الصين تهيمن على سوق الاكتتابات .. أمريكا خاملة وأوروبا تحتضر
جمعت الاكتتابات العامة الأولية الصينية أكثر من خمسة أضعاف الأموال التي تم جمعها في الولايات المتحدة هذا العام، حيث فشلت مجموعة من عمليات الإدراج الجديدة في أكبر اقتصاد في العالم في الظهور بعد 2022 القاسي.
أدى ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم المرتفع بشكل مستعص والاضطراب الأخير في القطاع المصرفي الأمريكي إلى تبدد الآمال في انتعاش عمليات تعويم الشركات في وول ستريت.
كانت الأسواق الأوروبية تحتضر أيضا، ما جعل آسيا – خاصة الصين – هي الرائدة عالميا في أسواق الاكتتاب العام الأولي هذا العام بوضوح، مدعومة بإنهاء قيود الجائحة الصارمة ونظام الإدراج الجديد المبسط في بورصتي شنغهاي وشينزن.
قال أفيري سبير، محلل في ريناسانس كابيتال، "ليس الأمر أن آسيا بدأت التحرك بشكل كبير، بل فقط إن الولايات المتحدة وبقية العالم خمدا كثيرا لدرجة أن الأمر ينتهي بالصين والأسواق الأخرى إلى تمثيل قدر كبير من النشاط. لقد كانت الصين مرنة إلى حد ما بفضل تدخل الحكومة".
يقارن الأداء الضعيف للولايات المتحدة بالضعف في 2022. انخفض عدد الاكتتابات العامة الأولية في الولايات المتحدة 40 في المائة على أساس سنوي في الأشهر الأربعة حتى نهاية نيسان (أبريل)، حيث جمع 56 اكتتابا ما يزيد قليلا على 3.8 مليار دولار، كما تظهر بيانات من ديلوجيك.
يقارن ذلك بأكثر من 12.3 مليار دولار تم جمعها خلال الفترة نفسها العام الماضي، و130 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولى من موجة صعود في الأسواق 2021.
سيث روبين، رئيس أسواق رأس المال بالأسهم الأمريكية في ستيفل، قال إن الجزء الأكبر من نشاط سوق رأس المال في الربع المقبل من المرجح أن يكون من الصفقات الأقل خطورة، مثل مبيعات الأسهم الإضافية المطروحة بعد الاكتتاب العام الأولي والسندات القابلة للتحويل.
أضاف أن المستثمرين بدأوا في إظهار اهتمام أكبر بالمرشحين للاكتتاب العام الأولي، لكنهم لم يكونوا في عجلة من أمرهم لشراء إدراجات جديدة بالنظر إلى أن عديدا من المجموعات المدرجة بالفعل لا تزال تتداول بخصومات كبيرة على تقييمها السابق.
على النقيض من ذلك، يبدو أن سوق الاكتتابات العامة الأولية في الصين في وضع قوي نسبيا.
وفقا لديلوجيك، الدعم السياسي المكثف لعمليات الاكتتاب الخاصة بالشركات التي تعمل في قطاعات استراتيجية، إضافة إلى إصلاحات تمت أخيرا، ساعدا في تسريع وتيرة عمليات الإدراج الجديدة ومكنا الشركات الصينية من جمع أكثر من 19.5 مليار دولار عبر ما يقارب 80 صفقة.
انخفض هذا الإجمالي نحو أربعة مليارات دولار على أساس سنوي، لكنه مع ذلك يمثل نحو 53 في المائة من الإجمالي العالمي في 2023، ما يجعل سوق الصين تتفوق على الدول المنافسة.
لكن موجة النشاط في شنغهاي وشينزن لم تصل إلى هونج كونج، حيث حققت الإدراجات الجديدة أقل من 1.5 مليار دولار حتى الآن وانخفض متوسط حجم الاكتتابات نحو الربع مقارنة بالعام الماضي.
ترسم الأرقام الأخيرة صورة قاتمة لأوروبا، حيث جمعت عمليات الاكتتاب 1.8 مليار جنيه استرليني حتى الآن هذا العام، بانخفاض 40 في المائة من الأشهر الأربعة الأولى من 2022.
كان أداء المملكة المتحدة أسوأ، حيث جمعت ستة إدراجات هذا العام 90 مليون جنيه استرليني فقط. في تحديث التداول للربع الأول، اختارت مجموعة بورصات لندن لأول مرة عدم تضمين أحدث الأرقام الخاصة بالإصدارات الجديدة وإجمالي الأموال التي جمعت في أسواق الأسهم الأساسية.
في الولايات المتحدة، البداية القوية لمؤشر إس آند بي 500 هذا العام رفعت الآمال بأن سوق الاكتتاب العام الأولي في الولايات المتحدة على وشك العودة، إلى أن أثار انهيار بنك سيليكون فالي في آذار (مارس) موجة جديدة من التقلبات وجدد المخاوف بشأن الانكماش الاقتصادي.
قال مصرفي أمريكي كبير، "كنا نظن أننا سننجح قبل انهيار بنك سيليكون فالي. بدا الأمر كأننا نتطور سريعا". وأضاف أن المكاسب الأخيرة لعدد قليل من الأسهم الكبيرة كانت تدعم السوق الأوسع، ما يشير إلى أن رغبة المستثمرين في الشراء في شركات أصغر أو أكثر خطورة منخفضة.
العمليات المنبثقة عن الشركات الكبيرة الراسخة كانت واحدة من مجالات النشاط القليلة، كالإدراج الوشيك لذراع المستهلكين التابعة لشركة جونسون آند جونسون، التي تأتي بعد صفقات مماثلة من قبل كل من AIG وإنتل العام الماضي. من المتوقع أن تكون شركة جيه آند جيه، المعروفة الآن باسم كينفو، أكبر إدراج في الولايات المتحدة منذ إدراج شركة ريفيان في تشرين الثاني (نوفمبر) 2021.
تتم مراقبة الصفقة عن كثب باعتبارها تشكل اختبارا لإقبال المستثمرين، لكن طبيعتها الخاصة – كينفو راسخة ومربحة، وستستمر جيه آند جيه في امتلاك أكثر من 90 في المائة من أسهمها – تعني من غير المتوقع أن تشجع اندفاعا فوريا من جانب المتابعين.
قال روبين، "المستثمرون على استعداد للعمل مع الشركات عالية الجودة، لكن لا يزال لديهم النفوذ وسيكونون انتقائيين للغاية حيال ما يشترونه وما هم على استعداد لدفعه. لا يشعر معظم المستثمرين بأنهم ملزمون بمطاردة سوق الإصدارات الجديدة في الوقت الحالي".