لا تذرف الدمع على متاعب سوق لندن للأسهم

لا تذرف الدمع على متاعب سوق لندن للأسهم

أصبح الركود في الاكتتابات العامة الأولية في لندن لافتا للنظر أكثر من أي وقت مضى. يأتي قرار دبليو إي صودا، أكبر شركة منتجة لرماد الصودا في العالم، بالتخلي عن خطط الإدراج في المملكة المتحدة بعد أن قررت سي آر إتش، أكبر مجموعة لمواد البناء في العالم، تحويل إدراجها من لندن إلى وول ستريت. قد تهدف مجموعة التكنولوجيا المالية سي أيه بي بيمنتس إلى إصدار 850 مليون جنيه استرليني في لندن، لكن هذا لا يعوض رفض شركة تصميم الرقائق آرم طلب الحكومة البريطانية بالتعويم في لندن. كل هذا يتعارض بشكل غير مريح مع تطلعات رئيس الوزراء ريشي سوناك لجعل الخدمات المالية واحدة من قطاعات النمو الخمسة الرئيسة في البلد.
تبع ذلك تعليق متشائم، يتساءل عما إذا كان الحي المالي قد أصبح بيروقراطيا للغاية ومتجنبا للمخاطرة منذ الأزمة المالية لـ 2008، بينما فقد قدرته التنافسية بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لكن كثيرا من هذا البحث عن الذات، مثل تطلع الحكومة إلى جعل لندن المركز المالي الأكثر تنافسية في العالم، متجذر في نظرة تجارية للمنافسة المالية العالمية بصفتها لعبة محصلتها صفر.
عدنا لاختيار الفائزين. أو بالأحرى الفائزين السابقين، لأن أحد الدروس المستفادة من الأزمة المالية هو أن النمو الخارق في الخدمات المالية على ما يبدو كان وهما، نابعا من الإفراط في المخاطرة إلى جانب الابتكار المحموم في المنتجات المالية المعقدة ذات المنفعة الاجتماعية المشكوك فيها.
بالطبع، إن المنفعة الاجتماعية لسوق الأسهم ليست موضع تساؤل. ويجب أن يكون من دواعي القلق أن حصة سوق الأسهم المملوكة لشركات التأمين البريطانية وصناديق المعاشات التقاعدية قد انخفضت من أكثر من 50 في المائة في أواخر التسعينيات إلى 4.3 في المائة في نهاية 2020. وقد أثار هذا جدلا حول كيف يمكن لشركات اليونيكورن (شركات التكنولوجيا غير المدرجة التي تزيد قيمتها على مليار دولار) الوصول إلى رأس المال المخاطر.
مع ذلك، فإن العولمة ناجحة إلى حد ما. يمتلك المستثمرون الأجانب الآن أكثر من 50 في المائة من الأسهم البريطانية المدرجة – رغم أن مدى استعداد هؤلاء المستثمرين لدعم الشركات غير المدرجة فيه نظر. لاحظ، أيضا، أن المخاوف الأوسع بشأن خسارة لندن لقدرتها التنافسية نتيجة بريكست مبالغ فيها إلى حد بعيد. حيث يستمر أحدث مؤشر للمراكز المالية العالمية، والذي نشر في آذار (مارس) من قبل مؤسسة الأبحاث زد/ين بارتنرز ومقرها لندن ومعهد التنمية الصيني في شنجن، في تصنيف لندن في المرتبة الثانية بعد نيويورك.
في غضون ذلك، وجدت دراسة استقصائية أجراها بنك التسويات الدولية العام الماضي حول دور لندن في تداول مشتقات أسعار الفائدة، والعملات الأجنبية، والخدمات المصرفية الدولية وضمان السندات أن وضع المدينة قد تآكل في مجالين لكن على الهامش فقط. فقد خسر حصته في تداول مشتقات اليورو خارج البورصة لمصلحة مراكز منطقة اليورو. ورغم ذلك تظل حصته أكثر من ضعفي حصة جميع مراكز منطقة اليورو.
في مجال الخدمات المصرفية الدولية، تراجعت روابط لندن مع منطقة اليورو جزئيا بسبب تحول اتفاقية إعادة الشراء باليورو من المملكة المتحدة إلى فرنسا. لكن تقرير بنك التسويات الدولية يقول إن "مزايا لندن طويلة الأمد من حيث الحجم، والنطاق والمنطقة الزمنية قد تحافظ على تفوقها كمركز مالي دولي".
بالنسبة إلى البريطانيين ذوي الميول التجارية، فإن هذا أمر مثير. لقد تم رفض جهود السلطات الأوروبية المستمرة لتحويل النشاط المالي المقوم باليورو عبر قناة المانش إلى حد كبير، رغم أن المعركة لم تنته بعد.
مع ذلك، هناك أسباب تدعو إلى القلق بشأن هذا النجاح بالذات. فقد أظهرت أزمة 2008 أن الاقتصاد البريطاني كان قطاعيا قليل التنوع ويعتمد بشكل مفرط على نظام مالي كان تجاوزاته قادرة على تخريب بقية الاقتصاد. إن الخدمات المالية، التي تمثل اليوم 8.3 في المائة من إجمالي الناتج الاقتصادي، انخفضت بشكل طفيف فقط عن مستواها قبل الأزمة.
منذ ذلك الحين، تم تنظيم الخدمات المصرفية بشكل أكبر. لكن كما بين الاضطراب الناجم عن صندوق المعاشات التقاعدية في أيلول (سبتمبر) الماضي في سوق السندات الحكومية، انتقلت المخاطر إلى الأجزاء غير المصرفية في النظام المالي. لا أحد يستطيع أن يكون على يقين من الرعب الكامن في جحيم مستنقع الظل المصرفي.
هناك أسباب للتشكيك في رغبة الحكومة في الترويج للخدمات المالية. ففي ورقة بحثية لبنك التسويات الدولية، أوضح ستيفن سيكيتي وأنيس خروبي أن هناك نقطة يتحول فيها كل من التنمية المالية وحجم النظام المالي من جيد إلى سيئ ويصبحان عبئا على النمو. ومن ثم، فإن التوسع في التمويل يستهلك الموارد البشرية النادرة التي يمكن استخدامها بشكل أفضل في أماكن أخرى.
تجدر الإشارة أيضا إلى أنه خلال فترة النمو الأعلى في المملكة المتحدة بعد الحرب في الخمسينيات والستينيات، عمل النظام المصرفي كمرفق منخفض المخاطر. لم تكن هناك أزمات مصرفية.
يؤدي هذا إلى الاعتقاد بأن خسارة الميزة النسبية قد حدثت في جزء واحد من نظام مالي كبير الحجم، سوق الأسهم. ستفقد الوظائف التي تتطلب مهارات. لماذا لا نقبل المنطق القوي لقانون الميزة النسبية ونسمح للسوق بأن تكون الوسيط الحاكم للوجهة المهنية التالية للموظفين الفائضين عن الحاجة؟

الأكثر قراءة