متخصصون: تقليل تكاليف صيانة المساجد يبدأ من مراحل التصميم الأولية
دعا متخصصون في مجال الهندسة المعمارية والمدنية إلى الاستفادة من التقنيات الهندسية الحديثة في تقليل تكاليف صيانة المساجد ومراعاة ذلك منذ المراحل الأولية لعمليات البناء، مع ضرورة الالتفات إلى المعايير والنظم الهندسية في هذا المجال.
ففي هذا السياق طالب المهندس سعود ذعار الدلبحي عضو الجمعية الخيرية للخدمات الهندسية بضرورة وجود أنظمة ولوائح تنظيمية لتحديد المعايير التصحيحية, وقال إن ذلك يتطلب مجهودا وطنيا وجماعيا مكثفا من أجل ترسيخها.
وبحسب الدلبحي الذي تحدث معنا ضمن هذه السلسلة التي تبحث في طرق تخفيض تكاليف صيانة المساجد، فإن عملية تخفيض تكاليف الصيانة بالنسبة إلى المساجد وغيرها من المنشآت تبدأ من المراحل الأولى للبناء، حيث نادى بضرورة مراعاة التكاليف الأولية لإنشاء المسجد وتكاليف الصيانة الدورية لها وذلك منذ التصاميم الأولية، كما طالب في هذا السياق بمراعاة كيفية الاستخدام للمنشأة ونوعية المستفيدين من الخدمة, وأضاف أن ذلك مرهون بقدرة المصمم على تدارك الأمر منذ البداية باختيار نوعية المواد المستخدمة بما يتوافق مع نوعية الاستخدام وعادات وتقاليد المستخدم نفسه ومحاولة تقليل الأضرار الناتجة من العبث وسوء الاستخدام من قبل بعض المستخدمين الذين يسيئون الاستخدام، كما وجه بضرورة مراعاة العمر الافتراضي للمواد المستخدمة وللمنشأة نفسها.
وأضاف الدلبحي قائلاً ''إن المشكلة الأساسية في زيادة تكاليف الصيانة هي عدم وجود أنظمة وقوانين واضحة تحدد المستوى الأدنى أو الأقل في تقديم الخدمة وصلاحيتها سواء كان ذلك في المساجد أو المنشآت الأخرى والتي لها أثر شديد في الجميع صحيا، إضافة إلى عدم وجود جهة رقابية تتابع مستوى الخدمة وتهتم بمراعاة النواحي الصحية والهندسية، وتساءل عما إذا كانت هناك جهة مخولة لمراقبة مستوى الأداء في المساجد وتحديد مستوى الصلاحية من عدمه، وأضاف أن وجود مثل هذه الجهات مهمة لتفادي أي نوع من المشكلات.
الاستفادة من أنظمة التحكم الإلكتروني
وحول ما إذا كان بالإمكان الاستعانة ببعض الطرق والتقنيات الهندسية في المراحل المتأخرة أكد الدلبحي إمكانية مثل هذه الحلول لتقليل نفقات الصيانة حتى بعد سنوات من بناء المسجد, لافتاً إلى أن المساجد كغيرها من المنشآت تخضع لنظام إعادة التأهيل وذلك بدراسة سلوكيات المستخدمين وحاجاتهم وإعادة تأهيل المسجد بما يتوافق مع ذلك وبأقل التكاليف, وشدد في هذا الإطار على الاستفادة من التقنيات الحديثة كإدخال نظام التحكم الإلكتروني في المساجد, خصوصاً أن مواعيد الصلاة محددة بأوقات معينة حيث يمكن تشغيل المكيفات آلياً قبل الأذان بدقائق وإقفالها بعد خروج وقت الصلاة، وأضاف وهذا ما يمكن تطبيقه أيضاً في الإنارة وكذلك صنابير المياه التي يتم تشغيلها عن طريقة الرصد الإلكتروني وغيرها من الأساليب. وأكد الدلبحي أن الأمر يحتاج إلى الآلية المناسبة وكذلك إلى أنظمة للمتابعة والمراقبة حتى يتم الاستفادة وتصحيح القصور.
مسؤولية ارتفاع التكاليف
في سؤالنا حول مسؤولية زيادة التكاليف الخاصة بعمليات البناء والصيانة للمساجد, أكد الدلبحي أن السبب في هذه الزيادة يرجع في المقام الأول إلى عدم وجود أنظمة ولوائح تنظيمية تحدد المعايير التصحيحية, حيث أضاف قائلاً ''نأمل أن يكون كود البناء السعودي قادرا على تنظيم ذلك مستقبلاً'', وأضاف ''يجب ألا تكون القرارات خاضعة لرغبات أشخاص، فعدم وجود معايير ونظم ثابتة وغياب التنظيم خلق مشكلات للبنية التحتية والخدمات بشكل عام وأصبحت الأمور تدار بنظام إدارة الأزمات, نحن لا نتجاهل بعض المحاولات الفردية سواء من المهندسين أو مكاتب هندسية أو جهات حكومية لتقليل تكاليف الصيانة, ولكن الأمر يحتاج إلى مجهود وطني بشكل جماعي وجهود كبيرة حتى يعطي ثماره''.
وفي هذا الإطار أثنى الدلبحي على الدور الفاعل للجمعية الخيرية للخدمات الهندسية التي ينتمي إليها, ودعا إلى توحيد الجهود ورفع مستوى الخدمات المقدمة من المنشأة والتي يتم تنفيذها من تمويل خيري، كما دعاها إلى أن تكون جهة مرجعية لتطوير الأداء في المساجد وغيرها من المرافق العامة مع الاهتمام بتشجع التطوير والإبداع وتجميع جهود المتخصصين في هذا المجال المهم والحيوي.
الصيانة الوقائية
في السياق نفسه, شدد المهندس الاستشاري أيمن بن عمر آل عابد على ضرورة الاهتمام باختيار المواد الخاصة بالبناء ونوعيتها منذ البداية, وأضاف أن ذلك من شأنه التأثير في جودة وقدرة البناء ومتانته مستقبلاً, وهو ما ينعكس على تكاليف الصيانة أيضاً.
كما أكد آل عابد إمكانية تقليل التكاليف من خلال إعادة الدراسة بتحديد النقاط التي توفر إضاءة طبيعة وتهوية طبيعية وتنفيذها بشكل لا يؤثر سلبيا في المشروع, هذا من ناحية إعادة التصميم، أما فيما يخص الصيانة يمضي آل عابد قائلاً فيمكن تطبيق الصيانة الوقائية التي تتلخص في مفهومة بعمل كشف على الهياكل الإنشائية والعناصر المعمارية بالنسبة إلى البناء والكشف الدوري على الأجهزة التي يعتمد عليها في تشغيل المسجد من إضاءات وتكييف وأنظمة الصوتيات, حيث نادى بالمبادرة إلى صيانتها وعدم الانتظار إلى حين تعطلها.