تعال أخبرك كيف هو العالم من نظارة "أبل"

تعال أخبرك كيف هو العالم من نظارة "أبل"

لقد فعلتها "أبل" مرة أخرى. نظارة فيجين برو التي تبلغ تكلفتها 3500 دولار تأخذ جميع اتجاهات الحوسبة الرئيسة في العقدين الماضيين، وتضعها حول عينيك بطريقة تبدو أنيقة ومريحة، وتوفر واجهة سهلة الاستخدام جديدة وأنيسة.
بعد العرض التقديمي الذي قدمته شركة أبل على مدار ساعتين، كنت من أوائل الذين حظوا بعرض توضيحي خاص مدته 30 دقيقة لنظارة فيجين برو، وأتيحت لي الفرصة لتجربة مجموعة متنوعة من الميزات التي تقدمها - من ضمنها "تطبيق رائع" لم يرد ذكره في الخطاب الرئيس للرئيس التنفيذي تيم كوك الذي شاهده الملايين عبر الإنترنت.
لا يمكن أن يكون الانتقال من تطبيق إلى آخر باستخدام الجهاز أكثر سهولة بفضل خاصية تتبع العين واليد. انقر على زر بيدك اليمنى، وستظهر أمامك شاشة رئيسة تشبه شاشة الآيفون. انظر إلى صورة أو أيقونة لتطبيق ما، ثم اضمم أصابعك وانقر "نقرا مزدوجا". يمكنك التمرير عبر الصور بإيماءة التمرير، أو يمكنك تكبيرها كما لو أن هاتفا ذكيا عملاقا معروض أمامك.
يمكن للجهاز التنقل بسهولة بين الواقع الافتراضي، حيث يكون مرتديه منغمسا بالكامل في عالم رقمي، وبين "الواقع المعزز"، الذي يركب صورا فوق البيئة المحيطة الحقيقية. يسمح لك قرص يشبه القرص الموجود في ساعة أبل ووتش بالتدرج يدويا للتنقل بين هذين الوضعين أو، في بعض الإعدادات، يكون الانتقال تلقائيا، إذا كان شخص ما يقف بجانبك، فما عليك سوى النظر إليه وستظهر صورته ببطء وتصبح أكثر وضوحا مع الوقت.
من بين الميزات التي لم تتمكن "أبل" من إظهارها خلال عرضها التقديمي، هي الصور ومقاطع الفيديو ثلاثية الأبعاد التي يمكن للنظارة التقاطها. ففي العرض التوضيحي المقدم لي، كان بإمكاني أن أجلس حول النار مع الأصدقاء أو الجلوس على الطاولة فيما كان الأطفال يطفئون شموع أعياد الميلاد بعمق مثير للعجب.
ذكر جين مونستر، مدير محفظة في شركة ديب ووتر أسيت مانيجمنت، أن هذا الجزء من العرض التوضيحي أذهله. وقال، "الذكريات ثلاثية الأبعاد ستغير الطريقة التي نتذكر بها الأشياء. لن أرغب في التقاط فيديو لحفلة عيد ميلاد مرة أخرى، إلا إذا كان كهذا".
أعلنت شركة أبل "حقبة جديدة" في "الحوسبة المكانية"، ما يشير إلى أن نظارة فيجين برو يمكن أن تفعل للواقع الافتراضي والواقع المعزز ما فعله الآيفون في إحداث ثورة في حوسبة الهواتف المحمولة.
لكن "وول ستريت" لم تبال. انخفض سهم شركة "أبل" أقل من 1 في المائة بعد الكشف عن النظارة بسعرها المرتفع والذي قد لا يجعلها متاحة لكثير من الناس. مع ذلك، تفاجأ خبراء الصناعة بالتطور الذي تتمتع به النظارة.
قال روني أبوفيتز، المؤسس والرئيس السابق لشركة ماجيك ليب التي تصنع نظارات الواقع المعزز، "لقد وقعت جميع شركات الواقع الافتراضي الأخرى في ورطة كبيرة لأن أبل رفعت المستوى. لقد وضعت تحديا أمام شركات مثل إتش تي سي وسامسونج وميتا للحاق بها. لقد تفوقت عليها جميعا بضربة واحدة".
قبل أيام قليلة من العرض التوضيحي، حضرت معرض الواقع المعزز "أيه دبليو إي"، وهو مؤتمر كبير للواقع المختلط في سانتا كلارا، حيث عرضت الشركات الناشئة جميع أنواع التكنولوجيا المتطورة التي تشير إلى مستقبل ما بعد الهواتف الذكية. لكن لم يكن من بينها ما هو جدير بالاقتناء، فقد تم توجيه عدد قليل من الأجهزة نحو المستهلكين ولم يكن سعرها بالضرورة أرخص.
تبلغ تكلفة نظارات ماجيك ليب الإصدار الثاني 3200 دولار، في حين تكلف سماعات الرأس الراقية من مجموعة فاريو الفنلندية 6500 دولار. فكرت أن هذا النوع من التكنولوجيا له مستقبل، لكنه مستقبل بعيد. إلا أن الحدث الذي أقامته "أبل" غير رأيي.
نجحت "أبل" في إظهار رؤية للواقع الافتراضي والواقع المعزز مناسبة لهذا المكان والزمان، في تناقض صارخ مع "العالم الافتراضي" المليء بالشخصيات الرمزية التي تصورها رئيس شركة ميتا، مارك زوكيربيج.
قال سام كول، الرئيس التنفيذي لتطبيق فيت إكس آر للياقة البدنية في الواقع الافتراضي، "بالنسبة إلى كثيرين، يبدو مفهوم الواقع الافتراضي بعيدا جدا، وهو ما يؤدي إلى عدم الإيمان بموعد تحققه. إن ما رأيناه اليوم كان يبدو طبيعيا، وبدا واضحا، وفي متناول اليد".
قال مونستر من شركة ديب ووتر أسيت مانيجمنت إنه "صدم" في البداية من سعر 3500 دولار لها وصاغ مذكرة للعملاء تؤكد خيبة أمله. بعد استخدامه لها، اعترف بأن وجهة نظره تغيرت "تماما"، قائلا، "أعتقد أن سعرها مناسب".
أشار محللون إلى أن النظارة تبدو "مألوفة". إذ يحتوي تصميم الجهاز على عناصر من أبل ووتش وسماعات آيربودز ماكس، في حين يشبه برنامج فيجين أوه إس برنامج الآيفون والآيباد. كما أنها مجهزة "برقائق سيليكون من أبل"، ما يؤكد أكثر أن سعي "أبل" إلى تصميم عديد من مكوناتها وإنتاجها داخل الشركة سيمنحها ميزة أخرى على منافسيها.
قال بين وود، المحلل في شركة سي سي إس إنسايت، "الأمر الذي جذبني فورا كان حقيقة أن أي شخص استخدم أحد منتجات أبل سيعتاد فورا على الجهاز".
رغم أن ذلك وحده مثير الإعجاب، إلا أنه من الصعب إثبات "حاجة" مستهلك ما إلى هذا الجهاز. لقد كان من الممتع مشاهدة مقاطع الأفلام وعرض الصور وإجراء مكالمة، وفوجئت بالوضوح والراحة أثناء قراءة مستند بي دي إف. لكن لا يزال لدى "أبل" بعض التحديات الكبيرة لإقناع الجمهور السائد بالاستثمار فيه.
سيكون تنظيم آلاف العروض التوضيحية للمستهلكين المحتملين في متاجر "أبل" للبيع بالتجزئة حول العالم صعبا. لكني لم أستطع أن أجد أي شخص خرج بخيبة أمل بعد تجربة الجهاز. إذ كان معظم الذين جربوه متحمسين جدا.
قال فرانسيسكو جيرونيمو، المحلل في شركة أي دي سي، "رأيت العرض التقديمي واعتقدت أنه يبدو جيدا، لكني توقعت، حين نجرب الجهاز، سنرى مواطن الخلل فيه. لكن العرض التوضيحي الذي تلقيته كان مثاليا تماما. كل شيء يعمل، وكأن المنتج جاهز للبيع في المتاجر. لقد أثار إعجابي حقا".
أضاف جيرونيمو أنه بعد 20 دقيقة، كان مستعدا لخلع الجهاز. رغم وجود تكنولوجيا "آي سايت" من "أبل" - التي تظهر عيون مرتدي الجهاز للآخرين في الحياة الواقعية حتى لا يبدو الجهاز غير لائق اجتماعيا - إلا أنه لم يكن واثقا من ارتدائه في محيط اجتماعي.
قال، "حتى لو دامت البطارية طوال اليوم، فأنا لا أتخيل أشخاصا يتفاعلون مع الآخرين في مكاتبهم، بوجود شاشة أمام عينيك".
جادل بعض المحللين بأن نظارة فيجين برو لم تقدم واقعا معززا فعلا لأنها على عكس نظارة ماجيك ليب، مثلا، كان جهاز "أبل" يقدم تجربة غامرة - كل شيء تتم مشاهدته من خلال الكاميرات، حتى الغرفة التي توجد فيها الشخص نفسه، بدلا من الصور الرقمية المركبة فوق مشهد العالم الحقيقي.
لكن من غير المرجح أن يكون لدلالات هذا التميز أي أهمية. يستغرق عرض الفيديو 12 ميللي ثانية فقط - أي أسرع ثماني مرات من طرفة العين - وسيجد عقلك صعوبة في تمييز الفرق بين الشاشة داخل النظارة والمحيط المادي من حولك.
أثناء العرض التوضيحي الذي قدم لي، تحدثت مع اثنين من موظفي "أبل" في الغرفة ذاتها، وظهرت موظفة ثالثة في نافذة متحركة عبر مكالمة على "فيس تايم". كانت ترتدي نظارة فيجين برو، لكن "أبل" جعلت النظارة غير مرئية حتى أتمكن من رؤية وجهها بالكامل. وهي ما تطلق عليه "أبل" اسم "الشخصية"، اسم يبدو كصورة كرتونية، لكن حتى عندما طلبت منها تحريك عينيها يمينا وشمالا أو عندما أضحكتها، كانت ردود فعلها نابضة بالحياة.
ما أصابني بالحرج هو أني صرخت عندما ظهر أمامي ديناصور خارج من الحائط في غرفة العرض، ثم لاحظ وجودي وحاول أن يعض يدي. قيل لي إن هذا حدث طيلة اليوم.
طورت "أبل" أيضا كاميرات خاصة بمنتجاتها لالتقاط مقاطع فيديو ثلاثية الأبعاد للمباريات الرياضية والأحداث مثل الحفلات الموسيقية، تتيح لمرتديها الشعور وكأن الحدث أمامهم مباشرة. كانت مثيرة جدا لتثير تساؤلي عما إذا كانت شركة تيكيت ماستر لبيع التذاكر ستتعطل.
كانت خيبة الأمل لأن النظارة لن تطرح للبيع حتى "أوائل العام المقبل" واضحة. قال أكاش نيجام، الرئيس التنفيذي لشركة جينيز، أداة لتصميم الشخصيات الرمزية، إنه فوجئ بأن "أبل" لم تبذل أي جهد يذكر لتوجيه الجهاز نحو المستهلكين من الجيل زد. حيث لم يكن هناك شيء عن وسائل التواصل الاجتماعي أو تطبيقات التعارف، مثلا.
لكن ملايين المطورين أمامهم الآن أشهر لابتكار المحتوى. وبمجرد أن يفعلوا ذلك، يمكن أن تظهر إمكانات نظارة فيجين برو بطرائق لا تدركها "أبل" حتى.

الأكثر قراءة