التضخم مستمر وسوق الإسكان في المملكة المتحدة تعاني
رفع مقرضو الرهن العقاري أسعار الفائدة مرة أخرى هذا الأسبوع، ما زاد المخاوف من حدوث انخفاض كبير في أسعار المساكن، حيث يعاني المشترون وأصحاب المنازل ارتفاع تكاليف الاقتراض.
في رسالة إلى الوسطاء، قال بنك إتش إس بي سي مساء الخميس الماضي "إنه يسحب مجموعة الرهون العقارية السكنية الجديدة والرهون العقارية للشراء بغرض التأجير المقدمة من خلال الوسطاء". ستعود إلى السوق الإثنين فقط مع توقع زيادة الأسعار عبر عديد من المنتجات.
حدث نيشن وايد، ثاني أكبر مقرض للرهون العقارية في المملكة المتحدة، أسعاره يوم الجمعة، حيث ارتفعت معدلات الرهن العقاري المحدد المدة بما يصل إلى 0.25 نقطة مئوية، بينما انخفضت معدلات الرهون المتتبعة -تمثل نسبة أقل بكثير من السوق- بنسبة تصل إلى 0.85 في المائة نقطة مئوية. أعاد مقرضون آخرون، بمن فيهم هاليفاكس وجمعية بناء مونموثشاير وجمعية بناء ويست بروم، تسعير المنتجات أو سحبها هذا الأسبوع.
تأتي هذه التحركات بعد عدة أسابيع من ارتفاع معدلات الرهن العقاري، مع قيام المقرضين بما في ذلك سانتاندير وأكورد، جزء من جمعية بناء يوركشاير، برفع الأسعار الأسبوع الماضي. ارتفعت التكاليف في أعقاب الأرقام الرسمية الشهر الماضي التي أظهرت ارتفاع التضخم الأساسي المستعصي في المملكة المتحدة. غير هذا توقعات السوق بشأن المدة التي سيضطر فيها بنك إنجلترا إلى الاستمرار في رفع أسعار الفائدة.
قال آرون سترات، مدير المنتجات والاتصالات في شركة الوساطة ترينيتي فاينانشيال، "نحن في مرحلة ليس من الواضح فيها متى ستتباطأ زيادات الأسعار هذه، حيث رفع بعض المقرضين رهونهم العقارية مرتين أو ثلاثا أخيرا".
سوق الإسكان، التي بدأت لتوها أول خطواتها في الربيع بعد صدمة الميزانية المصغرة في الخريف، تواجه الآن رياحا معاكسة جديدة من الضغط على القدرة على تحمل تكاليف الرهن العقاري.
"ربما تكون معدلات الرهن العقاري التي تبلغ نحو 5 في المائة هي نقطة التحول. لا تزال معظم الأسر قادرة على إدارة معدلات الرهن العقاري التي اقصاها 4.99 في المائة. يبدو أن علامة 5 في المائة تشعر بعض الناس بأنها نسبة لا يمكن تحملها إلى حد ما"، كما قالت أنيشا بيفريدج، رئيسة الأبحاث في هامبتونز.
ارتفعت أسعار الفائدة على مدى خمسة أعوام إلى 5.41 في المائة في المتوسط، وفقا لموقع التمويل موني فاكتس، ارتفاعا من 4.97 في المائة في بداية أيار (مايو). خلال الفترة نفسها، ارتفع متوسط الأسعار الثابتة لمدة عامين من 5.26 في المائة إلى 5.83 في المائة يوم الجمعة.
ستؤدي معدلات الرهن العقاري المرتفعة إلى تمديد ميزانيات المشترين المحتملين، خاصة أولئك الذين يحاولون الوصول إلى سلم الإسكان. ارتفعت مدفوعات الرهن العقاري للمشترين لأول مرة بالفعل إلى 37 في المائة من صافي الدخل في الربع الأول -أعلى مستوى منذ 2008- وفقا لنيشن وايد مقدم الرهن العقاري.
قال جون إينيس، الرئيس التنفيذي للوكيل العقاري تشيستيرتونز: "المشترون لأول مرة يعانون في السوق". وأضاف أنه "كان هناك عدد أقل من المشترين ذوي الودائع الصغيرة وحصة أكبر من المستثمرين الدوليين والمشترين النقديين وأولئك الذين يتلقون مساعدة مالية من آبائهم. إنها ليست سوقا صحية".
ستؤثر تكاليف الاقتراض المتزايدة أيضا في الوضع المالي لملايين مالكي المنازل، الذين سيضطرون إلى إعادة الرهن بمعدلات أعلى عند انتهاء عقودهم. أظهرت بيانات بنك إنجلترا أنه خلال هذا العام، ستحتاج نحو 430 ألف أسرة إلى إعادة التمويل كل ربع عام. قال أندرو ويشارت، كبير الاقتصاديين العقاريين في شركة كابيتال إيكونوميكس الاستشارية: "نحن الآن قلقون بشأن الدفعات المتأخرة أكثر مما كنا عليه".
كان لارتفاع تكاليف الرهن العقاري بالفعل تأثير في سوق الإسكان. انخفضت موافقات الرهن العقاري إلى 48690 في نيسان (أبريل)، أي أقل من نصف ذروتها في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020 وانخفضت 26 في المائة عن الشهر نفسه في 2019، قبل الجائحة، وفقا لبيانات من بنك إنجلترا.
تتراجع أسعار المنازل وفقا لمعظم المؤشرات، حيث أبلغت "نيشن وايد" عن انخفاض سنوي 3.4 في المائة في مايو، أكبر انخفاض منذ 2009 وانخفاض 4 في المائة عن ذروة آب (أغسطس).
توقعت "كابيتال إيكونوميكس" أن تنخفض أسعار المنازل 8 في المائة أخرى بحلول منتصف 2024، وقالت "إن التغيير الأخير في معدلات الرهن العقاري جعل هذا السيناريو أكثر احتمالا". توقعت شركة الائتمان موديز يوم الخميس انخفاضا 10 في المائة على مدى عامين، حيث ألقت لوم ذلك على "التضخم المرتفع باستمرار والارتفاع الأخير في أسعار الإقراض".
قالت بيفريدج "إن معنويات السوق كانت عاملا رئيسا في مستويات أسعار المنازل، وستتأثر بمفاجأة التضخم غير السارة. إن المخاطر أعلى مما كانت عليه قبل بضعة أسابيع بالتأكيد".
يأمل المشترون في الحصول على خصومات للتعويض عن دفع مزيد على رهونهم العقارية. قال روري سكاريسبريك، شريك في "بروبيرتي فيجن"، وكيل شراء رئيس في وسط لندن: "الأسعار المرتفعة تظهر في كل مفاوضة، لكنها لا توقف المعاملات". وأضاف أن المشترين "يريدون أن تنعكس بعض الآلام التي يتحملونها على السعر".
أفاد المساحون بانخفاض استفسارات المشترين الجدد وأسعار المنازل في مايو. بينما تراجعت وتيرة الانخفاض مقارنة بالأشهر السابقة، حذر المعهد الملكي للمساحين المعتمدين من أن "الارتفاع المتوقع في أسعار الفائدة من بنك إنجلترا من المرجح أن يضعف الاتجاهات الإيجابية".
مع ذلك، يقول عديد من الخبراء "إنه من غير المرجح أن تنخفض السوق بشكل حاد كما حدث خلال الأزمة المالية". انخفضت أسعار المنازل 17.5 في المائة بين نوفمبر 2007 ونيسان 2009، واستعادت مستوى ما قبل الأزمة فقط في 2014، وفقا لبيانات من مكتب الإحصاءات الوطنية.
في ظل الانكماش الحالي، من المتوقع أن تكون أسعار المنازل مدعومة بعدة عوامل، بما في ذلك سوق العمل القوية والضيقة، وعرض المساكن المنخفض تاريخيا، وتوقعات اقتصادية أفضل.
أظهرت أحدث الإحصاءات الرسمية أن معدل البطالة في المملكة المتحدة ظل قريبا من أدنى مستوياته منذ أن بدأت السجلات في 1971، مع أكثر من مليون وظيفة شاغرة. علاوة على ذلك، أشار بنك إنجلترا في مايو إلى أنه لم يعد يتوقع انخفاض دخل الأسرة الحقيقي حيث انخفضت أسعار الغاز بحدة من ذروتها في أغسطس، ما عزز التوقعات بأن الاقتصاد سيتجنب الركود.
يتوقع الاقتصاديون الذين استطلعت "كونسينسس إيكونوميكس" آراءهم أن يرتفع معدل البطالة أقل من التوقعات السابقة الآن. مع تحسن توقعات الوظائف، سيراقب محللو الإسكان باهتمام معدلات التضخم الشهرية. "جزء كبير يعتمد على أرقام التضخم هذه. هذا ما سينتهي به الأمر"، كما قالت بيفريدج.