تهافت الأزمات الشخصية يسقط قناع الرسمية المهنية
معظم حياتي وأنا بالغة، أتجول أنا وزملائي في بدلات تبرز - أو نحاول أن نبرز من خلالها – إشارة قوية من المهنية عالية الطاقة. لكن يؤسفني أن أقول إن القناع، المثبت بقلق لبعض الوقت، قد انزلق أخيرا. مع تهافت الأزمات الشخصية بكثافة وسرعة، ينتشر وباء إطلاق العنان لما في النفس بشكل عاطفي في المكتب.
الآباء المرضى والمحتضرون، واعتلال صحة الفرد نفسها، إضافة إلى المراهقين الضالين والعلاقات التي تمر بأوقات صعبة: هذه (في الأغلب) سمات لا مفر منها لهذه المرحلة من الحياة. نظرا لكوننا كتاب أعمدة في "فاينانشيال تايمز"، فقد كنا نناقش أفضل استعارة لتسلسل الكوارث الذي يبدو أنه يضرب أواخر منتصف العمر. عندما تكون في خضم هذه الكوارث، فهل يشبه ذلك لعبة "ضرب الخلد" التي تبعث القلق (لعبة يابانية قديمة تحتوي على فتحات يظهر منها خلد كرتوني. يجب عليك ضرب الخلد بسرعة لحظة ظهوره من الفتحة ثم يظهر خلد آخر بعده مباشرة) أو مجرد نار مستعرة باستمرار في سلة مهملات؟
بالنسبة إلي، فإن هذا الوابل الذي يجتاح منتصف العمر يحمل سمات لعبة فيديو مصممة بشكل سادي، حيث يتضح المسار لجزء من الثانية قبل أن تظهر كارثة أخرى في المشهد - يمكن لأي رائد أعمال في مجال ألعاب الفيديو يقرأ هذه العمود أخذ الفكرة دون مقابل. هل يمكننا تسويقها على أنها لعبة "كول أوف ديوتي: منتصف العمر"؟ إنها عملية إبحار في منطقة غادرة يتبعها اصطدام. لكنني وزملائي لا نتنافس في تصنيف صدماتنا - إذا فزت في هذه اللعبة، فإنك خسران حقا.
رغم ذلك، مهما سميناها، فقد تم التخلي تدريجيا عن محاولات الاتزان المهني لمصلحة تبادل الاعتراف والتعاطف الجماعي متعدد الاتجاهات. لقد أصبح الأمر وكأنه وسم #nofilter بالضبط (وسم متداول على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر الشخص نفسه على طبيعته دون أي تعديلات على الصورة) – لقد هزمتنا التحديات المتجددة لدرجة ليس لدينا طاقة تذكر لأي شيء آخر غير العمل نفسه. يمكنك أن تنسى الحفاظ على مظهرك فضلا عن إخفاء مشاعرك.
إن الدعم المتبادل له قيمة كبيرة. من المحتمل أن يحافظ على صحتنا (ويجعلنا نعمل) لفترة أطول: وجدت دراسة أسترالية صدرت هذا العام عن النساء اللواتي تراوح أعمارهن بين 45 و70 عاما أن اللاتي لديهن أصدقاء في العمل وعلاقات جيدة مع الزملاء كن أقل عرضة للإصابة بمجموعة من الأمراض الشائعة بما فيها السكري وارتفاع ضغط الدم وحتى السرطان. وبعد الصعوبات التي سببتها حالة كوفيد الطارئة، يبدو أن هذه الصداقات، الحديثة وطويلة الأمد، صحية بشكل خاص.
لكننا لا نعرف حتى الآن طبيعة ومدى التكاليف المرتبطة بنشر غسيلنا في المكتب. ماذا لو كان انهيار شخصيتك في العمل يعني عقوبة وظيفية بعد انتهاء أزمتك؟ ماذا لو لم تستطع صداقات العمل هذه تحمل العبء؟
أما بالنسبة إلى المديرين، فيتم جذبهم في اتجاهين من التعاطف والحاجة إلى الإنتاج - يجب أن يستمر العرض وينبغي أن يأتي العمل في المقام الأول. ليس عبثا أن يتضمن التدريب التقليدي قسما حول كيفية مواساة المرؤوسين، ومناولتهم منديلا أثناء انتحابهم، ثم تحويل مجرى المحادثة.
في هذه الأيام، تؤكد عبارات العمل الطنانة على الإنسانية. مثلا، الدعوة إلى أن "تتصرف على سجيتك في العمل"، أو الحض المرعب قليلا على "الصراحة الراديكالية". إنه مسار يولد مزيدا من المشاعر بدلا من تثبيطها. بدا هذا منعشا في فترة ما قبل الجائحة: فرصة للتخلص من قيود المكتب التي جعلت القوى العاملة متجانسة. "أنا لست مثلك، لذا لا تجعلني أتظاهر" هو رد جيد على الشكليات التي عفا عليها الزمن التي في الأغلب ما تكون خاصة.
لكن لدينا الآن مشكلة مختلفة تتعلق بالإفصاح المفرط عن الأمور الشخصية، يرسل فيه العاملون من جميع المستويات إشارات استغاثة. إنه هجوم مستمر من الاكتشافات المرهقة. التقييمات المهنية منذ كوفيد هي حقل ألغام من المستجدات الطبية وأزمات رعاية الأطفال ورعاية المسنين. ومع انسحاب كثير منا من العمل أو المعاناة بسبب اعتلال الصحة ومسؤوليات الرعاية، خاصة بين من تزيد أعمارهم على 50 عاما، أصبحت إدارة فريق أقل شبها بوظيفة عادية من وظائف ذوي الياقات البيضاء وأكثر شبها بالحفاظ على معنويات الوحدة في خندق مليء بمياه موحلة. هناك الكثير مما يجب على المديرين التعامل معه - ولزملائنا المساكين، الذين يتحملون العبء الأكبر عندما تنهار الشخصيات المركبة بعناية أمام أعينهم.
هذا لا يبدو مستداما. يحتاج الموظفون إلى دعم مصمم بشكل أفضل ليناسب هذه الأوقات العصيبة ويحتاج المديرين إلى المساعدة في التعامل مع هذا الوضع. في الوقت نفسه، ما يقلقني هو أنني أصبحت أحد هؤلاء الأشخاص الذين من الخطر سؤالهم "كيف حالك؟" في حال أخبروك حقا عن حالهم.