التزييف العميق .. مخاطر احتيالية بتكلفة زهيدة
تجلب التكنولوجيا المتقدمة يوميا كل جديد إلى الساحة ليس على مستوى المزايا فقط، بل حتى على مستوى المخاطر، فمع الفوائد التي جلبها الذكاء الاصطناعي للعالم فقد جلب معه أيضا عديدا من الأنواع الجديدة من المخاطر وطرق الاحتيال ومن أبرزها التزييف العميق، الذي بات ينتشر بشكل كبير، والذي يعمل على توليد صور ومقاطع فيديو تبدو واقعية جدا، لدرجة أنها يصعب التمييز بينها وبين الصور والمقاطع الحقيقية، الأمر الذي جعلها تمثل تحديا جديدا للأمن الرقمي والثقة.
وتتاح أدوات وخدمات التزييف العميق في أسواق الإنترنت المظلم، وتشتمل هذه الخدمات على إنشاء مقاطع فيديو باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي لأغراض متنوعة، تشمل: الاحتيال والابتزاز وسرقة البيانات السرية، وقد تختلف أسعار إنشاء مقاطع الفيديو بتقنية التزييف العميق تبعا لمدى تعقيد المشروع وجودة المنتج النهائي.
وبحسب تقرير حديث، تراوح أسعار الدقيقة الواحدة لإنشاء مقطع فيديو بتقنية التزييف العميق بين 300 دولار و20 ألف دولار، ووجد التقرير أنه في بعض الحالات قد يطلب الأفراد أهدافا محددة لإنشاء التزييف العميق، مثل المشاهير أو الشخصيات الاعتبارية، حيث يستخدم مجرمو الإنترنت تقنيات الذكاء الاصطناعي بعدة طرق في الأنشطة غير القانونية، ويعتمدون أيضا على تقنية التزييف العميق لإنشاء مقاطع فيديو أو صور مزيفة يمكن استخدامها للاحتيال على الأفراد أو المؤسسات.
وتستخدم مقاطع الفيديو والصور المزيفة أيضا لسرقة الأموال أو المعلومات من الأفراد، حيث يستطيع مجرمو الإنترنت أيضا استخدام تقنية التزييف العميق لنشر معلومات كاذبة، أو لتجاوز التحقق في خدمات الدفع، وذلك عن طريق إنشاء مقاطع فيديو مزيفة تكاد تكون واقعية أو تسجيلات صوتية لمالك الحساب الشرعي، لخداع مزودي خدمة الدفع، للاعتقاد بأنهم المالك الفعلي للحساب، وبذلك يستطيعون الوصول إلى الحساب، ومن ثم الاستيلاء على المبالغ المالية الموجودة فيه.
وأشار التقرير إلى أن التزييف العميق لا يمثل تهديدا للشركات فحسب، بل يهدد أيضا المستخدمين الأفراد، إذ يستطيع المجرمون نشر معلومات مضللة، أو استخدامها في عمليات الاحتيال، أو انتحال شخصية ما.
وتوفر المراقبة المستمرة لموارد الإنترنت المظلم رؤى مهمة في قطاع التزييف العميق، ولا سيما أن ذلك يتيح للباحثين تتبع أحدث توجهات الجهات الفاعلة في مجال التهديدات الرقمية وأنشطتها، ومن خلال مراقبة الإنترنت المظلم، يستطيع الباحثون اكتشاف أدوات وخدمات وأسواق جديدة تستخدم لإنشاء مقاطع التزييف العميق وتوزيعها.
وللحماية من التهديدات المتعلقة بالتزييف العميق، يجب التحقق من ممارسات الأمن السيبراني المستخدمة في الشركات والمؤسسات، ولا يقتصر ذلك فقط على شكل البرامج، ولكنه يشتمل أيضا على مهارات تقنيات المعلومات المتطورة، إلى جانب أهمية تعزيز جدار الحماية والوعي البشري عبر التأكد من فهم الموظفين تقنية التزييف العميق، وكيفية استخدامها، وتحدياتها، كما يجب استخدام مصادر الأخبار الجيدة، حيث تعد المعرفة المعلوماتية عاملا مساعدا وحاسما لانتشار التزييف العميق، إضافة إلى أهمية تطبيق بروتوكولات جيدة، حيث إن اتخاذ مواقف متشككة تجاه رسائل البريد الصوتي ومقاطع الفيديو يساعد على تجنب الخداع، وتفادي الوقوع في عديد من أكثر المصايد شيوعا.
إلى جانب ذلك، فمن المهم امتلاك الدراية بالخصائص الرئيسة لمقاطع الفيديو المزيفة العميقة، التي يجب البحث عنها لتجنب الوقوع ضحية لهذه الممارسات، ومن الخصائص، التي ينبغي رصدها هي الحركات المتشنجة، والتغيرات في الإضاءة من إطار إلى آخر ضمن المقطع ذاته، والتغيرات في لون البشرة، وظهور وميض غريب بالعينين أو عدم وجود وميض على الإطلاق، ومزامنة حركة الشفتين بشكل سيئ عند التكلم، والمؤثرات الرقمية على الصورة، وتشفير الفيديو بجودة منخفضة عن قصد مع وجود الإضاءة الرديئة.