انهيار البنوك المركزية الوشيك «2 من 2»
من أجل استعادة ثقة الشعب، يتعين على البنوك المركزية التخلي عن برجها العاجي. وبقدر ما قد تكون المحاضرات في الجامعات والمؤسسات البحثية مثيرة للاهتمام، فإن دورها الأساس يتلخص في التأكيد على أهمية محافظي البنوك المركزية. لكن الخطاب الأكاديمي الصارم لن يساعد البنوك المركزية على كسب الرأي العام. في المراجعة الاستراتيجية لـ2021، ذكر البنك المركزي الأوروبي، أنه يجب عليه استخدام لغة أكثر وضوحا في الاتصالات المستقبلية لمساعدة العموم على فهم القضايا المعقدة دون المبالغة في تبسيطها. لسوء الحظ، لم يقم البنك المركزي الأوروبي بتحديث خطاباته منذ ذلك الحين، كما أنه لم يصبح أكثر مراعاة للمواطنين.
لقد أصبح البنك المركزي الأوروبي، المسؤول عن ضمان استقرار الأسعار في 20 دولة أوروبية، بعيدا جدا عن الشعب الذي يخدمه ويتعين عليه بذل جهد أكبر بكثير لسد هذه الفجوة. ونظرا إلى تواصله باللغة الإنجليزية بشكل أساسي، تجب ترجمة كل بيان شفهي وخطي إلى اللغات الوطنية، وتقع مهمة إشراك الشعب في الغالب على عاتق البنوك المركزية الوطنية، على الرغم من عدم تحديد هذا الدور بوضوح. وفي حقبة ما قبل اليورو، تواصلت البنوك المركزية مع المواطنين بشكل أكثر فاعلية، وحافظت على مستوى من الثقة يفتقر إليه البنك المركزي الأوروبي حاليا.
ومع ذلك، أصبحت البنوك المركزية الوطنية أكثر نفورا من الشعب منذ إدخال اليورو قبل 25 عاما تقريبا. يرجع جزء من فشل صناع السياسة النقدية الوطنية في العمل كوسطاء فاعلين للمعلومات، إلى الخلافات الداخلية في مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي. في حين أن استخدام هذه الخلافات كفرصة لحشد الدعم العام لوجهات النظر المعارضة كان سيمثل مشكلة في مرحلة بدء عمل البنك المركزي الأوروبي، فقد يصبح الأمر أقل أهمية مع نضج البنك المركزي.
إن إعادة تأسيس السندات بين البنوك المركزية الوطنية والشعب أمر بالغ الأهمية في أوقات التضخم المرتفع. ولتحقيق هذه الغاية، يتعين على البنوك التخلي عن المهام غير الضرورية، وتحرير قدراتها، والتركيز فقط على مهامها الأساسية، وإطلاق حملات توعية عامة شاملة. لكن ما لم تتحمل البنوك المركزية المسؤولية وتتعلم من أخطائها السابقة، فلن تتمكن من استعادة مصداقيتها واستعادة ثقة الجمهور.
ولسوء الحظ، يبدو أن البنوك المركزية غير مستعدة للمشاركة في هذه العملية الضرورية للتأمل الذاتي. حتى الآن، أقر بنك الاحتياطي الأسترالي فقط بأخطاء سياسته السابقة واتخذ خطوات لرفع وتيرة مشاركة مواطنيه. يتعين على البنوك المركزية الأخرى أن تحذو حذو أستراليا، والتأمل في إمكانية إصلاح الضرر الناجم عن أخطائها السابقة.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.