رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


التدافع نحو الأسهم الخليجية

يشير كثير من المراقبين لسوق الأسهم إلى أن قلة الفرص الاستثمارية كان أحد الدوافع التي دفعت الجميع - وليس الكثير، من المدخرين إلى الاتجاه نحو سوق الأسهم. وهذا الاتجاه إن لم يتم استغلاله سيكون له آثار سلبية على التنمية الاقتصادية، وفي الوقت نفسه فإن هذا التوجه له أيضا آثار إيجابية ينبغي التركيز عليها والاستفادة منها.
ومن الأمور الإيجابية للتوجه للأسهم تدافع المستثمرين على الشركات الجديدة، والاستثمار فيها دون تردد، وهذا يدل على رغبة الكثير في الاستثمار الداخلي، فإن لم تف الفرص الداخلية بالغرض فإن الاستثمار الخارجي في دول الخليج هو البديل الأمثل.
ولعلنا قد سمعنا أو رأينا خلال الأيام القليلة الماضية تدفق المستثمرين السعوديين على الاكتتاب في بنك الريان في قطر، وقبل ذلك التدافع اللا معقول على شركة دانة غاز في الإمارات.
ومن الأمور التي تشد الانتباه في ذلك التدفق الاستثماري أنه يتم تأسيس هذه الشركات من قبل مؤسسين أغلبهم سعوديين، وهذا ليس مستغربا بحد ذاته إنما المستغرب أن نشاط تلك الشركات يتركز على خدمات نحن في المملكة في حاجة ماسة إليها. فالغاز أحد القطاعات التحويلية المكملة لصناعة النفط وصناعة البتروكيماويات، وهما من القطاعات التي تتميز بها المملكة، ومع ذلك لا تؤسس الشركة في المملكة. أما البنوك فالمتابع يعرف أن البنوك العاملة حالياً في المملكة تعمل بجميع طاقاتها ومع ذلك لا تستطيع أن تلبي الطلب المتزايد على خدماتها. وهنا يبقى السؤال وهو: لماذا تؤسس هذه المنشآت خارج المملكة، وبأموال سعودية؟ ومن ثم تعود هذه المنشآت الأجنبية لتمارس نشاطها في المملكة، ولكن بجنسية أخرى أو كما يقال "بقبعة أو طاقية أخرى". ومع أن هذا السؤال تم طرحه كثيراً، إلا أن هذا لا يمنع أن نعود ونذكر به، فهذه - أمور أساسية لا ينبغي أن تنسى أو يتم تجاهلها مع الزمن.
وبالتالي فإنه يجب على الجهات الحكومية ذات العلاقة على وجه الخصوص وزارة التجارة أن تبحث عن أسباب تلك الظاهرة فهي مسألة بدأت تأخذ بعدا آخر. فبالأمس كانت الأموال المهاجرة ذات طبيعة خاصة، أما الآن فإن الأموال المهاجرة تشمل أيضا مدخرات ذوي الدخل المتوسط. وهذا لا شك سيؤدي إلى تعطيل قوة استثمارية هائلة يمكن استثمارها في المشاريع المتوسطة والصغيرة. كما أن هجرة هذه الأموال سيؤدي إلى انحسار التنمية في المجالات الاقتصادية المختلفة على مستوى البلد نتيجة التركيز على الاستثمارات المالية.
ولعلنا لا نُوصف بالتشاؤم إن قلنا إن هذه الظاهرة التي تبدو جميلة للأفراد، لا تصب في الصالح العام خصوصاً على المدى الطويل، والأمور كما هو معروف يحكم عليها بمآلها. إن ظاهرة "حمى الأسهم" هي في واقع الأمر ناتجة عن خطأ هيكلي في اقتصادنا منذ زمن طويل. ومن الملاحظ أن الحالة العامة توحي باستمرار هذا الخلل في المدى المتوسط ، حتى وإن استفادت من هذا الخلل طبقات معينة أو جيل معين. فماذا نحن فاعلون لإصلاح الخلل؟

- قسم المحاسبة ـ جامعة الملك سعود
[email protected]

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي