انتهى عصر «لا بديل للأسهم» .. السندات تعود للانتقام
الطريقة الكلاسيكية للحكم على الأوقات التي تمر فيها الأسهم بلحظة فقاعية هي اختبار سيارة الأجرة. عندما يبدأ السائقون في إخبارك عن محفظتهم على الإنترنت أو يسألون عن شراء أسهم في شركة تسلا، فستعلم أن الوعي العام بأسواق الأسهم قد زاد بشكل كبير.
شيء مشابه يحدث الآن مع السندات. في مأدبة عشاء حضرتها الأسبوع الماضي، أخبرني متخصص في استثمار السندات أنه لأول مرة في حياته المهنية الطويلة، يحتاج إليه زملاؤه في مجال الأسهم، الذين يجدون أعذارا للمرور على مكتبه مصادفة ليسألوا عن كيفية شراء بعض الديون الحكومية لمدخراتهم الشخصية.
إن هذا أمر غير معتاد للغاية. يستمع مستثمرو الأسهم عموما إلى نظرائهم في أسواق السندات كما يسمع الأطفال في الرسوم الكرتونية تشارلي براون "بينتس" حديث الكبار. مجرد ضجيج أبيض.
وبشكل معقول تماما، أمضوا الأعوام القليلة الماضية يتساءلون عما كان يخطط له غرباء الأطوار هؤلاء في سوق السندات. لماذا تشتري أشياء ذات عائد سلبي، وأنت تعرف أنك ستخسر إذا احتفظت بها حتى وقت استحقاقها؟ كل ما يمكن أن يقوله فريق السندات الآن هو إن ذلك كان منطقيا في ذلك الوقت – لقد حدثت أشياء غريبة في عصر أسعار الفائدة الصفرية.
الآن، رغم ذلك، عادت السندات للانتقام. سحبت البنوك المركزية أسعار الفائدة إلى أعلى مما يقارب الصفر أو حتى دونه بوتيرة مذهلة في محاولة لترويض تفشي التضخم بعد الجائحة. ولم تنته من ذلك، كما أظهر الرفع القوي المفاجئ لسعر الفائدة من بنك إنجلترا الأسبوع الماضي. وفجأة، تحقق السندات شيئا ما. الكثير جدا في الواقع – عائد قدره 5 في المائة على السندات الحكومية البريطانية لأجل عامين مثلا، أو 3.7 في المائة على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام.
الفرق بين اختبار سائق التاكسي واختبار "أصحاب البدلات الأنيقة من الأسهم الذين كانوا يضحكون على مهووسي السندات لأعوام" هو أنه لا أحد، أو على الأقل لا أحد ممن تمكنت من العثور عليه حتى الآن، يعتقد أن السندات ستنفجر.
أحد التحذيرات المهمة: يمكن للعوائد أن ترتفع بسهولة من هنا، ما يترك المشترين الجدد أمام خسارة ورقية. لقد واجه كثير من المشترين هذا الاختبار بالفعل. لكن أي شخص يرغب في شراء سندات صادرة عن حكومات آمنة وحتى شركات - والاحتفاظ بها حتى تاريخ الاستحقاق - يضمن أفضل العوائد في جيل. ولو حدث شيء فظيع للجغرافيا السياسية أو للاقتصاد العالمي، فعندئذ، لو تساوت كل الأشياء، سترتفع أسعار السندات الحكومية.
قال جو ديفيس، الرئيس العالمي لمجموعة استراتيجيات الاستثمار في شركة فانجارد الاستثمارية الضخمة: "إن الخروج من الحد الصفري هو أفضل تطور منفرد شهدناه للسوق العالمية منذ 20 عاما".
إنه يفتح أخيرا الباب لبديل للأسهم ويحول دون اضطرار المستثمرين إلى المغامرة في منطقة محفوفة بالمخاطر بشكل غير مريح بحثا عن عوائد مناسبة. حتى صناديق أسواق المال في الولايات المتحدة - وهي كميات ضخمة من السيولة النقدية التي يسهل الوصول إليها والموجودة في أدوات الدين الآمنة - تقدم عائدا يبلغ نحو 5 في المائة. قال ديفيس: "من الجيد أن تحظى باهتمام جميع المستثمرين". "في السابق، كانت سوق الأسهم فقط (تحظى بالاهتمام)."
تؤكد أحدث البيانات الصادرة من شركة مورنينجستار حول تدفقات الأموال هذه النقطة. إذ تشير إلى أنه في أيار (مايو)، كانت الصناديق ذات الدخل الثابت، حسب تعبيرها، "مغمورة" بالمال - أكثر من 12 مليار يورو من التدفقات الداخلة الصافية في أوروبا، محققة بذلك الشهر الإيجابي السابع على التوالي. في الوقت نفسه، انخفضت صناديق الأسهم بمقدار مليار يورو، وهو أكبر مبلغ منذ تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي.
القصة هي نفسها في الولايات المتحدة لكنها بالطبع أكبر بكثير. خسرت صناديق الأسهم 27 مليار دولار تقريبا في أيار (مايو) - مرة أخرى، الشهر السابع على التوالي من التدفقات الخارجة. في الوقت نفسه، جمعت صناديق السندات الخاضعة للضريبة 18 مليار دولار، ما رفع الإجمالي حتى الآن هذا العام إلى ما يقارب 113 مليار دولار.
ليس من الصعب معرفة السبب. حتى ديون الشركات الأمريكية الأعلى تصنيفا تحقق عوائد تبلغ نحو 4.6 في المائة، وفقا لمؤشر آيس/بنك اوف أمريكا الذي يحظى باهتمام واسع.
قال كريستيان هانتل، مدير كبير للمحافظ في شركة فونتوبيل في زيورخ، إنه توقع أن تهدأ "النشوة" في الطلب على السندات وصناديق السندات في الربيع، خاصة بالنظر إلى الأزمة المصرفية القصيرة والحادة التي اندلعت على جانبي الأطلسي.. وبدلا من ذلك، قال، إنها تنتعش مرة أخرى حيث يحاول المستثمرون تأمين العوائد، خاصة عندما يقيمون مخاطر مراكمة الأسهم بدلا من ذلك التي تبدو باهظة.
"لقد فوت أشخاص كثيرون ارتفاع الأسهم ولا يريدون العودة إلى اللعبة الآن"، كما قال.
إن الشيء الرئيس الذي يمكن أن يسير على نحو خاطئ من هنا هو ركود قبيح جدا وعقابي، خاصة بافتراض أن البنوك المركزية عنيدة جدا ولن تخفض أسعار الفائدة ردا على ذلك. في أسوأ السيناريوهات، قد يكون ذلك كافيا لإطلاق موجة كبيرة من التخلف عن سداد الديون في الطرف الأخطر للسوق.
لكن سيزار بيريز رويز، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة بكتيت، يعود الآن إلى العملاء الذين قالوا "لا شكرا" على السندات في نهاية العام الماضي باقتراح جديد كليا.
"أنا أقول لهم الآن: هل أنتم متأكدون من أنكم تريدون 50 في المائة من الأسهم في محافظكم؟"، كما قال. "ربما يحب الناس 30 في المائة ثم يضيفون على الباقي دينا من الدرجة الاستثمارية حتى يحصلوا على عوائد تشبه الأسهم بتقلبات أقل. ما عليك سوى شراء السندات من الشركات الجيدة، واستمتع، دعها حتى موعد استحقاقها ".
لقد ولى عصر شعار "لا بديل للأسهم" - في الوقت الذي تحقق فيه السندات عوائد صفرية. يتعين على الأسهم أن تقاتل من أجل مكانها في محفظة مختلطة.