صادرات الأسماك نقطة في بحر أمام رسوم الطلاب الأجانب
لا تعد كلية لندن الجامعية من أكثر مؤسسات التعليم العالي المرموقة عالميا في المملكة المتحدة، وربما حتى في لندن نفسها "من المحتمل أن تفوز جامعتا أكسفورد وكامبريدج، وفي العاصمة، جامعة إمبريال بهذه الصفة". لكن العام الماضي، استقبلت الكلية الجامعية عددا كافيا من الطلاب الدوليين، أكثر من أي جامعة بريطانية أخرى، وجنت نصف مليار جنيه استرليني من الرسوم. سمها صادرات تعليمية، وهي فعلا كذلك، وسنحتاج فقط إلى ثلاث نسخ من كلية لندن الجامعية لمعادلة الأرباح السنوية الخارجية لصناعة صيد الأسماك البريطانية بأكملها التي استغرقت وقتا طويلا في محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
لقد استغرق إدراك بعض صانعي السياسات أهمية التعليم العالي كخدمة يتم تداولها عالميا وقتا طويلا. وهذا ينطبق حتى على المملكة المتحدة، حيث تشكل الخدمات نسبة عالية بشكل غير عادي من الصادرات "نحو النصف"، التي تتمتع بمزايا المكانة التاريخية واللغة الإنجليزية، التي يمكن أن تستخدم ضمنيا الرسوم العالية التي تفرض على الأجانب لدعم الطلاب البريطانيين. هذا الجهل يتبدد سريعا، وينبغي أن يستمر في التبدد.
يعتقد مكتب الإحصاء الوطني "لا يزال يقرر كيفية جمع البيانات الرسمية المناسبة عن القطاع" أن التعليم العالي في المملكة المتحدة ككل صدر 25.6 مليار جنيه استرليني سنويا في 2020 رغم الجائحة، أي أكثر من صادرات الأدوية أو الطيران. كانت الأغلبية العظمى هي من الطلاب القادمين شخصيا إلى المملكة المتحدة، وليس من الخدمات المقدمة عن بعد أو من المؤسسات البريطانية التي تنشئ حرما جامعيا في الخارج. لكن المملكة المتحدة اعتمدت استراتيجية دولية للتعليم العالي في 2013 فقط، بعد عقود من ترويج أستراليا، مثلا، لنفسها بنشاط كوجهة للطلاب الأجانب.
على الصعيد العالمي، تضاعف عدد طلاب التعليم العالي الذين يدرسون في الخارج ثلاث مرات إلى ستة ملايين طالب بين عامي 2000 و2020 وأمام هذا الرقم إمكانات هائلة لمزيد من النمو. يقول كاران كيمكا، الشريك في صندوق الأسهم الخاصة إيه إم كيه كابيتال لعموم أوروبا الذي قدم الاستشارات واستثمر في قطاع التعليم الخاص لمدة 20 عاما "واحد فقط من كل أربعة طلاب هنود ممن يمكنهم تحمل تكاليف الدراسة في الخارج يقومون بهذه الخطوة. بالنسبة إلى الصين، فإن الرقم هو واحد من كل عشرة طلاب، بسبب ضعف مستوى إتقان اللغة الإنجليزية. يمكن لهذين البلدين وحدهما إرسال عدد من الطلاب أكبر مما يمكن أن تستوعبه المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا وكندا بشكل منطقي".
تعد اللوائح التنظيمية التي تؤثر في صادرات التعليم العالي أحادية الجانب إلى حد كبير ويفرضها البلد المنتج المعني. على عكس، مثلا، الخدمات المالية أو الصحية، حيث يكون الوصول إلى الأسواق الخارجية مقيدا من الجهات التنظيمية الأجنبية "حظا سعيدا لطبيب مؤهل من بلد أجنبي يحاول ممارسة المهنة في الولايات المتحدة"، فإن القيود الرئيسة على تجارة التعليم العالي هي رغبة البلدان المصدرة في إصدار تأشيرات دراسية وتوفير جامعاتها مزيدا من المقاعد.
صحيح، هناك بعض التعاملات التنظيمية المتبادلة التي يتعين القيام بها. نجحت المملكة المتحدة، التي عززت بشكل كبير حملتها التصديرية التعليمية العقد الماضي، في إبرام صفقة في الاعتراف المتبادل بالمؤهلات مع الهند العام الماضي، ما أدى إلى زيادة قيمة شهادات المملكة المتحدة هناك. لكن الاتفاقيات التجارية التقليدية -الاستثناء الوحيد هو بعض أحكام التأشيرات في صفقة ثنائية بين الهند وأستراليا- لا تغطي عادة التعليم، وبالتالي لا يغطيها كثير من الصحافيين التجاريين.
من بين الأشياء القليلة المفيدة في المملكة المتحدة التي قام بها بوريس جونسون بصفته رئيسا للوزراء -وأحد الأشياء الأقل ارتباطا بسمعته غير المستحقة بصفته ليبراليا اجتماعيا واقتصاديا- هو إعادة تقديم برنامج تأشيرات العمل بعد الدراسة، الذي تم تعليقه منذ عقد تقريبا. لكن وزارة الداخلية، التي نادرا ما تفوت فرصة إلحاق ضرر اقتصادي واجتماعي باسم تحقيق أهداف عشوائية، تحاول الآن تقليل عدد تأشيرات الطلاب أو نطاقها لتقييد الهجرة.
في الأعوام الأخيرة، أصدرت جامعات المملكة المتحدة عددا أقل قليلا من تأشيرات الدراسة للطلاب الصينيين وتستقبل مزيدا من الطلاب من الهند ونيجيريا، الذين من المرجح أن يكونوا أكبر سنا ويجلبون عائلاتهم معهم. تميل وزارة الداخلية إلى اعتبار هذا الأمر بمنزلة هجرة اقتصادية مستترة، وترتاب من حقيقة أن المملكة المتحدة سجلت 680 ألف طالب أجنبي في 2021 إلى 2022، ما يتجاوز بالفعل هدف الحكومة البالغ 600 ألف بحلول 2030. تقاوم وزارة التعليم، بشكل جدير بالثناء، ذلك.
يشير قطاع التعليم العالي إلى أنه في المجموعات السابقة من الطلاب الدوليين، بقيت أعداد صغيرة نسبيا: فقط 6 في المائة من 222 ألف شخص منحوا تأشيرة دراسية مكفولة في 2011 بقوا في المملكة المتحدة بدءا من 2021. سيكون توظيف المهاجرين المهرة من برامج الدراسات العليا إلى سوق العمل أمرا جيدا بالطبع: إنه أمر غريب بعض الشيء أن يطلب من الجامعات التظاهر بأن الخطأ هو في الواقع ميزة.
من المرجح أيضا أن تتحمل الصادرات التعليمية، مثل كثير من الأشياء في اقتصاد المملكة المتحدة، بعض الأضرار الجانبية من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. يعد انسحاب المملكة المتحدة من برنامج إيراسموس الأوروبي لتبادل الطلاب ضربة واضحة، واستبعادها الحالي من برنامج هورايزون البحثي، بينما لا يؤثر ذلك بشكل مباشر في أعداد الطلاب الأجانب، فإنه يعزل جامعات المملكة المتحدة عن الشبكات الدولية بشكل عام.
هناك نقطة عالمية أوسع هنا. التجارة العالمية تدور حول الخدمات والتنظيم بشكل متزايد، وليس البضائع والرسوم الجمركية. كثير من المفاوضات والاستراتيجيات المهمة محلية، وليست دولية. يمكن إيجاد الميزة التنافسية من العدم، لا صنعها. وتعد رسوم الحصول على درجة الماجستير في كلية لندن الجامعية أكثر أهمية من سعر الأسماك.