رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل للسياحة العربية عمر افتراضي؟ (1)

إن الحاجة إلى خروج الفرد من إيقاع العمل اليومي خلال الأسبوع ومن ثم خلال العام، تخفف من آثار الضغوط النفسية، وتجدد نشاطه ليكون في حالة إنتاجية أفضل. فتخدم المستفيدين مما يقدمه من خدمات، أو تضيف للعمل المكتبي - إذا لم يتصل بالعملاء مباشرة- كثيرا من التنظيم والتسهيلات الكفيلة بتحسين الأداء، وتحقيق أفضل المكاسب، استرضاء للمستفيد أيا كان. في هذه الحالة، عادة ما يكون تغيير المكان بالسياحة الداخلية أو الخارجية، هو أكثر الحلول تبنيا بين شرائح المجتمع كافة. ما يقلق فعلا، هو إذا ما قررنا أن نستمتع ونجدد النشاط بالسياحة (كعرب)، فإن أكثر ما يفزعنا هو ما نواجهه خلال هذه الرحلة أو في هذا الوقت من مواقف ما زالت تتكرر عبر سنين طويلة ولم يوجد لها حل، مع أن المحافظين - وهم كثر - يفضلون الدول العربية لعدة أسباب, وهي معروفة. مع الأسف بعد زيارات عدة لدول عربية مختلفة خلال السنوات العشر الماضية، أكاد أقول: إن العمر الافتراضي للسياحة العربية قد انتهى، ونحن الآن في حاجة إلى إصدار جديد، أو وضع تنظيم حديث لها، أو إعادة تنظيمها بشكل مواكب لما تتبعه كثير من دول العالم، لعلنا نعيد الثقة بما نتمتع به ونقدمه، ويتحسن وضع الاستثمار في أحد أهم المداخيل البديلة للعرب في هذه الحقبة من الزمن. إن ما يدعو إلى ذلك هو بداية كثير من الدول في العالم تسويق منتجاتها السياحية، عبر أكبر سلطات فيها بتحسين المنظر، والمعاملة الحسنة، وإعادة الثقة بتقديم تسهيلات كبيرة، لاستضافة أكبر عدد ممكن من الزائرين. فهل يمكن أن نحافظ على ما لدينا، أمام إغراءات كثيرة ومتنوعة في دول أخرى لا نستطيع حاليا مقاومتها؟ إن مشكلاتنا السياحية متعددة، وتختلف من دولة إلى أخرى بل من مدينة إلى أخرى في كل بلد. ولكن أستطيع ذكر بعضها مما تشترك فيه معظم بلداننا العربية، لعل المسؤولين يضعونها ضمن القوائم التي تتطلب اهتماما متواصلا ليكون القادم أفضل ـ بإذن الله. بداية يمكن القول إن:
(1) التخطيط المستقبلي للأنشطة والمنتجات والمواقع سواء كانت معمارية أم تنظيمية أم غير ذلك، ليست واضحة للمستفيد سواء كان مواطنا أم زائرا أم وافدا للعمل. هذا الغموض أو عدم الوضوح يؤثر في تخطيط الأسر، وبالتالي في تطلعاتنا لإعداد مجتمع، يعتمد على التخطيط في أموره كافة وكعادة لا يمكن الاستغناء عنها.
(2) أيضا التنظيم المؤسساتي يكاد يكون مفقودا، مثل وصول السائح في البحث عن حقوقه إلى نهايات مبهمة أو غير معروفة أو حتى لا تصل إلى نهاية أصلا. هذا يجعل المقارنة بكثير من دول العالم معدومة تماما ما يرجح كفتها عن كفتنا في هذا الجانب.
(3) مع أن مقدمي الخدمة يؤكدون أنهم خريجو كليات أو معاهد للسياحة، إلا أن مهاراتهم الفردية ومعلوماتهم الشخصية لا تدل على تأهيل جيد وإعداد متخصص في تقديم الخدمات في البرامج السياحية كافة. لتنويع الأنشطة السياحية، مع رفع مستوى تشغيلها نوعيا، حسب التخصصات التي تمكن مقدمي الخدمة من الإبداع، أثر إيجابي كبير، ولكنه ينعدم في كثير من الدول العربية التي تقود البرامج السياحية بالذات.
(4) الاهتمام بتحديث وتطوير المواقع الأثرية والتاريخية مع الحفاظ على أصالتها معماريا وجماليا في رونق متجدد يسر كل زائر، يكاد يكون تحركا متعسرا في كثير من المواقع أو المعالم ولأسباب قد لا تكون ظاهرة الآن والحاجة فعلا إلى فك الاختناق بابتكار الحلول. (5) النظرة الاستثمارية بعيدة المدى معدومة، لأن الجميع ينظر من خلال عيون المستثمرين، لا من خلال توجه الأجهزة الحكومية المتخصصة التي تعنى بالفرد واقتصاديات السياحة وتحسين إدارة المشاريع. إن الذي يحدث على أرض الواقع في كثير من الأماكن هو أن المستثمر يعيش على نظام One-off Deal الصفقة الوحيدة، التي تؤمن له ولأهله ما يجعله مكتفيا ذاتيا على مدى عدة سنوات أو حتى بقية عمره، ليقوم بالتنقل بين الدول المتقدمة مستشعرا الفرق في السياحة والزيارة. ثم إذا ما بدأ يشعر باختلال التوازن الاقتصادي تجده يقوم بنشاط مختلف ويحدد مكسبه الخاص، منهيا الموضوع بضربة أو صفقة جديدة ليعود لممارسة هوايته من جديد، وهكذا. هذا طبعا يرهق الدول في محاولة لتحسين الصورة بشراء المواقع أو التدخل في إدارتها أو إيجاد تنظيمات جديدة قد لا تكون مناسبة فتكون النتيجة استمرار تلقي السياح الضربات دون تنظيم يحميهم.
(6) المتابعة والرقابة التي تضمن حماية الأفراد والسائحين من أخطاء مقدمي الخدمات الاجتهادية أو المقصودة أو سوء تشغيل المنتجات السياحية التي لا تقدم ولا تؤخر, فهي موجودة ظاهريا ونظريا ولكن عمليا وفعليا فهي ذر للرماد على العيون.
لقد أصبح الرفع الواقعي لجميع ردود الأفعال ونتائج تقديم الخدمات في المواقع السياحية كافة في حد ذاته إشكالية. فما يسيء لذلك هو أسلوب التنفيذ من قبل مجموعة لم تعط الخلفية الكافية في كيفية التصرف في الظروف الممكن توقعها كافة. لأن ما يتوقع حدوثه هو اجتماع المسؤول في المركز، أو موقع الإدارة، ليلقي المحاضرة ويحلق بكثير من الأمور دون أن يهبط على أرض الواقع الملموس. ثم تنتشر الأعداد البشرية كأنها آلات للقيام بالمهمة التي يمكن لأي سائح أن يحرج هذه المجموعة بأسئلة بسيطة جدا أو أفعال لا تواجه بحلول مناسبة. وللحديث بقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي