هوس التكنولوجيا بالمؤسسين لم ينته بعد

هوس التكنولوجيا بالمؤسسين لم ينته بعد

الرؤساء التنفيذيون المؤسسون هم طبقة رفيعة المستوى في قطاع التكنولوجيا في أمريكا. تتم الإشادة بهم بصفتهم عباقرة في مجال الأعمال وليس فقط مبتكرين موهوبين بشكل خارق للطبيعة. الازدهار التكنولوجي تم بناؤه جزئيا على الفكرة المشوقة بأن بعض الناس يمكنهم رؤية المستقبل وتكييف البقية منا لإرادتهم.
هؤلاء الأشخاص يغادرون الآن. قدمت "نتفلكس" للتو أول مجموعة من أرباحها دون ريد هاستينجز، المؤسس المشارك، الرجل الذي حول شركة تأجير أقراص "دي في دي" إلى واحدة من أكبر القوى في مجال الترفيه. سبقه جيف بيزوس، الذي استقال من منصب الرئيس التنفيذي لشركة أمازون في 2021، العام نفسه الذي استقال فيه جاك دورسي من تويتر. أدار غير المؤسسين مايكروسوفت وأبل وألفابت لأعوام.
بقي عدد قليل من المتأخرين. لا يزال مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، ويترأس براين تشيسكي شركة إيربنب، ومايكل ديل هو الرئيس التنفيذي لشركة ديل تكنولوجيز المصنعة للحاسب الآلي، ويدير إيفان شبيجل شركة سناب للتواصل الاجتماعي. قد يحاول مارك بينيوف إدارة خلافته في سيلز فورس من خلال تعيين رؤساء تنفيذيين مشاركين، لكنهم يواصلون المغادرة، ما يعني أن فترة توليه المنصب مستمرة.
يشير أداء السوق إلى أن رحيل الرؤساء التنفيذيين المؤسسين ليس مدعاة لليأس دائما. مع ذلك، التحركات الأخيرة تمثل تحولا ثقافيا. الخوف هو أنه بمجرد مغادرة المؤسسين سيتدخل التكنوقراطيون وستحل إدارة مملة متبعة للقواعد محل الإبداع الذي يبني العالم. قد يكون هذا هو السبب وراء عدم تعيين إيلون ماسك رؤساء تنفيذيين جددا في شركاته، بما فيها "سبيس إكس" و"تسلا" و"تويتر".
فكرة أن الشركات تدار بشكل أفضل من الأشخاص الذين كانوا في المرآب أو غرفة النوم، حيث نشأت، تحظى بشعبية خاصة لدى أصحاب رأس المال المغامر في وادي السيليكون. كتب بن هورويتز، المؤسس المشارك لشركة رأس المال المغامر الشهيرة، أندرسون هورويتز، أن الشركة تفضل الرؤساء التنفيذيين المؤسسين لأنهم كانوا مفتاح الإبداع. كتب: "الابتكار جنوني تقريبا بحكم التعريف"، مضيفا أن "معظم الناس ينظرون إلى أي فكرة مبتكرة حقا على أنها غبية، لأنها إذا كانت فكرة جيدة، لكان شخص ما قد فعلها بالفعل".
في أساطير عالم التكنولوجيا، غالبا ما يرحب بعودة مؤسسين مثل ستيف جوبز إلى أبل وستيف هوفمان إلى ريديت باعتبارها لحظات استعادة رؤية الشركة.
لقد تلاشى بعض السحر مع إخفاقات مذهلة لمؤسسين مثل آدم نيومان من وي ويرك، وسام بانكمان فرايد من إف تي إكس. لقد حضرت عددا كافيا من حفلات العشاء التي تستضيفها شركات رأس المال المغامر لأعرف أن فكرة المؤسسين باعتبارهم سلالة منفصلة لا تزال شائعة. في الواقع، استخدم أحدهم تلك العبارة بالضبط في حديثه معي. قبل كل شيء، شاهد أندرسون هورويتز انهيار وي ويرك ولا يزال يختار دعم أحدث مشروع تجاري لنيومان.
يمكن أن تؤدي الرقابة المحدودة إلى معاقبة السلوك السيئ من جانب قادة الأعمال متقلبي المزاج. يمكن أن تؤدي أيضا إلى اختلالات هائلة في القوة، حتى في الشركات العامة. لكن من الصعب المجادلة ضد مجموعة أوجدت تريليون دولار من الأسهم، وأطلقت أفكارا مثل الحوسبة السحابية والبث والذكاء الاصطناعي.
توقير المؤسسين يجعل التكنولوجيا مسلية. الرئيس التنفيذي الجديد لشركة أمازون، آندي جاسي، من محبي الرياضة، حيث وضع أموالا في لعبة هوكي الجليد. هذا يتضاءل أمام الاستثمارات التي قام بها سلفه، التي تشمل شركة ناشئة لمكافحة الشيخوخة، والسفر عبر الفضاء، وساعة تخبرك عن الوقت لعشرة آلاف عام قادمة.
مع ذلك، في أغلب الأحيان، لا يجب أن يكون استبدال الرئيس التنفيذي المؤسس مدعاة للقلق. يمكن لشركات التكنولوجيا الراسخة أن تحقق نجاحا أكبر. وجد بحث أجراه أكاديميون في جامعة نورث كارولينا، في تشابل هيل، وجامعة كاليفورنيا في إيرفين ـ نشرته مجلة هارفارد بيزنس ريفيو ـ أن الشركات ذات الرؤساء التنفيذيين المؤسسين لديها تقييمات أعلى عند إدراجها. لكن هذه القيمة الإضافية لم تدم. على المدى الطويل، كان أداؤهم ضعيفا.
الأمر الجميل، وفقا للباحثين، هو رئيس تنفيذي خبير يختاره المؤسس. تشير أبل وألفابت إلى أن هذا صحيح. كلتاهما يديرها قائد أثبت ولاءه للشركة وتم تعيينه مع وضع الاستمرارية في الحسبان. انضم تيم كوك إلى أبل في 1998 ووصل سوندار بيتشاي إلى جوجل في 2004.
هذا يبشر بالخير لجاسي، الذي يعمل في أمازون منذ 1997 ويقول إنه لا يزال يتحدث إلى بيزوس أسبوعيا. لكن كانت لديه بداية غير مريحة في العمل. منذ توليه المنصب، انخفض سعر سهم أمازون نحو 40 في المائة.
قد تكون الحيلة هي محاكاة الثقة المدمرة التي اشتهر بها المؤسسون. في خطاب أرسله أخيرا إلى المساهمين، أعلن جاسي أن أفضل أيام أمازون قادمة. نجح في جعل شركة قيمتها تريليون دولار تبدو كأنها خاسرة من خلال الإشارة إلى أن 80 في المائة من مبيعات التجزئة العالمية لا تزال موجودة في المتاجر الفعلية. صدق المستثمرون ذلك. منذ نشر خطابه، ارتفعت أسهم أمازون.

الأكثر قراءة