سوق الأسهم الضعيفة تترك سماسرة لندن يواجهون مصيرهم
تستعد شركات الوساطة والبنوك الاستثمارية الصغيرة في المملكة المتحدة لمزيد من عمليات الاندماج، في وقت تزيد فيه سوق الأسهم الراكدة في لندن الضغوط على الصناعة، التي يتمثل شريان حياتها في عمليات الإدراج وعمليات الاستحواذ.
ندرة عمليات التعويم والنشاط الضعيف عبر أسواق المال في لندن أديا بالفعل إلى عدد من صفقات الاندماج، بما في ذلك إبرام "سينكوس" و"فينكاب"، وهما شركتا وساطة صغيرتان، صفقة اندماج بقيمة 43 مليون جنيه استرليني في آذار (مارس).
ثم أذهل دويتشه بنك الصناعة الشهر الماضي بإعلانه شراء "نوميس"، إحدى أكبر شركات الوساطة في لندن ـ لديها أكثر من 150 عميلا من الشركات. وقد أدى الاستحواذ إلى زيادة التوقعات بشأن مزيد من الصفقات وسلط الضوء على بنوك استثمارية أمثال "بانمور جوردون" و"سينجر كابيتال ماركتس" و"دبليو إتش آيرلند".
يحصل الوسطاء على أتعابهم عبر مجموعة من الأنشطة، من ضمنها تداول الأسهم نيابة عن العملاء، وبيع الأبحاث لهم، وإدراج الشركات في البورصات، ومساعدة الشركات على جمع الأموال.
لكن الصناعة تعرضت لكدمات خلال الـ12 شهرا الماضية، حين أدى مزيج من ارتفاع أسعار الفائدة، وتباطؤ الاقتصاد، وارتفاع التضخم، إلى جعل سوق لندن تفتقر إلى الاكتتابات العامة الأولية. وفقا لشركة ديلوجيك للبيانات، انخفض عدد الاكتتابات العامة الأولية في لندن من 125 في 2021 إلى 46 في 2022.
إضافة إلى السياق الاقتصادي الضعيف الذي يواجه سوق لندن، تضررت المعنويات أيضا بسبب اختيار شركة آرم المصنعة للرقائق في المملكة المتحدة الإدراج في نيويورك وإعلان شركة سي آر إتش، وهي مجموعة إيرلندية لمواد البناء، عن خطط لنقل التداول في أسهمها إلى وول ستريت.
ومع أن صفقة دويتشه بنك الخاصة بـ"نوميس" كان ينظر إليها على أنها ضربة انتهازية لواحدة من اللاعبين الأقوياء في الصناعة، إلا أنها أدت فقط إلى زيادة التوقعات بمزيد من الصفقات. فقد أغلقت الأسهم في شركة بيل هانت، منافسة "نوميس"، على ارتفاع بنسبة تزيد على 15 في المائة في اليوم الذي تم فيه الإعلان عن الصفقة.
جاءت عملية الاستحواذ بعد أيام من اندماج شركة ريدبورن لأبحاث الأسهم، المملوكة لشركة روتشيلد للخدمات المصرفية الاستثمارية، وشركة الوساطة أتلانتيك إكويتيز التي تركز على الولايات المتحدة. قالت ريدبورن إن الصفقة ستمنح العملاء "تغطية بحثية أوسع وأعمق".
وفقا لرئيس تنفيذي لإحدى شركات الوساطة في لندن "الشركات الصغيرة في السوق جاهزة لعمليات الدمج. من المنطقي الجمع بين هؤلاء الوسطاء ورأس المال الصغير والعملاء الصغار. يجب أن يكون لديك كتلة كبيرة منهم".
قال جوشوا ماكسي، الشريك المؤسس لشركة ثيرد بريدج البحثية، "تؤكد هذه الصفقات الضغط الهائل الذي تتعرض له أسهم الحصص المتداولة في الوقت الحالي. نشاط الصفقات عند مستوى قياسي منخفض والتوقعات غير مؤكدة - وهذا بالتأكيد يدفع مزيدا من التركيز على عمليات الاندماج والاستحواذ المحتملة. الرهان هو إلى متى سيكون المستحوذون على استعداد لتمويل شركات خاسرة؟".
على مدى العقدين الماضيين، أدت فترات الركود السابقة في السوق إلى عمليات اندماج. في أعقاب الأزمة المالية العالمية في 2008 - 2009، انفصل بنك كيه بي جي البلجيكي عن شركة بيل هنت، بينما استحوذت شركة كيو إنفست الاستثمارية في الشرق الأوسط على حصة في بـ"انمور جوردون"، وهي أحد أقدم شركات الوساطة ـ يعود تاريخها إلى 1876.
مع ذلك، يقول مسؤولون تنفيذيون ومصرفيون ومحللون في الصناعة إن العوامل الهيكلية تلعب دورا أيضا هذه المرة، خاصة تداعيات لوائح "ميفيد II" التي تم إدخالها في 2018.
تتطلب اللوائح من الوسطاء والمصرفيين فصل تكلفة أبحاث الأسهم التي ينتجونها للعملاء عن الرسوم التي يتقاضونها على تنفيذ الصفقات. نتيجة لذلك، الرسوم التي تفرضها شركات أبحاث الأسهم انخفضت أكثر من الثلث، وفقا لهيئة الصناعة" يورو آي آر بي"، ما أدى إلى الضغط على أرباح الوسطاء.
وعلى الرغم من أن سعي دويتشه بنك للاستحواذ على "نوميس" يشير إلى أن أكبر بنك في ألمانيا يتوقع انتعاشا في نهاية المطاف في إدراجات لندن، إلا أن تناقص عدد الاكتتابات العامة الأولية سيستمر على الأرجح لبعض الوقت، بحسب اللورد هوارد لي، الشريك الأول في شركة فنكاب كافنديش الاستشارية.
قال اللورد، "في سوق الإدراجات، جف هذا النشاط التجاري ولديك نفقات عامة مكلفة، لذلك يجب أن يكون هناك دمج. كان الأمر دائما دوريا، لكن هذه الحالة أشد بكثير. التغيير الكبير الآن هو نمو الأسهم الخاصة، التي يرى فيها الناس بديلا (للإدراج)".
حاولت بعض شركات الوساطة الوقوف في المقدمة عبر الدخول في خطوط أعمال جديدة والتوسع دوليا. قال روس ميتشينسون، الرئيس التنفيذي المشارك لـ"نوميس"، إن الشركة بذلت "جهودا منسقة" لتنمية أعمالها التي تقدم استشارات الاندماج والاستحواذ، إضافة إلى العمل في عمليات الاكتتاب العام في الخارج ومساعدة الشركات الخاصة في جمع الأموال. "لقد فعلنا بالتأكيد مزيدا لتنويع أعمالنا على مدى الأعوام القليلة الماضية بدلا من أن نكون على أهواء أسواق رأس المال في المملكة المتحدة".
في وقت سابق من هذا الشهر، قالت "نوميس"، "من المرجح أن تظل أحجام أسواق المال منخفضة نسبيا على المدى القريب" على الرغم من أنها أشارت إلى أن النصف الثاني "قد يشهد ظروفا أفضل نسبيا".
كونال غاندي، كبير المديرين الإداريين في شركة فنتشيرش أدفايزري بارتنرز، يتوقع أن تعمل شركات الوساطة الأخرى المتعثرة على خفض اعتمادها على سوق الأسهم لتحقيق الإيرادات.
قال، "هناك اعتراف متزايد من قبل شركات الوساطة بالحاجة إلى الوصول إلى أكثر من الأسهم المدرجة بشكل أساسي بحسبانها المنتج الأساسي لخدمة العملاء".
لكن من غير المرجح أن يكون تجاوز الأسهم حلا سريعا، ما يمهد الطريق لمزيد من الصفقات. "لقد مر 18 شهرا مروعا ويبدو أن ذلك سيستمر لفترة أطول قليلا".