خوف الألمان يتزايد من تحول شركاتهم إلى أيدي الأمريكيين

خوف الألمان يتزايد من تحول شركاتهم إلى أيدي الأمريكيين

كان العاملون في مقهى بيكر مولر في قرية أليندورف الألمانية من بين أول من سمع أن المخدم الرئيس في منطقتهم قد يتم بيعه لشركة أمريكية، ذلك عندما كان عمال النوبات الليلية في شركة فيسمان لصناعة المضخات الحرارية يتداولون الشائعات وهم في طريقهم إلى البيت.
"في البداية ظنوا أنها مزحة. لكن في اليوم التالي بدأ كل شيء – حيث انتشر الخبر كالقنبلة"، كما قالت نادلة، مشيرة إلى اهتمام وسائل الإعلام الكبير بشركة فيسمان – وبوقع الخبر على قرية أليندورف، التي يعمل معظم سكانها البالغ عددهم ستة آلاف نسمة في الشركة ذات الـ107 أعوام.
العرض البالغ قيمته 12 مليار يورو من شركة كارير جلوبال التي تتخذ من فلوريدا مقرا لها، المقدم للشركة العائلية، ضرب وترا حساسا في ألمانيا، التي يتزايد فيها القلق حول المستقبل الصناعي للبلاد.
عملية البيع النادرة للعضوة في ميتلستاند - الشركات الخاصة متوسطة الحجم التي تشكل حجر الأساس للاقتصاد الألماني - كان من شأنها أن تلهم نوعا من البحث عن الذات في أفضل الأوقات.
لكن حاليا، وسط المخاوف المتزايدة من أن حزمة الدعم التي قدمها قانون خفض التضخم الأمريكي ـ 369 مليار دولار ـ ستجعل الصناعة الألمانية تتخلى عن الاستثمارات في الداخل، دفعت الصفقة برلين إلى مراجعة للتأكد من أن "المشروع يخدم اقتصادنا".
أوضح ديفيد جيتلين، الرئيس التنفيذي لشركة كارير، أن التدقيق من جانب الحكومة الألمانية لم يثر قلقه. قال لـ"فاينانشيال تايمز": "هناك عملية يتعين علينا فيها شرح نياتنا ورغباتنا". أضاف أنه بمجرد أن يتحدث مسؤولو الحكومة الألمانية إلى عائلة فيسمان - بمن فيهم الرئيس التنفيذي ماكس فيسمان (34 عاما) الذي التقاه جيتلين لأول مرة على مأدبة عشاء العام الماضي - "سيكونون متحمسين للغاية بشأن هذه المؤالفة".
هذه ليست المرة الأولى التي تجد فيها شركة كارير نفسها وسط عاصفة إعلامية. في عام 2016، تدخل الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترمب، علنا في خطط الشركة لتسريح 800 شخص من مصنع الشركة في ولاية إنديانا ونقل الإنتاج إلى المكسيك. وافقت شركة كارير على الاستمرار في توظيف الأشخاص في الولاية الواقعة في الغرب الأوسط مقابل سبعة ملايين دولار من الإعانات الحكومية.
تعهدت كارير باحترام علاقة فيسمان مع ألمانيا لبضعة أعوام على أقل تقدير. ويجب أن يظل المقر الرئيس للشركة في قرية أليندورف لمدة عقد على الأقل. كما يجب أن تظل مواقع التصنيع والبحث الألمانية مفتوحة لمدة خمسة أعوام على الأقل. ولن يسمح بتسريح العمال لأسباب تشغيلية قبل عام 2026.
قال أحد موظفي فيسمان إنه سعيد لأنه سيتقاعد في غضون ثلاثة أعوام، لكن أضاف أنه قلق بشأن ما سيحدث للوظائف التي يعمل فيها زملاؤه الأصغر سنا بمجرد نقل إنتاج فيسمان بموجب التعاقد إلى دول أوروبية أرخص.
من ناحيتهما، كان ماكس فيسمان وجيتلين متفائلين بشأن المستقبل. قالا إن الصفقة ستساعد الشركة المصنعة للمضخات الحرارية على النمو، الذي من شأنه أن يعزز القوة العاملة التي يبلغ قوامها 14500 فرد. ستمتلك عائلة فيسمان أيضا حصة في كارير بعد أن تتلقى 20 في المائة من عائدات الأسهم، إضافة إلى انضمام ماكس فيسمان إلى مجلس إدارة الشركة الأمريكية.
أخبر جيتلين المستثمرين أن أوروبا كانت "السوق الوحيدة الأكثر جاذبية في العالم" وأنه يتوقع أن يتضاعف طلب المنطقة على المضخات الحرارية ثلاث مرات لتصل إلى 15 مليار دولار بحلول عام 2027، بمساعدة التنظيم الذي يشجع مالكي المنازل وعمال البناء على التحول إلى أنظمة تدفئة أكثر كفاءة في استخدام الطاقة.
من الأمور ذات الأهمية الخاصة هي الإعانة القادمة من برلين، التي ستغطي 30 في المائة من التكلفة التي يتحملها أصحاب المنازل عند قيامهم بتركيب المضخات الحرارية. تستفيد كارير، التي تبيع مضخات حرارية بقيمة ملياري دولار سنويا، من حزمة إعانات المناخ التي قدمها الرئيس الأمريكي جو بايدن، على الرغم من أن الشركة لم تكشف عن أي تفاصيل.
أخبر باتريك جوريس، المدير المالي لشركة كارير، المستثمرين في آذار (مارس) أن الإعفاءات الضريبية للمستهلكين على المضخات الحرارية بموجب قانون خفض التضخم الأمريكي يمكن أن تؤدي إلى زيادة المبيعات الإجمالية ودفع العملاء لشراء طرازات أعلى سعرا تحقق هوامش ربح أعلى. قال: "نحن فعلا نحب الربحية (...) من المضخات الحرارية، سواء أكانت في الولايات المتحدة أو في أي مكان آخر".
مع ازدهار الطلب على منتجات فيسمان، تساءل كثيرون عن سبب قرار العائلة بيع جوهرة تاج أعمالها.
قال ماكس فيسمان، حفيد مؤسس الشركة، الذي تولى في العام الماضي المسؤولية بالكامل من والده، مارتن: "يمكنني أن أؤكد لكم أنه لم يكن من السهل أن نقرر أننا لسنا المساهم الوحيد الأفضل في مجال حلول المناخ. هذه مسألة مؤثرة للغاية بالنسبة لي".
أضاف أن الحجم كان مطلوبا من أجل التنافس مع المجموعات متعددة الجنسيات في صناعة التدفئة والتبريد، التي حولت تركيزها إلى السوق الأوروبية المجزأة حيث يرتفع الطلب بسرعة. أوضح أن العائلة نفسها "لا يمكنها الاستثمار إلا بقدر ما تولد أو (تحمل) أكبر قدر ممكن من الديون".
قال الرئيس التنفيذي إن شركة فيسمان فكرت في الاستحواذ على منافسين أوروبيين أصغر وإدراج الشركة، مضيفا أنه تلقى عروضا من مجموعات أخرى لأعمال المضخات الحرارية بتقييمات أعلى من عرض شركة كارير. لكنه قال إن الشركة، التي ستستمر عائلة فيسمان في إدارتها، لم يعد بمقدورها البقاء بشكل مستقل: "يجب ألا نغمض أعيننا عن الكيفية التي يتغير بها العالم من حولنا".
وفقا لمصرفي كبير، لم تربطه علاقة بالعملية التجارية، الصفقة ما كانت لتتم لولا التحول الأخير في الأجيال في شركة فيسمان.
وافقت النادلة في المقهى في أليندورف على أن التوارث الذي حصل أخيرا أدى إلى تغيير الأمور. قالت: "كان السيد فيسمان الأكبر زبوني هنا، كما تأتي السيدة فيسمان هنا أيضا - لكنك في الأغلب لا ترى الشباب. هناك جيل جديد قادم ولديهم خريطة طريق مختلفة".
أضافت أن الأمر نفسه حدث عندما استلم مارتن فيسمان زمام الأمور من والده في التسعينيات. "بعد ذلك، لم يعد للجيلين علاقة كبيرة بينهما".

الأكثر قراءة