالمال في متناول اليد في حالة حدوث صدمة سيئة، والرغبة في الحصول على الأموال المخصصة لأيام الحاجة إلى اقتناص الصفقات - أنه يجب أن تكون إدارة السيولة "محورية". وقال، "احتفظ ببعض النقود"، لأن الأعوام المقبلة ستوفر فرصا ينبغي انتهازها.

الأكثر قراءة